قائمة بتواريخ الفشل العربي في الوحدة 1
في القرن التاسع عشر، ومع اضمحلال الدولة العثمانية التي كانت تسيطر على
أغلب المنطقة العربية، بدأت النزعة القومية العربية تظهر، ونشطت هذه النزعة
بعد ظهور حركة الطورانية المتعصبة للقومية التركية، على حساب الجمعية
الإسلامية، وضد العرب.
تزامن هذا مع صعود أعضاء جمعية الاتحاد والترقي إلى سدة الحكم في الدولة
العثمانية، وإعدام النشطاء الشوام الداعين للقومية العربية على يد الوالي
العثماني، جمال باشا، في سوريا ولبنان، عامي 1915 و1916.
ظلت القومية العربية فكرة في أذهان الكثيرين، لكنها تبلورت عام 1945 في
إنشاء جامعة الدول العربية، التي أسستها مصر، العراق، سوريا، الأردن،
لبنان، اليمن، والسعودية، ثم انضمت إليها باقي الدول.
في خمسينيات القرن العشرين، ومع ازدياد نفوذ حركات التحرر العربية من
الاستعمار الأوروبي، كانت الدعوة للقومية العربية مزدهرة، وبدأت تنشأ
اتحادات بين عدد من تلك الدول، لكنها انهارت جميعها، حتى سكنت المحاولات
لإقامة الوحدة مع حلول عقد التسعينيات، باستثناء نجاح تجربة توحيد اليمن
الشمالي مع الجنوبي في مايو 1990، وهي تجربة يصفها كثيرون من أبناء جنوب
اليمن بأنها كانت اتحاداً بالقوة.
الاتحاد العربي الهاشمي
في 14 فبراير 1958 قام الاتحاد العربي الهاشمي بين المملكة العراقية،
والمملكة الأردنية، وهو اتحاد كونفدرالي غير اندماجي، وساعد على قيامه أن
حاكمَي الدولتين، الملك فيصل الثاني والملك الحسين بن طلال، من أسرة واحدة
(الهاشمية)، وكانت رداً على الوحدة الاندماجية التي كانت تلوح في الأفق بين
مصر وسوريا، والتي كانت تحمل أفكاراً معادية للملكية، وللتوجهات الخارجية
للأردن والعراق وقتها.
انتهى الأمر بالإطاحة بالنظام الملكي في العراق على يد الجيش، وأعلن عبد
الكريم قاسم، في 16 يوليو من العام نفسه حل الاتحاد، واصفاً إياه بالفاسد
الذي كان يهدف إلى تدعيم الملكية ووقف حركة التحرر العربي، بحسب كتاب
"الدعوة القومية في المجتمع العربي" ليونس أحمد بطريق.
الجمهورية العربية المتحدة
في 22 فبراير 1958 وقع الرئيسان المصري جمال عبد الناصر والسوري شكري
القوتلي ميثاق الوحدة الاندماجية بين بلديهما، تحت اسم "الجمهورية العربية
المتحدة"، على أن يكون ناصر رئيساً للجمهورية، والقاهرة عاصمتها، وعلى أن
يتوحد برلمانا الدولتين تحت اسم مجلس الأمة ومقره القاهرة أيضاً. وكان خطاب
ناصر لإعلان دولة الوحدة من القاهرة تاريخياً:
وكذلك كان استقباله في سوريا:
انهارت دولة الوحدة بانقلاب عسكري سوري قاده عبد الكريم النحلاوي، المعروف
بعلاقاته بجماعة الإخوان المسلمين، في 28 سبتمبر 1961. وللمفارقة، مات جمال
عبدالناصر في ذكرى هذا اليوم عام 1970، لكن مصر ظلت محتفظة باسم
"الجمهورية العربية المتحدة" حتى عام 1971، ولا تزال سوريا تحتفظ بعلم
الوحدة إلى الآن، والذي تتوسطة نجمتان، رغم تخليها عن الإسم بعد انهيار
الوحدة.
يقول عبد الكريم الحسني في كتابه "القومية والديمقراطية والثورة" إن هناك
عوامل ساعدت على الانفصال، أهمها: تآمر دول أجنبية وعربية على دولة الوحدة؛
توسط إسرائيل بين الإقليمين الشمالي والجنوبي للدولة التي لا يوجد اتصال
بين أراضيها؛ تأميم الشركات والبنوك عام 1961؛ تذمر العمال السوريين من
نظرائهم المصريين الذين نزحوا إلى الإقليم الشمالي؛ إلغاء الأحزاب السياسية
في سوريا، وخضوعها لسلطة الحزب الواحد "الاتحاد القومي"؛ التفرقة في
معاملة المواطنين، وإذكاء روح التمييز من قبل جهاز المخابرات.
اتحاد الجمهوريات العربية
في 27 ديسمبر 1969 اجتمع الرئيس المصري جمال عبدالناصر والعقيد معمر
القذافي، قائد الثورة الليبية، ورئيس مجلس قيادة الثورة السودانية، جعفر
النميري، في طرابلس، ووقعوا ميثاقاً للتحالف بين الجمهوريات الثلاث.
لم ينته الأمر بوفاة جمال عبد الناصر في سبتمبر 1970، ولكن خرج السودان من التحالف.
وعقدت مباحثات بين الرئيس المصري أنور السادات، والقذافي، والرئيس السوري
حافظ الأسد، لعقد اتحاد بين الجمهوريات الثلاث، تحت اسم "اتحاد الجمهوريات
العربية"، بمقتضاه ينضوي الاتحاد تحت دستور واحد، وعلم واحد.
أقوال جاهزة
شارك غرد فشلت تجارب الوحدة العربية ولم يبقى منها سوى بعض الأبيات الشعرية وأغان للمناسبات تبدو غير واقعية
شارك غرد أحلام الوحدة العربية التي لم تصمد يوماً...
اتفقت الدول الثلاث على اتخاذ القرارات بالإجماع بين رؤسائها، والتنسيق في
التمثيل الدبلوماسي والقنصلي وتنظيم الدفاع والتكامل في مشاريع التنمية،
وإنشاء المجالس المتخصصة في شؤون السياسة الخارجية، والثقافة والتعليم،
والنقل والمواصلات، والبحث العلمي والاعلام، والخدمات والاقتصاد والتخطيط.
وفي 1 سبتمبر 1971، أجريت 3 استفتاءات في البلدان الثلاث، وجاءت الموافقة
كاسحة على الاتحاد؛ ففي مصر وافق 99.9%، وفي ليبيا وافق 98.6%، وفي سوريا
وافق 96.4%.
يقول عبد الكريم الحسني في كتابه "القومية والديمقراطية والثورة" إن
الاتحاد انحل عملياً بعد حرب 1973، لعدة أسباب؛ ففي مصر لم يكن أنور
السادات صادقاً في دعوته بقدر ما كان يريد تدعيم شرعيته أمام شعبه،
بالادعاء بأنه يسير على خط جمال عبد الناصر العروبي، وكذلك عارض الاتحاد
الاشتراكي، "التنظيم السياسي الوحيد في مصر"، الوحدة لأن الاتفاق لم يشرك
القوى الشعبية والسياسية في الأمر، والقرارات فيه اقتصرت على الرؤساء فقط.
وفي سوريا كان حافظ الأسد يريد فقط أن يخرج من عزلته بعد انقلابه العسكري،
وفي ليبيا عارضت القوات المسلحة الاتحاد واعتبرته مضيعة للوقت.
ودعم سقوط الاتحاد جنوح أنور السادات للتصالح مع إسرائيل بعد حرب أكتوبر، الأمر الذي كان يرفضه الأسد والقذافي.
الوحدة الاندماجية بين مصر وليبيا
لم يمض عام على قيام اتحاد الجمهوريات العربية، حتى عُقد اتفاق بين
الرئيسين المصري والليبي عام 1972 على قيام وحدة اندماجية بين البلدين، لكن
هذا الاتفاق لم يُنفذ على أرض الواقع، لأسباب كثيرة، منها تشكك السادات في
نوايا القذافي في السيطرة على الجمهورية الوليدة، حيث كان لا يزال شاباً
طموحاً، بينما كان السادات يكبره بأكثر من 20 عاماً، بالإضافة إلى اختلاف
التوجهات بينهما، خاصة بعد حرب أكتوبر، حين اتضحت ميول السادات نحو
الاعتراف بإسرائيل واتباع سياسات موالية للغرب، على العكس من القذافي، بحسب
ما ذكر لرصيف22 فاروق عشري، أمين التثقيف السابق بالحزب العربي الديمقراطي
الناصري.
الجمعة، 13 أكتوبر 2023
قائمة بتواريخ الفشل العربي في الوحدة 1
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق