بيتَ المقدِس
في السنة الخامسة عشرة للهِجرة فتحَ المُسلمون بيتَ المقدِس،
وقال البطارِقةُ: لا نُسلِّمُ مفاتِيحَ بيتِ المقدِس إلا للخليفة عُمر بن الخطَّاب،
فإنا نجِدُ صِفتَه في الكُتب المُقدَّسة، وجاء عُمرُ - رضي الله عنه
مِن المدينة المُنوَّرة إلى بيتِ المقدسِ، وتسلَّم مفاتِيحَه.
ولقد كتبَ التأريخُ بمِدادٍ مِن نُورٍ: أنه لم يهدِم صومَعَة، ولا كنيسَة، ولا معبَدًا،
ولا دارًا؛ بل تركَ للناسِ دُورَ عبادتِهم، وكتبَ لأهل البلد عهدًا وأمانة،
وأشهَدَ عليه، وشهِدَ التأريخُ أيضًا أن اليهود والنصارى عاشُوا أسعدَ فترةٍ
في ظلِّ حُكم المُسلمين، ومارَسُوا عبادتَهم بحريةٍ لم يجِدُوها في ظلِّ أيِّ حُكمٍ آخر.
فالإسلامُ دينُ الوسطيَّة والاعتِدال، والقِسطِ والشهادةِ على الناس،
وليس دينَ التطرُّف والإرهاب، وليس فيه عِداءٌ إلا لمَن ابتَدَرَ أهلَه بالحربِ والعِداء.
يا قُدسُ! لا تأسَيْ ففِي أجفَانِنا
ظِلُّ الحبيبِ وفي القُلوبِ جِنانُ
مَن يخدِمِ الحرمَين يأنَفُ أن يرَى
أقصَاكِ في صَلَفِ العدوِّ يُهانُ
أيها المُؤمنون:
التأريخُ للزمان مِرآة، وهو نافِذةُ الحاضِرِ على الماضِي، وسِجِلُّ الآنِي للآتِي،
ولم يُبرِز التأريخُ قضيَّةً تجلَّت فيها ثوابِتُنا الشرعيَّة، وحقوقُنا التأريخيَّة،
وأمجادُنا الحضاريَّة مِثلُ هذه القضيَّة،
وهي قضيَّتُنا الإسلاميَّةُ الأولى التي لا يجِبُ أن تُنسَى في جديدِ القضايا والصِّراعات.
إنها قضيَّةُ أُولَى القِبلَتَين، وثالِثُ المسجِدَين الشريفَين، ومسرَى سيِّد الثَّقَلَين،
قضيَّةُ الأقصَى المُبارَك التي لا يجِبُ أن تظلَّ في قلبِ كلِّ مُسلمٍ،
ولا يُقبَلُ التنازُلُ والتغاضِي والمُساوَمَةُ عليها يومًا مِن الأيام.
وليس ما قامَت به الصهيونيَّةُ العالميَّةُ عبرَ التأريخ بخافٍ على أهل الإسلام،
ولعلَّ ما شهِدَته الساحةُ الفلسطينيَّةُ على مدار الأيام الماضِية مِن أوضَحِ الدلائِلِ
في شُبُوبٍ على سجِيَّةِ القَوم وما يُكِنُّونَه لأمَّتِنا ومُقدَّساتِنا!
إنه لأمرٌ تبكِي له العيُون أسًى وأسَفًا، ولا مُساومَةَ البتَّة على شيءٍ مِن مُقدَّساتِنا،
ولا تنازُلَ عن شيءٍ مِن ثوابِتِنا.
لقد نكَأَت الأوضاعُ المُستجِدَّةُ الجِراحَ، فأينَ مِنَّا خالِدٌ وصلاحٌ؟!
أيَطِيبُ لنا عيشٌ، ويهدَأُ لنا بالٌ، ويرقَأُ لنا دمعٌ، ومُقدَّساتُنا تئِنُّ، وقُدسُنا تُنادِي،
وفِلسطينُنا تستنجِدُ، والأقصَى يستصرِخُ؟!
قلتُ: يا أقصَى سلامًا قال: هل عادَ صَلاحْ؟!
قـــــــال والدمعُ يَفيضُ: هدَّنِي طعنُ الرِّماحْ
هــــــدَّنِي ظُلمُ اليَهُودِ والثَّرَى أضحَى مُباحْ
أمة الإسلام:
أيُّها الإخوة المُرابِطُون على ثرَى فِلسطين الصامِدة، أرضِ العِزِّ والشُّمُوخ والفِداء،
والتضحِية والإباء! لَكَم نُخاطِبُكم مِن المكان الذي يُمثِّلُ حلقَةَ الوَصلِ بين أبناءِ هذه الأمة.
فواللهِ الذي لا إله إلا هو؛ إنه ليُرمِضُنا ويُقِضُّ مضاجِعَنا أن أقصانَا أسِيرٌ
بأيدِي البُغاة الطُّغاة العُتاة، فما نذكُرُ الأقصَى - أقَرَّ الله الأعيُنَ بفكِّ أَسْرِه،
وقُربِ تحريرِه - إلا وتعتصِرُ قلوبُنا حسرةً وأسًى على ما جرَى له
ويجرِي مِن هؤلاء الصهايِنة المُعتَدين. فضيَّتُكم قضيَّتُنا،
وهَزَّةُ انتِفاضتِكم هَزَّةُ قُلوبِنا، ومُصابُكم مُصابُنا.
فصبرًا صبرًا - أيها المُرابِطُون -، لقد سطَّر جهادُكم المُبارَك بأحرُفِ العزِّ والنصرِ
والشرفِ أروعَ النماذِج في التأريخ المُعاصِر. فبُورِكتُم مِن رِجالٍ،
ولله درُّكُم مِن أبطالٍ، لقد أعَدتُم في الأمة الآمال، وصدَّقتُم الأقوالَ بالأفعَال.
ثِقُوا بنصرِ الله لكم متى ما نصَرتُم دينَه،
{ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }
[ الروم: 47 ].
وهنِيئًا لكم بَذلُ الأرواح رخيصَةً في سبيلِ الله، ودُعاؤُنا مِن سُويدَاء القُلوبِ
أن يتقبَّل الله شُهداءَكم، وأن يكتُبَ لمرضاكم وجرحَاكم عاجِلَ الشفاء والعافِية.
ولا تيأسُوا مِن رَوحِ الله؛ فالنصرُ قادِمٌ - بإذن الله -،
وإن الأمةَ لتتطلَّعُ إلى مراحِلِ العملِ والمنهجيَّة، والمواقِفِ والتأصِيلِ،
فلم تعُد تُجْدِي الكلماتُ ولا التنظيرُ.
وإن مسؤوليَّةَ صلاح أحوالِ الأمة والخُروجِ بها مِن مآزِقِها مسؤوليَّةُ المُسلمين جميعًا،
في خُطًى حثِيثَة في العقيدة والعلم، والعقل والحِكمة؛
ليتحقَّقَ للأمة وعدُ الله الذي لا يتخلَّف.
وإننا لنأمَلُ أن تكون مصائِبُ الأمة سحابةَ صَيفٍ، عما قريبٍ تنقشِع،
فالنصرُ للإسلام وأهلِه، فليَقَرَّ المُسلمون بذلك عَينًا، ومِن الله وحدَه
نستلهِمُ النصرَ والتمكينَ.
حفِظَ الله عقيدتَنَا وأمَّتَنا وقِيادتَنا ومُقدَّساتِنا مِن كيدِ الأعداء،
إن ربِّي سميعٌ مُجيبُ الدعاء.
أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم:
{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }
[ الحج: 40، 41 ].
في السنة الخامسة عشرة للهِجرة فتحَ المُسلمون بيتَ المقدِس،
وقال البطارِقةُ: لا نُسلِّمُ مفاتِيحَ بيتِ المقدِس إلا للخليفة عُمر بن الخطَّاب،
فإنا نجِدُ صِفتَه في الكُتب المُقدَّسة، وجاء عُمرُ - رضي الله عنه
مِن المدينة المُنوَّرة إلى بيتِ المقدسِ، وتسلَّم مفاتِيحَه.
ولقد كتبَ التأريخُ بمِدادٍ مِن نُورٍ: أنه لم يهدِم صومَعَة، ولا كنيسَة، ولا معبَدًا،
ولا دارًا؛ بل تركَ للناسِ دُورَ عبادتِهم، وكتبَ لأهل البلد عهدًا وأمانة،
وأشهَدَ عليه، وشهِدَ التأريخُ أيضًا أن اليهود والنصارى عاشُوا أسعدَ فترةٍ
في ظلِّ حُكم المُسلمين، ومارَسُوا عبادتَهم بحريةٍ لم يجِدُوها في ظلِّ أيِّ حُكمٍ آخر.
فالإسلامُ دينُ الوسطيَّة والاعتِدال، والقِسطِ والشهادةِ على الناس،
وليس دينَ التطرُّف والإرهاب، وليس فيه عِداءٌ إلا لمَن ابتَدَرَ أهلَه بالحربِ والعِداء.
يا قُدسُ! لا تأسَيْ ففِي أجفَانِنا
ظِلُّ الحبيبِ وفي القُلوبِ جِنانُ
مَن يخدِمِ الحرمَين يأنَفُ أن يرَى
أقصَاكِ في صَلَفِ العدوِّ يُهانُ
أيها المُؤمنون:
التأريخُ للزمان مِرآة، وهو نافِذةُ الحاضِرِ على الماضِي، وسِجِلُّ الآنِي للآتِي،
ولم يُبرِز التأريخُ قضيَّةً تجلَّت فيها ثوابِتُنا الشرعيَّة، وحقوقُنا التأريخيَّة،
وأمجادُنا الحضاريَّة مِثلُ هذه القضيَّة،
وهي قضيَّتُنا الإسلاميَّةُ الأولى التي لا يجِبُ أن تُنسَى في جديدِ القضايا والصِّراعات.
إنها قضيَّةُ أُولَى القِبلَتَين، وثالِثُ المسجِدَين الشريفَين، ومسرَى سيِّد الثَّقَلَين،
قضيَّةُ الأقصَى المُبارَك التي لا يجِبُ أن تظلَّ في قلبِ كلِّ مُسلمٍ،
ولا يُقبَلُ التنازُلُ والتغاضِي والمُساوَمَةُ عليها يومًا مِن الأيام.
وليس ما قامَت به الصهيونيَّةُ العالميَّةُ عبرَ التأريخ بخافٍ على أهل الإسلام،
ولعلَّ ما شهِدَته الساحةُ الفلسطينيَّةُ على مدار الأيام الماضِية مِن أوضَحِ الدلائِلِ
في شُبُوبٍ على سجِيَّةِ القَوم وما يُكِنُّونَه لأمَّتِنا ومُقدَّساتِنا!
إنه لأمرٌ تبكِي له العيُون أسًى وأسَفًا، ولا مُساومَةَ البتَّة على شيءٍ مِن مُقدَّساتِنا،
ولا تنازُلَ عن شيءٍ مِن ثوابِتِنا.
لقد نكَأَت الأوضاعُ المُستجِدَّةُ الجِراحَ، فأينَ مِنَّا خالِدٌ وصلاحٌ؟!
أيَطِيبُ لنا عيشٌ، ويهدَأُ لنا بالٌ، ويرقَأُ لنا دمعٌ، ومُقدَّساتُنا تئِنُّ، وقُدسُنا تُنادِي،
وفِلسطينُنا تستنجِدُ، والأقصَى يستصرِخُ؟!
قلتُ: يا أقصَى سلامًا قال: هل عادَ صَلاحْ؟!
قـــــــال والدمعُ يَفيضُ: هدَّنِي طعنُ الرِّماحْ
هــــــدَّنِي ظُلمُ اليَهُودِ والثَّرَى أضحَى مُباحْ
أمة الإسلام:
أيُّها الإخوة المُرابِطُون على ثرَى فِلسطين الصامِدة، أرضِ العِزِّ والشُّمُوخ والفِداء،
والتضحِية والإباء! لَكَم نُخاطِبُكم مِن المكان الذي يُمثِّلُ حلقَةَ الوَصلِ بين أبناءِ هذه الأمة.
فواللهِ الذي لا إله إلا هو؛ إنه ليُرمِضُنا ويُقِضُّ مضاجِعَنا أن أقصانَا أسِيرٌ
بأيدِي البُغاة الطُّغاة العُتاة، فما نذكُرُ الأقصَى - أقَرَّ الله الأعيُنَ بفكِّ أَسْرِه،
وقُربِ تحريرِه - إلا وتعتصِرُ قلوبُنا حسرةً وأسًى على ما جرَى له
ويجرِي مِن هؤلاء الصهايِنة المُعتَدين. فضيَّتُكم قضيَّتُنا،
وهَزَّةُ انتِفاضتِكم هَزَّةُ قُلوبِنا، ومُصابُكم مُصابُنا.
فصبرًا صبرًا - أيها المُرابِطُون -، لقد سطَّر جهادُكم المُبارَك بأحرُفِ العزِّ والنصرِ
والشرفِ أروعَ النماذِج في التأريخ المُعاصِر. فبُورِكتُم مِن رِجالٍ،
ولله درُّكُم مِن أبطالٍ، لقد أعَدتُم في الأمة الآمال، وصدَّقتُم الأقوالَ بالأفعَال.
ثِقُوا بنصرِ الله لكم متى ما نصَرتُم دينَه،
{ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }
[ الروم: 47 ].
وهنِيئًا لكم بَذلُ الأرواح رخيصَةً في سبيلِ الله، ودُعاؤُنا مِن سُويدَاء القُلوبِ
أن يتقبَّل الله شُهداءَكم، وأن يكتُبَ لمرضاكم وجرحَاكم عاجِلَ الشفاء والعافِية.
ولا تيأسُوا مِن رَوحِ الله؛ فالنصرُ قادِمٌ - بإذن الله -،
وإن الأمةَ لتتطلَّعُ إلى مراحِلِ العملِ والمنهجيَّة، والمواقِفِ والتأصِيلِ،
فلم تعُد تُجْدِي الكلماتُ ولا التنظيرُ.
وإن مسؤوليَّةَ صلاح أحوالِ الأمة والخُروجِ بها مِن مآزِقِها مسؤوليَّةُ المُسلمين جميعًا،
في خُطًى حثِيثَة في العقيدة والعلم، والعقل والحِكمة؛
ليتحقَّقَ للأمة وعدُ الله الذي لا يتخلَّف.
وإننا لنأمَلُ أن تكون مصائِبُ الأمة سحابةَ صَيفٍ، عما قريبٍ تنقشِع،
فالنصرُ للإسلام وأهلِه، فليَقَرَّ المُسلمون بذلك عَينًا، ومِن الله وحدَه
نستلهِمُ النصرَ والتمكينَ.
حفِظَ الله عقيدتَنَا وأمَّتَنا وقِيادتَنا ومُقدَّساتِنا مِن كيدِ الأعداء،
إن ربِّي سميعٌ مُجيبُ الدعاء.
أعوذُ بالله مِن الشيطان الرجيم:
{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }
[ الحج: 40، 41 ].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق