- نشر الحبِّ والألفة بين المؤمنين.
2- أنه يعين العاصي على أن يتدارك نفسه، ويتوب إلى
الله توبةً نصوحًا،
وبالعكس فلو فُضِح وشُهِّر به، لكان في هذا إعانة
للشَّيطان عليه،
حيث يدفعه إلى مزيد من المعاصي
والآثام.
3- أنَّ فَضْح النَّاس وخاصة أهل الفضل منهم إن بدت منهم
زلَّة أو هفوة
قد
يجرِّئ كثيرًا من عوام النَّاس على المعاصي.
4- أنَّ نفس السَّاتر تزكو، ويرضى عنه الله، ويَسْتُره
في الدُّنيا والآخرة.
متى ينبغي السَّتْر على المسلم
؟
ينبغي على المسلم أن يَسْتر إخوانه المسلمين،
وخاصَّةً إذا كانوا من ذوي الهيئات، وممَّن ليسوا
معروفين بالأذى والفساد،
أمَّا إذا كانوا معروفين بالفساد، ويجاهرون به، فلا
يَسْتُر عليهم.
يقول ابن تيمية :
[ فمن أظهر المنكر، وجب عليه الإنكار، وأن يُهْجَر
ويُذَمَّ على ذلك.
فهذا معنى قولهم: من ألقى جلباب الحياء، فلا غيبة له.
بخلاف من كان مُسْتَتِرًا بذنبه، مُسْتَخْفيًا، فإنَّ
هذا يُسْتَر عليه؛
لكن يُنْصَح سِرًّا، ويَهْجُره من عرف حاله، حتَّى
يتوب،
ويَذْكر أمره على وجه النَّصيحة
]
وقال النَّووي:
[ وأمَّا السَّتر المندوب إليه هنا، فالمراد به:
السَّتر على ذوي الهيئات ونحوهم،
ممَّن ليس هو معروفًا بالأذى والفساد، فأمَّا المعروف
بذلك،
فيُسْتَحبُّ أن لا يُسْتَر عليه، بل تُرْفَع قضيته
إلى وليِّ الأمر،
إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأنَّ السِّتر على هذا
يُطْمِعه في الإيذاء والفساد
وانتهاك الحرمات، وجسارة غيره على مثل فعله.
هذا كلُّه في سِتْر معصية وقعت وانقضت، أمَّا معصية
رآه عليها،
وهو بعد متلبِّسٌ بها، فتجب المبادرة بإنكارها عليه،
ومنعه منها على من قَدر على ذلك، ولا يحلُّ تأخيرها،
فإن عجز،
لزمه رفعها إلى ولي الأمر، إذا لم تترتَّب على ذلك
مفسدة،
وأمَّا جَرْح الرُّواة والشُّهود والأُمناء على
الصَّدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم،
فيجب جَرْحُهم عند الحاجة، ولا يحلُّ السِّتر عليهم
إذا رأى منهم
ما يقدح في أهليتهم، وليس هذا من الغيبة المحرَّمة،
بل من النَّصيحة الواجبة،
وهذا مُجْمَعٌ عليه، قال العلماء في القسم الأوَّل
-الذي يُسْتَر فيه-:
هذا السِّتر مندوب، فلو رفعه إلى السُّلطان ونحوه،لم
يأثم بالإجماع،
لكن هذا خلاف الأولى، وقد يكون في بعض صوره ما هو
مكروه، والله أعلم ]
وقال ابن رجب:
[ واعلم أنَّ النَّاس على ضربين:
أحدهما: من كان مَسْتُورًا، لا يُعْرَف بشيء من
المعاصي، فإذا وقعت منه هَفْوة،
أو زلَّة، فإنَّه لا يجوز كشفها، ولا هتكها، ولا
التَّحدث بها؛ لأنَّ ذلك غيبة محرَّمة،
وهذا هو الذي وردت فيه النصوص، وفي ذلك قد قال الله
تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ
الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ }
[ النُّور: 19 ]
والمراد: إشاعة الفاحشة على المؤمن المسْتَتِر فيما
وقع منه،
أو اتُّهم به وهو بريء منه، كما في قصَّة الإفك.
قال بعض الوزراء الصَّالحين لبعض من يأمر
بالمعروف:
اجتهد أن تَسْتُر العصاة، فإنَّ ظهور معاصيهم، عيب في
أهل الإسلام،
وأولى الأمور ستْر العيوب، ومثل هذا لو جاء تائبًا
نادمًا وأقرَّ بحدٍّ، ولم يفسِّره،
لم يُسْتَفْسَر، بل يؤمر بأن يرجع ويَسْتر نفسه،
كما أمر النَّبي صلى الله عليه وسلم ماعزًا
والغامديَّة، وكما لم يَسْتَفْسر الذي قال:
أصبت حدًّا، فأقمه علي. ومثل هذا لو أُخِذ بجريمته،
ولم يبلغ الإمام،
فإنَّه
يُشْفَع له، حتَّى لا يبلغ الإمام.
والثَّاني: من كان مُشْتَهِرًا بالمعاصي، معلنًا بها،
لا يبالي بما ارتكب منها،
ولا
بما قيل له، فهذا هو الفاجر المعْلن، وليس له غيبة،
كما نصَّ على ذلك الحسن البصري وغيره، ومثل هذا لا
بأس بالبحث عن أمره؛
لتقام عليه الحدود. صرَّح بذلك بعض أصحابنا،
واستدل بقول النَّبي صلى الله عليه وسلم:
( واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت، فارجمها )
ومثل هذا لا يُشْفَع له إذا أُخِذ، ولو لم يبلغ
السُّلطان،
بل يُتْرك حتَّى يُقَام عليه الحدُّ، لينكفَّ شرُّه،
ويَرْتَدع به أمثاله.
قال مالك: من لم يُعرف منه أذى للناس، وإنَّما كانت
منه زلَّة،
فلا
بأس أن يُشْفع له، ما لم يبلغ الإمام، وأمَّا من عُرِف بشَرٍّ أو
فساد،
فلا أحبُّ أن يشفع له أحد، ولكن يُتْرك حتَّى يُقَام
عليه الحدُّ.
حكاه
ابن المنذر وغيره.
وكره الإمام أحمد رَفْع الفُسَّاق إلى السُّلطان
بكلِّ حال، وإنَّما كرهه؛
لأنَّهم غالبًا لا يقيمون الحدود على وجهها، ولهذا
قال:
إن عَلِمت أنَّه يقيم عليه الحدَّ فارفعه، ثمَّ ذكر
أنَّهم ضربوا رجلًا، فمات، يعني:
أنَّه لم يكن قَتْلُه جائزًا.
ولو تاب أحد من الضَّرب الأوَّل، كان الأفضل له أن
يتوب
فيما بينه وبين الله تعالى، ويَسْتُر على
نفسه.
وأما الضَّرب الثَّاني، فقيل: إنَّه كذلك، وقيل: بل
الأولى له أن يأتي الإمام،
ويقرَّ على نفسه بما يوجب الحدَّ، حتَّى يطهِّره
]
السَّتْرُ لا يعني ترك إنكار
المنكر:
لا يعني السَّتْر ترك الإنكار على من تَسْتُره فيما
بينك وبينه،
وإذا أنكرت عليه، ونصحته، فلم ينتهِ عن قبيح فعله،
ثمَّ جَاهَر به جازت الشَّهاده عليه بذلك، كما ذكر
ذلك العلماء،
وقد فرَّق ابن حجر بين مَحَلِّ السَّتر والإنكار،
قال: والذي يظهر أنَّ السَّتر محلُّه في معصية قد
انقضت،
والإنكار في معصية قد حَصل التَّلبُّس بها، فيجب
الإنكار عليه،
وإلَّا رفعه إلى الحاكم، وليس من الغيبة المحرَّمة،
بل من النَّصيحة الواجبة .
وينبغي أن تكون النَّصيحة سرًّا ولا تكون أمام
الملأ.
يقول الشافعي في ذلك :
تَـعَـمَّـدنــي بـنـصــحــك فـــي
انــفــرادي
وجـنِّـبـنـي الـنَّـصـيـحـة فـي
الـجـمـاعـهْ
فـــإنَّ الـنُّــصــح بــيــن الــنَّــاس
نــــوع
مــن الـتَّـوبـيــخ لا أرضــى
اسـتـمـاعــه
وإن خـالـفـتــنــي وعــصــيــت
قــولـــي
فـــلا تــجـــزع إذا لــــم تُــعـــط
طــاعـــهْ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق