أيها
الأخ الحبيب: يا من زاره المرض، وسكن ببدنه البلاء، يا من يعاني الألم،
ويقاسي الشدة؛ اعلم أن المرض هو سبيل كل بني آدم من ذكر وأنثى، لا يفر منه
غني بغناه، ولا يدفعه قوي بقوته وجاهه، كيف لا وقد مرض الأنبياء، وعانى من
المشقة الأولياء، وتعب الحكماء، وقاسى الألم الشعراء، والأغنياء والفقراء،
والأذكياء والأغبياء.
هذا
سيد الأولياء، وخير الأنبياء، أجلُّ الرسل، وأكرم الخلق؛ يقول عنه عبد
الله ابن مسعود - رضي الله عنه -: "دخلت على رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - وهو يوعك، فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكًا شديدًا؟ قال: ((أجل
إني أوعك كما يوعك رجلان منكم)) قلت: ذلك بأن لك أجرين؟ قال: ((أجل ذلك
كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكةٌ فما فوقها إلا كفَّر الله بها سيآته كما
تحط الشجرة ورقها))1.
فإذا
كان أجلُّ الخلق يوعك هكذا فكل مرض يهون بعد مرضه - صلى الله عليه وسلم -،
وكل مصيبة بعده تهون، بل إن قوة المرض يدل على قوة إيمان صاحبه - إن كان
مسلمًا مستقيمًا - كما جاء عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنه دخل
على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو موعوك عليه قطيفة، فوضع يده عليه
فوجد حرارتها فوق القطيفة، فقال أبو سعيد: ما أشد حماك يا رسول الله، قال:
((إنا كذلك، يشتد علينا البلاء، ويضاعف لنا الأجر)) فقال: يا رسول الله أي
الناس أشد بلاء؟ قال: ((الأنبياء ثم الصالحون، وقد كان أحدهم يبتلى بالفقر
حتى ما يجد إلا العباءة يجوبُها - يقطعها - فيلبسها، ويبتلى بالقمل حتى
يقتله، ولأحدهم كان أشد فرحًا بالبلاء مِن أحدكم بالعطاء)).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق