عن ابن عمر رضي الله عنهما قال
:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
( إنِّي لأمزح، ولا أقول إلَّا حقًّا
)
قال المناوي وهو يشرح هذا
الحديث:
إنِّي لأمزح. أي: بالقول، وكذا بالفعل، وتخصيصه
بالأوَّل ليس عليه مُعَوَّل.
ولا أقول إلَّا حقًّا لعصمتي عن الزَّلل في القول
والعمل، وذلك كقوله لامرأة...
( لا يدخل الجنَّة عجوز )
وقوله لأخرى:
( لأحملنَّك على ولد النَّاقة
)
وقيل لابن عيينة: المزَاح سُبَّة. فقال: بل سُنَّة،
ولكن مَن يُحْسِنه.
وإنَّما كان يمزح لأنَّ النَّاس مأمورون بالتَّأسِّي
به، والاقتداء بهديه،
فلو ترك اللَّطافة والبشاشة، ولزم العُبُوس
والقُطُوب،
لأخذ النَّاس مِن أنفسهم بذلك على ما في مخالفة
الغريزة من الشَّفَقة والعناء،
فمَزح ليمزحوا .
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال
:
حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
أنهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في مسير
فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى نبل معه،
فأخذها،
فلما استيقظ الرجل فزع فضحك القوم فقال: ما
يضحككم؟
فقالوا: لا إلا أنَّا أخذنا نبل هذا
ففزع،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
:
( لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا
)
قال الطَّحاوي:
ففي هذا الحديث، ذكر ما فعله الرَّجل المذكور
فيه،
مِن أَخْذ كِنَانة صاحبه -ليرْتَاع بفقدها- على أنَّ
ذلك عنده مباحٌ له،
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند
ذلك:
( لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا
)
فكان قوله ذلك له -بعد فعله ما فعله- ممَّا هو من ما
كان فعله نُعَيْمان بسويبط،
وما كان فعله عبد الله بن حذافة -في حديث علقمة
المدلجي-
بأصحابه ليضحكوا من ذلك،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ليلى
لفاعل
ما ذُكر فعله إيَّاه فيه:
( لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا
)
فكان ذلك تحريمًا منه لمثل ذلك، ونسخًا لما كان قد
تقدَّمه،
ممَّا ذكرناه في هذا الباب، ممَّا تعلَّق به من
تعلَّق ممَّن يذهب إلى إباحة مثله،
إن كان مباحًا حينئذ، واللهَ نسأله التوفيق
.
-
عن أنس بن مالك رضي الله عنه،
قال:
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسنَ الناسِ
خُلُقًا،
وكان لي أخٌ يُقالُ له أبو عُمَيرٍ -قال: أحسِبُه-
فَطيمٌ، وكان إذا جاء قال:
( يا أبا عُمَيرٍ، ما فعَل النُّغَيرُ ؟ نُغَرٌ كان
يَلعَبُ به )
قال ابن حجر وهو يعدِّد فوائد
الحديث:
وفيه جواز الممَازَحة، وتكرير المزْح، وأنَّها إباحة
سنَّة لا رخصة،
وأنَّ مُمَازَحة الصَّبي الذي -لم يميِّز- جائزة،
وتكرير زيارة الممْزُوح معه،
وفيه ترك التَّكبُّر والتَّرفُّع، والفرق بين كون
الكبير في الطَّريق فيتَوَاقَر،
أو في البيت فيَمْزَح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق