عن أنس رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( انصر أخاك ظالـمًا، أو مَظْلومًا.
فقال رجل: يا رسول الله،أنصره إذا كان
مَظْلومًا،
أفرأيت إذا كان ظالـمًا، كيف أنصره؟ قال: تَحْجُزُه،
أو تمنعه من الظُّلم،
فإنَّ ذلك نَصْره )
قال العلائي:
هذا من بليغ الكلام، الذي لم يُنْسج على منواله،
وأو للتَّنويع والتَّقسيم، وسمِّي رَدُّ المظالم
نَصْرًا؛ لأنَّ النَّصْر هو العون،
ومنع الظَّالم عون له على مصلحته، والظَّالم مَقْهور
مع نفسه الأمَّارة،
وهي في تلك الحالة عاتية عليه، فردُّه عونٌ له على
قَـهْرها،
ونُصْرةٌ له عليها .
وقد رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه أيضًا بلفظ:
( لينصر الرَّجل أخاه ظالـمًا أو مَظْلومًا، إن كان
ظالـمًا فلينهه،
فإنَّه له نَصْرٌ، وإن كان مَظْلومًا فلينصره
)
قال البيهقي:
معنى هذا: أنَّ الظَّالم مظْلوم من جهته، كما قال
الله عزَّ وجلَّ:
{ وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
}
فكما ينبغي أن يُنْصر المظْلوم -إذا كان غير نفس
الظَّالم ليدفع الظُّلم عنه
كذلك ينبغي أن يُنْصر إذا كان نفس الظَّالم؛ ليدفع
ظلمه عن نفسه .
وقال ابن بطَّال:
النَّصْر عند العرب الإعانة، وتفسيره لنَصْر
الظَّالم: بمنعه من الظُّلم؛
من تسمية الشَّيء بما يؤول إليه، وهو من وجيز البلاغة
.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:
[ أمرنا بسبع: بعيادة المريض، واتِّباع الجنائز،
وتشميت العاطس،
وردِّ
السَّلام، وإجابة الدَّاعي، وإِبْرَار المقْسِم، ونَصْر المظْلوم
]
وقال صلى الله عليه وسلم:
( من نَصَر أخاه بظَهْر الغيب، نَصَره الله في
الدُّنْيا والآخرة )
وعن
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما :
أنَّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( المسلم أخو المسلم، لا يَظْلِمه، ولا يُسْلِمه،
ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته،
ومن فرَّج عن مسلم كُرْبة، فرَّج الله عنه كُرْبة من
كُرُبات يوم القيامة،
ومن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة )
قال الحافظ ابن حجر:
قوله لا يَظْلِمه هو خَبَر بمعنى الأمر، فإنَّ ظُلم
المسلم للمسلم حرام،
وقوله:ولا يُسْلِمه أي:
لا يتركه مع من يُؤذيه، ولا فيما يُؤذيه، بل يَنْصُره،
ويدفع عنه، وهذا أخصُّ مِنْ تَرْك الظُّلم
.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
( لما رَجَعَت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
مُهَاجرة البحر،
قال: ألا تُحَدِّثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟
قال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينا نحن جلوس
مرَّت بنا
عجوز من عجائز رهابينهم، تحمل على رأسها قُلَّة من
ماء،
فمرَّت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثمَّ
دفعها،
فخرَّت على ركبتيها، فانكسرت قلَّتها، فلمَّا ارتفعت،
التفتت إليه،
فقالت: سوف تعلم -يا غُدر- إذا وضع الله الكرسيَّ،
وجمع الأولين والآخرين،
وتكلَّمت الأيدي والأرجل بما كانوا
يكسبون،
فسوف
تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدًا،
قال: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: صَدَقَت
صَدَقَت،
كيف يقدِّس الله أمَّة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟!
)
وقال المناوي:
استخبار فيه إنكار وتعجُّب،
أي:
أخبروني كيف يُطهِّر
الله قومًا لا ينصرون العاجز الضَّعيف على الظَّالم
القويِّ، مع تمكُّنهم من ذلك؟ أي: لا يطهِّرهم الله
أبدًا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق