قصة أعجبتني لأن في طياتها الكثير من العبر والفوائد ولاسيما الرضا
بقضاء الله وماأعطانا ربنا وكل مايحدث معنا في هذه الدنيا هو خير لنا
ولكن تغفل عن معرفة الحكمة منه عقولنا
في أقاصي بلاد الهند :
حكم ملك مدينة تلفها الغابات من كل جانب ، وتظلها اﻷشجار العالية ،
وقد وصف هذا الملك بالغضب السريع والنزق الشديد .وقد كان لدى الملك
وزير أتاه الله من الحكمة سعة ومن رجاحة العقل بسطة ، وكان دائم
النصح للملك ، وقانعًا بقضاء الله وقدره ، وفي كل أمور حياته يقول
بلسان حاله :
( كله خير )
حتى ولو كانت مصائب شديدة أو بلايا عاتية .وفي يوم من أيام الربيع
الجميلة قرر الملك الخروج في رحلة صيد ، واصطحب معه وزيره الحكيم
، ودخل الملك الغابة وأخذ يصطاد العصافير والطيور والغزلان . وظلوا
على حالهم تلك حتى قرب النهار على نهايته ،وقرروا العودة إلى المدينة ،
وفجأة يقفز قرد ذو أسنان قوية ، ويعض أصبع الملك الوسطى فيقطعها ،
ويصرخ الملك صرخة تعبر عن ألم شديد
ينظر الوزير في الملك ويقول له قولته المشهورة عنه :
( كله خير )
عندها يحمر وجه من الغضب متأثرًا بكلام الوزير ، ظنًا منه بأن الوزير
يشمت منه فأمر جنوده أن يعتقلوا الوزير ، ثم فور عودته ألقاه في سجن
انفرادي ، وفرض عليه أقسى شروط الحياة في السجن ، ولا يفتأ الوزير
عن قوله :
( كله خير )
ومرت عدة سنوات ، ونسي الوزير في غياهب السجن ، وعاش الملك
حياته الطبيعية بدون أصبع وفي أحد اﻷيام قرر الملك الخروج إلى الصيد
مرة أخرى ، وفعلا توغل الملك في الغابة مسافة بعيدة ، وفي قمة سعادته
وانشراحه حاوطهم فجأة عصابة كثيرة من الهنود الحمر أكالي لحوم
البشر ، واعتقلوا الملك وجنوده ثم ربطوهم ووضعوهم في أقفاص ،
ثم أخذوا يحضروا النار لطهيهم وأكلهم ، وقام كبيرهم بفحص الملك
وجنوده ، ويصل إلى الملك وينظر إلى يده فيجدها بلا أصبع ، فينادي
جماعته ويأمرهم بفك قيد الملك وإطلاقه ، حيث كانوا لا يأكلون إلا الجسم
الصحيح السليم .
تذكر الملك كلام وزيره الحكيم ، وندم على ظلمه له وإلقائه في السجن ،
وتبين له حكمة كلامه وصوابة قوله ، فلو لم يقطع القرد أصبعه لأكله
الهنود الحمر ، ولو لم يوضع الوزير في السجن لأكله الهنود الحمر كذلك
وفور عودته أخرج الوزير وكرمه وقربه منه ، وطلب منه أن يفتتح
مدارس لتعليم الحكمة فإنها أحوج ما يكون الناس لها.
فلنتحلى بالصبر فهو خير
زاد لنا وينفعنا في حياتنا وآخرتنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق