دخل عمر بن عبد العزيز على سليمان بن عبد الملك وعنده
أيوب ابنه –
وهو يومئذ وليُّ عهده، قد عُقِد له من بعده -، فجاء
إنسان يطلب ميراثًا
من بعض نساء الخلفاء،
فقال سليمان: ما إخال النِّساء يرثن في العقار شيئًا.
فقال عمر بن عبد العزيز: سبحان الله، وأين كتاب الله؟
فقال: يا غلام، اذهب فأْتني بسجلِّ عبد الملك بن
مروان الذي كتب في ذلك،
فقال له عمر: لكأنَّك أرسلت إلى المصحف؟
قال أيوب: والله ليوشكنَّ الرَّجل يتكلَّم بمثل هذا
عند أمير المؤمنين،
ثمَّ لا يشعر حتى تفارقه رأسه،
فقال له عمر: إذا أفضى الأمر إليك وإلى مثلك،
فما يدخل على هؤلاء أشدُّ مما خشيت أن يصيبهم من هذا،
ف
قال سليمان: مه، ألأبي حفص تقول هذا؟
قال عمر: والله لئن كان جَهِل علينا -يا أمير
المؤمنين- ما حَلُمنا عنه
-
وجاء إليه رجل متَّزر بِبُرْد قَطَري، متعصِّب بآخر،
حتى أخذ بلجام بغلته، ما يُنَهْنِهه أحدٌ،
فقال:
تدعون حرَّان مَظْلومًا ليأتيكم
فقد أتاكم لعند الدَّار
مظْــــلوم
فقال ممن أنت؟
قال: من أهل حضرموت.
قال: ما ظُلَامتك؟
قال: أرضي وأرض آبائي أخذها الوليد وسليمان، فأكلاها.
فنزل عمر عن دابَّته يتكئ حتى جلس بالأرض،
فقال: من يعلم ذلك؟
قال: أهل البلد قاطبة.
قال: يكفيني من ذلك شاهدا عدلٍ، اكتبوا له إلى بلاده،
إن أقام شاهدي عدلٍ، اكتبوا على أرضه وأرض آبائه
وأجداده،
فادفعوها إليه. فحسب الوليد وسليمان ما أكلا من
غلَّتها، فلمَّا ولَّى الرَّجل،
قال: هلمَّ، هل هلكت لك من راحلة؟ أو أَخْلق لك من
ثوب؟ أو نفذ لك من زاد؟
أو تخرَّق لك من حِذاء؟ فحَسَب ذلك،
فبلغ اثنين وثلاثين دينارًا، أو ثلاثة وثلاثين
دينارًا،
فأتى بها من بيت المال، فكأنِّي أنظر إليها تُعدُّ في
يده .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق