كما في (الصحيحين ) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لَيْسَ أَحَدٌ أَوْ لَيْسَ شَيْءٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ
إِنَّهُمْ لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لَيُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ )
ومن حلمه سبحانه بأصحاب الأخدود قوله تعالى :
{ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا
فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }
(البروج ١٠) ،
قال الحسن البصري رحمه الله -:
انظروا إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة
،كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :
(كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال :
اللهم لك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض ومن فيهنّ،
ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهنّ ،
ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض،
ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ،
ولك الحمد أنت الحق،
ووعدك الحق ،ولقاؤك حق،وقولك حق ،
والجنة حق ،والنار حق ،والنبيون حق ،
ومحمد صلى الله عليه وسلم حق،والساعة حق ،
اللهم لك أسلمت ،وبك آمنت ،وعليك توكلت ،
وإليك أنبت،وبك خاصمت ،وإليك حاكمت ،
فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ،
أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت )
متفق عليه .
والعفو ّ :
هو الذي يمحو السيئات ، ويتجاوز عن المعاصي ، وهو قريب من الغفور
، ولكنه أبلغ منه ؛فإن الغفران ينبئ عن السِّتر، والعفو ينبئ عن المحو ،
والمحو أبلغ من السِّتر، وهذا حال الاقتران ،أما حال انفرادهما فإنّ كلَّ
واحد منهما يتناول معنى الآخر.
وعفوه تعالى نوعان :
النوع الأول :
عفوه العام عن جميع المجرمين من الكفار وغيرهم ، بدفع العقوبات
المنعقدة أسبابها ،والمقتضية لقطع النّعم عنهم ،فهم يؤذونه بالسَّبِّ
والشرك وغيرها من أصناف المخالفات ، وهو يعافيهم ويزقهم ويدرُّ
عليهم النعم الظاهرة والباطنة ، ويبسط لهم الدنيا ،ويعطيهم من نعيمها
ومنافعها ،ويمهلهم ولا يهملهم بعفوه وحلمه سبحانه .
والنوع الثاني :
عفوه الخاص ، ومغفرته الخاصّة للتائبين ،والمستغفرين ، والدّاعين ،
والعابدين ، والمصابين بالمصائب المحتسبين ،فكلّ من تاب إليه
توبة نصوحًا - وهي الخالصة لوجه الله العامة الشاملة التي لا يصبحها
تردُّد ولا إصرار – فإنّ الله يغفر له من أيّ ذنب كان من كفر ،
وفسوق ، وعصيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق