نسمع كثيراً عن طريقةِ ارسال طِفلك لِغُرفته أو وضعه
في زاويةٍ مُعينة من
الغُرفة لِمُدةٍ زمنية ليُفكِّر في خطأِه أو حتى
يعتذر (time out) ، حتى
أن
بعض أخصائيي التربية ينصحون بها.. تبدو هذه الطريقة
حلّاً منطقياً فهي
لا تتضمن العُنف كالضرب ، و تُبعِد الأهل و الطفل عن
بعضِهم لفترة
و هذا يُعطيهِم الوقت اللازم للهدوء و التفكير
بعقلانيّة مُجدداً..
بالرغم من كون هذه الطريقة أفضل بكثير من الضرب أو
الصراخ على
طِفلِك إلا أنها تُعلِّم الدرس الخاطِئ و لا تُساعِد
على خلق أطفالٍ أكثر أدباً
و أفضل تصرُّفاً..في الحقيقة إنها قد تكون سبباً في
سوء تصرُّف
طِفلِك لاحِقاً.. لِماذا؟
١-
تجعل طفلَك يرى نفسه في صورةٍ
سيئة
أنت تُثبِت لِطِفلِك ما يشُك به، أنّه شخصٌ سيّء، و
أنت تُبعِده. وهذا كفيلّ
ليس فقط بزعزعة ثقة طِفلك بنفسه و إنما خلق تصرُفات
أكثر سوءاً..
لأن
دماغ طِفلِك سيعمل لتحقيق الصورة التي يراها عن نفسه
.
فمهما كان خطأ طِفلِك احرص دائماً على إعلامه أنه
(بشخصه) أفضل
بكثير من تصرفه هذا. و خطأُه هذا هو فُرصة قيّمة
ليتعلّم
التصرُّف الصحيح من
الخاطئ .
٢- لا تُفيد في تعليم طِفلِك التحكُّم في مشاعرِه
الصعبة
و التعامل معها إن أسرع طريقة لتُعلِّم طِفلك إدراك
ما يشعر ( حزن،
غضب، ضيق) و تهدئة نفسه قبل أن يندفع بالتصرُّف هي أن
تتقبل أنت
مشاعِره هذه و تُشعِره أنها طبيعية و يُمكِنه التعامل
معها.. عندما تُبعِده
في غُرفةٍ وحده فأنت أيضاً تتحاشى مشاعره السيّئة هذه
و التي قد تكون
أساساً سبباً في سوء التصرُّف.. فهو سيهدأ في غُرفته
بالنهاية و لكّن
دون أن يتعلَّم ماذا يفعل عندما يغضب في المرّة
القادمة.
٣- تولِّد لدى الطِفل احساساً بالخوف و شعوراً
بتخلِّيك عنه
إن
إبعاد طِفلِك عندما يكون في حالةٍ سيئة يعني بالنسبة له
تخليِّك عنه
عندما كان في أمَس الحاجة لك، و الأسوأ من ذلك أننا
ندفعهُم للاعتقاد
بأننا فقط نتقبلُّهم في حالاتهم الجيدة و أن الغضب و
الحُزن(و التي هي
جُزءٌ مِن مَن نكون جميعُنا) ليست مقبولة و هو غير
مرغوب
فيه عندما يشعرها.
٤- تفتح المجال لِصراع القوة بينك و بين
طِفلِك
فبدلاً من تقوية علاقتك بِطِفلِك و جعلها ايجابيّة و
قائمة على الاحترام
و الثقة ، فإن طِفلك سيشعر بالخزي أمامك و سيقضي وقته
هذا في الغُرفة
يُفكِّر في الخلاص أو لفت انتباهك أو حتى الانتقام
منك.. هل تتوقع حقاً أنه
سيجلس ليُفكِّر في خطأِه و طريقةٍ لإصلاحه !!؟
٥- كأي عِقابٍ آخر ، فهي تحرِم طِفلك من تحمُّل
مسؤولية خطأه
فهو قد تلقى عِقابه عندما أرسلته للغُرفة و ليس
مديناً لك بأي شيء.. و لا
حتى قول كلمة ( آسِف ) و ان قالها فقط بِدافع الخوف
منك أو من استمرار
العِقاب.. فأنت قد قطعت عليه فُرصة الشعور بالذنب لما
فعل و حوّلته
لشُعور بالشفقة على نفسه.
إذن فإن الوقت المُستقطع لِطِفلك ليس هو إلا شكلاً من
أشكال العِقاب
و الذي
لا يُجدي حقاً لتشجيع التصرفات الجيدة، و ان كُنت تستخدم هذه
الطريقة للتعامُل مع مشاعر طِفلِك الصعبه أو بكائه و
انهياره فضررها
كما
ذكرنا أكبر.
لكن
ماذا يُمكِنُك أن تفعل؟
١- اذهب أنت وهو في وقتٍ
مُستقطع
فعِندما تُلاحِظ علامات سوء تصرُّف على طِفلِك، لا
تنتظر.. خُذه معك
مُباشرةً لِغُرفةٍ أُخرى لِتُساعِده على الهُدوء و
التحكُّم في نفسه
(Time In) ، فقد
يكون في حاجةٍ فقط لاهتمامك أو حُبِّك، أو
التحدُّث
معك عن
ما أزعجه اليوم في المدرسة.
٢- ان قام طِفلُك بتصرُّف
خاطِئ
اذهب معه في هذا الوقت المُستقطع و ساعِده على
التفكير في أسباب
تصرُّفة و آثاره، ذكِّرْه بِحدوده و اتفق معه على ما
يُمكنه أن يفعل لتصليح
ما أفسد ( بما فيها مشاعر من حوله) و كيف باستطاعته
تحاشي الأمر
في
المرّة القادمة.
٣- عِندما ينهار طِفلُك و يبدأ بالبُكاء و
الصُراخ
فإن الوقت قد أصبح مُتأخِراً جٍداً لتعليمه أي شيء،
لا تُحاوِل نِقاشه، لومه
أو إقناعه بشيء فهو يتعامل مع مشاعره و الأجزاء
المُفكِّرة من عقله
لا تعمل لأنها في حالة المُواجهة أو الفِرار. فقط
أبقى بجانبه، و جرِّب أن
تتقبَّل حالته هذه كباقي حالاته. أخبره أنك بجانبه و
أنّه بأمان، معرِفته بأنك
ستبقى بجانبه في أسوأ حالاته، أنه سيكون بأمآن و أنك
لا زِلت تُحبه
ستُخفف من حِدة هذه الحالات.. لا تُحاوِل إصلاح
الموقِف أو منحه ما يُريد
ليتوقف عن البُكاء.. فبُكاء أطفالِنا و نحن بجانبهم
لِمُساعدتِهِم جيدٌ
و ضروري للتنفيس عن مشاعِرهِم
السيئة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق