أخلاقيات
الناس وطبائعهم قد تتغير بتغير الزمان والمكان
,
وهو أمر يتماشى مع سنة
الله تعالى وحكمته في خلقه ,
قال سبحانه :
{وَتِلْكَ الأَيَّامُ
نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس }
[
آل عمران : 140 ].
ولقد
أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن أخلاقيات الناس سوف
تتغير
وبخاصة عند اقتراب
الساعة وانتهاء الحياة من على ظهر الأرض
,
فعَنْ أَنَسِ بْنِ
مَالِكٍ ، قَالَ :
قَالَ
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
:
( إِنَّ أَمَامَ
الدَّجَّالِ سِنِينَ خَدَّاعَةً ، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ
،
وَيُصَدَّقُ فِيهَا
الْكَاذِبُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ
،
وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا
الْخَائِنُ ، وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ
،
قِيلَ : وَمَا
الرُّوَيْبِضَةُ ؟
قَالَ
: الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.
)
أخرجه
أحمد , الألباني السلسلة الصحيحة .
والرويبضة
: في اللغة تصغير الرابضة ، وهو راعي الربيض
،
والربيض : الغنم ،
والهاء للمبالغة.
شرح
السنة للبغوي
قال اللغوي
ابن منظور:
الرويبضة : هو العاجز
الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها،
والغالب
أنه قيل للتافه من الناس لُربُوضِه في
بيته،
وقلة انبعاثه في الأمور
الجسيمة.
والرويبضة
هم الذين يتصدرون المجالس بل وأحيانا المناصب
والولايات
فيتكلمون ويتصرفون في أمور الناس دون أثارة من علم،
فقد
صارت الصدارة لهؤلاء المتفيهقين والمتشدقين
الذين
يحملون الناس على فتاوى شاذة وغريبة،
غاية
ما تؤدي إليه الإدبار عن الدين والنفور عن المسلمين.
ففي زمن
الرويبضة
تجد
الأصاغر هم الذين يتصدون للتعليم
والفتوى
يقول النبي صلى الله
عليه وسلم
(
إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر
)
رواه
الطبراني في المعجم الكبير
وصححه
الألباني في صحيح الجامع.
يقول ابن
القيم رحمه الله واصفًا حال المتعالمين
:
انتكست عليهم قلوبهم ،
وعميَ عليهم مطلوبهم ،
رضوا بالأماني ، وابتلوا
بالحظوظ، وحصلوا على الحرمان ،
وخاضوا
بحار العلم لكن بالدعاوى الباطلة وشقاشق الهذيان
،
ولا والله ما ابتلّتْ من
وَشَلِه أقدامهم ، ولا زكت به عقولهم وأحلامهم ،
ولا
ابيضت به لياليهم وأشرقت بنوره أيامهم ، ولا ضحكت بالهدى
والحق
منه وجوه الدفاتر إذ بلت بمداده أقلامهم ،
أنفقوا
في غير شيء نفائس الأنفاس ، وأتعبوا
أنفسهم
وحيروا من خلفهم من
الناس ، ضيعوا الأصول فحرموا الوصول ،
وأعرضوا
عن الرسالة فوقعوا في مَهَامِه الحيرة وبيداء الضلالة.
ويقول رحمه
الله :
وقد
رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي فقال
:
ما يبكيك
؟
فقال
:
استُفتِي من لا علم له,
وظهر في الإسلام
أمر عظيم،
قال
:
ولَبعض من يفتي ها هنا
أحق بالسجن من السُّرَّاق.
قال بعض العلماء:
فكيف
لو رأى ربيعة زماننا وإقدام من لا علم عنده على
الفتيا،
وتوثّبه عليها، ومد باع
التكلف إليها، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها،
مع
قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة،
وهو
من بين أهل العلم منكر أو غريب،
فليس له في معرفة الكتاب
والسنة وآثار السلف نصيب,
ولا يبدي جوابًا بإحسان
وإن ساعد القدر فتواه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق