قبل فترة
توفي شخصٌ لا أعرفه ولم أسمع يوماً باسمه، ولكنَّني بكيت
عليه،
دعوت له بصدق، تصدَّقت عنه، وشعرت بحزنٍ داخلي سيطر
عليّ
ليومين متتاليين.
لم أعرفه،
ولكن الكثير من أصدقائي في الفيسبوك عرفوه، ترحَّموا
على
روحه، دعوا له، كتبوا عنه أجمل كلمات الرثاء، كتبوا له على
صفحته
في الفيسبوك الكثير.
تساءلت بيني وبين نفسي،
هل علم هذا الشَّخص كم أحبَّه
أصدقاؤه،
هل علم أنه غيَّر حياة فلان في ذلك
الموقف
،
وبأنَّ فلان لن ينسى مساعدته له في تلك
المشكلة؟!
هل علم بأن
ضحكته في الصَّباح كانت تجعل المكتب يُشرق كما
قال
زميله في العمل، هل علم
أن كوبً الشاي بالسُّكر التي كان يحضرها كانت
ألذَّ
ما شربه أخوه في حياته؟!
هل
علينا أن ننتظر إلى أن يرحلوا لنخبرهم ماذا كانوا يعنون لنا،
ماذا
تعلَّمنا منهم، كيف أثَّروا فينا، لنخبرهم... كم
نحبُّهم!
كشعوب
عربية نميل لأن نكون خجولين عاطفياً، نميل لإخفاء
مشاعرنا،
تربينا على ذلك، تربينا على "الرجال ما بتبكي"، و"التُقل
صنعة"
، و "لا تدلليه بتعود"، و "لا تحكيلها كلام حلو بيكبر
راسها".
فبالرغم من
أنَّنا لسنا شعوبًا باردة أو جافة عاطفياً، بل على العكس
تماماً
نكاد نكون الأكثر عاطفية، نفيض بالعواطف والمشاعر، إلا أننا
نخبئُها
ونخجل من أن نعبِّر عنها لمن نحبُّهم، ولا
نخبرهم.
لمَ لا
ترسلي لأخيكِ
رسالة تخبرينه كم تحبين
كلمة "حبيبتي" منه...
لمَ لا
تقبل يد أمك
قبل ذهابك للجامعة
وتخبرها بأنَّ "طعامها" هو الألذ في
العالم...
لمَ لا
تتَّصل بزوجتك
عندما خطرت ببالك وتقول
لها ببساطة "اشتقت لكِ"...
لمَ لا
تخبري زوجك
بأنك فرحتِ عندما مدحك
بالأمس أمام أهلك...
لمَ لا
تعانقي ابنك
قبل ذهابه للمدرسة
وتخبريه بأنه مشاكس ولكنَّكِ مشتاقة
لعودته...
لمَ لا
تخبر أستاذك
بأنَّك تعلَّمت منه
الكثير...
لمَ لا
تخبر البائع في السوبرماركت
بأن ابتسامته جميلة وأنك
تحب أن تشتري من عنده...
لمَ لا
تخبرهم؟!
لمَ لا
تخبرهم وأنت واحدٌ منهم، رُبَّما ترحل قبل أن يخبروك هم أنفسهم
لمَ لا
تخبرهم وهم أحقُّ الناس بأن يعلموا ماذا تكن في قلبك الجميل لهم
لمَ لا
تجرب أن تتحرَّر من قيد خجلك، أن تعبر عما في
نفسك،
عما بداخك
!
أن تسعدهم
بما تكنه نفسك من مشاعر لهم، أن تسعد قلوبهم
التي
لا زالت تنبض... لا
تُفكِّر في كلامي كثيراً، وأخبرهم قبل أن يرحلوا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق