ممّا
ابتليت به الأمّة ظاهرة الجدل التي انتشرت على شاشاتنا
التّلفزيونيّة
بين النّاس بعضهم البعض
، فترى الكثير ممّن يدّعي العلم و
المعرفة
زوراً و بهتاناً يتكلّم
في أمور النّاس و يجادل بغير الإستناد
إلى قاعدةٍ علميّةٍ و
معرفيّة ، و بدون وضع هدفٍ محددٍ من
كلامه
و جداله مع النّاس و
لأجل الجدل العقيم فقط
لقد أطلق الله سبحانه و
تعالى صفة الجدل على الأقوام السّابقة
الذين كانوا يجادلون
لأجل الجدل فقط و بدون هدف ،
فقال الله تعالي
:
{
إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ
سُلْطَانٍ
أَتَاهُمْ
إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ
}
[ غافر : 56
]
فقد شبّه الله سبحانه
حال المجادل و كيف يتكبّر عن قبول
الحق
و يرفضه ، و قد بيّن
النّبي الكريم ارتباط الجدل بالضّلال بعد الهدى
بقوله صلي الله عليه
وسلم :
(
ما ضل قوم بعد هدى إلا أوتوا الجدل )
و
إنّ هناك صورةٌ حسنةٌ من صور الجدال
و
هي الجدال مع أهل الكتاب ، حيث يحاورهم المسلم
بالتي
هي أحسن ،
فقال
الله تعالي :
{
وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ
إِلَّا
الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ }
[ العنكبوت : 46 ]
و
قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم
جزاء
من ترك الجدال و المراء قائلاً ،
(
أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك
المراء
وإن كان محقا، وببيت في
وسط الجنة لمن ترك الكذب
وإن كان مازحا، وببيت في
أعلى الجنة لمن حسن خلقه )
أما
الحوار بين النّاس بعضهم البعض فمندوبٌ و خاصةً لطالب
العلم
و السّاعي نحو الحقيقة و
المعرفة ، و من الأمور التي استحدثها
النّاس للوصول إلى فكرةٍ
معينةٍ و حلولٍ مناسبةٍ
ما
يسمّى بجلسات العصف الذّهني ، حيث يجلس النّاس
المتحاورين
في دائرةٍ معيّنةٍ يطرح
كل منهم أراءا خلاّقة تستثير عقول
بعضهم
البعض لإنتاج مزيدٍ من الأفكار و من ثمّ الوصول إلى فكرةٍ
خلاّقةٍ
أو حلٍ مناسبٍ ، و قد كان أسلوب الحوار منذ الخليقة
حيث
حاور الله سبحانه و تعالى إبليس و كذلك حاور
الأنبياء
أقوامهم ، فالحوار هو
لغة التّواصل بين النّاس من أجل
الوصول
إلى غاياتٍ نبيلةٍ سامية
، فالمحاور له صفات خاصة تميّزه
عن
الإنسان الذي يجادل بدون هدفٍ أو غايةٍ فهو مستمع جيد
،
يقبل بالحق و يذعن له ،
فثمار الحوار هو ما ينشده
المتحاورين دائماً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق