الاثنين، 26 ديسمبر 2016

نهاية غريبة


 
ذكر لي أحد الإخوان التائبين قال :
 كنتُ أنا واثنين من زملائي ممن يستخدمون المخدرات، وبالذات الحبوب
الحمراء، وفي يوم من الأيام استخدمتها في نهار رمضان حتى سكرت،
وبقي معي منها سبع حبات وضعتها في علبة كبريت ووضعتها علي
كُمُدينةِ الغرفة، فأتت زوجتي عند الغروب ومعها ابنتي التي تبلغ من العمر
سنة، وكانت تحاول إيقاظي من النوم لإيهام أهلي أني صائم، وفي أثناء
إيقاظها لي ضُرب الجرس فنزلَت لتفتح الباب، وأثناء نزولها قامت الطفلة
الصغيرة متكئة على الكمدينة وتناولت العلبة التي فيها الحبوب المخدرة
فوضعتها في فمها، فسال عليها لعابها فانفتحت العلبة في فمها فابتلعت
خمس حبات وسقط الباقي على الأرض، فبعدما عادت أمها إليها وإذا بها
ساقطة على الأرض، فحملها أخي إلى المستشفى وعملوا لها عملية
تنظيف،
 
 
فبعدما أفقت من سكري وعلمت القصة عقدت العزم على أن أتوب
فأخبرت صديقيَّ صديقا السوء بالقصة فقالوا : الأمر هين، اترك الحبوب
واستغن عنها بالشراب وفعلاً أخذت بنصيحتهم ولكن الله امتن
علي بأصدقاء دعوني إلى طريق الصلاح والهداية، فاستقمت على دين الله
وتحولت من مدمن للمخدرات إلى مغسل للموتى، وأخبرت أحد طلبة العلم
بخبر صاحبيَّ القدماء اللذين كنت أرافقهم وهم مدمنون للمخدرات؛
 ترويجًا واستعمالاً، فنصحني بأن أنصحهم، فإن تابوا وإلا أبلغ عنهم،
وفعلاً أخذت بالنصيحة وذهبت إليهم ولكن دون جدوى، فبلغت هيئة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر وتمت مراقبتهم، وقبض على أحدهم متلبسًا
بجريمته وأدخل السجن وقدر الله له الهداية؛ إذ إنه أتى أحد الدعاة إلى
السجن وألقى موعظة كانت سببًا في هدايته، وعندما حدثت أزمة الخليج
شمله العفو فخرج من السجن، وبعد خروجه أخذ زوجته وأولاده وذهبوا
إلى مكة لأداء العمرة،
 
وبعدما رجعوا إلى الرياض،
وبعد بضعة أيام من رجوعه وفي يوم من الأيام أحس بثقل في جسمه
 فقال لزوجته : إنني سأدخل إلى الغرفة لأقرأ القرآن ثم أسترخي قليلاً،
فإذا أردت شيئًا فإني هناك وفعلاً فتح صاحبي القرآن وأخذ يقرأ حتى أتاه
ملك الموت ليقبض روحه وهو قارئ لكتاب الله، ففرحت فرحًا شديدًا
عندما علمت بهذه الخاتمة الحسنة .
 
 أما صاحبي الثالث فإني خرجت يومًا من الأيام فوجدت زحامًا شديدًا
وسيارات للشرطة مجتمعة عند دورات مياه المسجد القريب من بيتنا
فذهبت أنظر الخبر، وإذا به أفاجأ برجال الشرطة يخرجون صاحبي
من الحمام ضاربًا لإبرة الهيروين المخدرة وقد مات وبقي في هذا الحمام
ثلاثة أيام حتى أنتنت رائحته وتغير شكله وتمزقت ثيابه، فحزنت حزنًا
شديدًا على هذا الصاحب الذي مات هذه الميتة التي لا تسر إلا الأعداء،
فنسأل الله حسن الخاتمة .

من قصص السعداء و الأشقياء للكاتب ناصر بن إبراهيم الرميح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق