قِيَمُ القُرآن
وَمفاهِيمه
{
رَبَّنا تَقَبّل مِنّا إنَّك أنتَ السَّميع العَليم }
[
البقرة : 127 ]
لَمْ
تَرِد كلمة " النّجاح " في القرآنِ مُطلقاً
بلْ وَصَفت الأعمال التي
ارتَضاها الله ، وكتَب لها الأثرَ بالفلاح
؛
ثمَّ بالقَبول
!
والفلاحُ
, مشتقّ مِن فلاحة الأرضِ ؛
حيث
يبذُر المرء بذرة .. فإنْ تقبَّلها الله
؛
آتَتْ أُكلها إلى يوم
القِيامة !
وهذا
معنى ؛
{ فَتَقَبَّلَهَا
رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ }
[
آل عمران : 37 ]
قَبولاً,
جعل من الطفلة معجزة ؛ ظلّت حكاية التّاريخ
!
فما
هي المَسافة ؛ بين "النّجاح" و "القَبول"
؟
ولَماذا
الفَلاح .. دونَ النّجاح ؟
الفلاحُ
هو
سَعيٌ عميق في بَذر حبّة ؛
يحتاج
نُموها انتظاراً طويلا ً!
الفلاحُ
هو
صِلة الزّارع بِتقَلُّب المواسم , وصبره
,
حتى تَنبثق الفَسيلة
!
الفلاحُ
هو
الرِّعاية الصّامتة للغُصن الرّطيب ؛ حتّى يُصبح شجرة وارِفة
فإنْ
رضي اللهُ العمل تقبَّله !
فما
هو القَبول ؟
القبَول
هو
المَسافة بين حُقول ينتابُها الجَدْب
وحُقول لا تعرف
الشَّيخوخة !
حُقول,
تظَلّ خَضراء ,
يصبُّ
قمحها في مَوازين صاحِبها ؛
حتّى قِيام السّاعة
!
القَبول
هو
معنى ( وإذا وقَع النّداء من الله بمحبةَ عملٍ
،
أو مَحبة فُلان ؛
قَبِلتْه جميعُ البواطن )
هكذا
دونَ تفسير ، و لا منطِق ، ولا أسْباب
فقط
؛ لأنّ الله ؛ [وضَع له القبول في الأَرض ]
!
وهذا يكفي , يكفي كيْ يقول السّلف بعدها
؛
كلِمتهم العَميقة
:
[
أيّها المَقبول , هنيئًا لك , أيها المَردود في سَعيِه ؛
جبَر
الله مُصيبتك ]
لِماذا
؟
لِسببٍ
واحِد
يُعلنه القُرآن ألا وهو
{
إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ
}
[
المائدة : 27 ]
لذا قال أحدُ السّلف
:
[
لوَ علِمُت أَّن الله تَقَبَّلِ منِّيَ سْجدة واِحَدة ، أْوَ
صَدقةِ دْرهم واِحد ؛
لم يَكنَ غائب أَحّب
إلّيِ من اْلَمْوت ] !
هذا المعنى,
كانَ يكفي كيْ يقول علي رضي الله عنه -
:
[
لا تهتمّوا لقِلّة العمل ؛ واهتمّوا للقَبول
]
يَكفي
, كيْ يُصحّح الجَميع موازينه ،
ويَفهم
لماذا لم يُذكر النّجاح في القُرآن ؛
و
ذَكَر القَبول عِوضا عنه !
القَبول
هو
حياةُ العلماء,
الذين لازالت صَدى
خَطواتهم مُنذ مئات السّنين ؛
في
مَسامِعنا !
القَبول
..
ليسَ
نجاح اللحظة الرّاهنة ,
وليس
لقطة الكاميرا البرّاقة , أو نُقطة مجدٍ عابرة
!
بلْ
هي ؛ لحظةٌ متجذّرة في العُمق, مُتجذّرة في مَلامح الكَون
,
وفي ضَمير الوُجود
!
الّذين
يُدركون الفَرق ,
هم
من يَعرفون كيف يَحفِرون حُضورهم بإتقانٍ مُذهل ؛
عبرَ
حبّة عرقٍ سخيّة , تظلُّ تفور في تضاريسِ الفِعل البشريّ
؛
حتّى تُصبح شلّالاً, أو
رُبّما طوفاناً غامِراً !
أولئِك
الّذين تتغيّر بَعدَهم الكَثير مِن المُعادلات
!
ويحتارُ
الشّيطان في بصيرتِهم ، وفَهمِهم لمعاني القُرآن
!
هؤلاء
,همْ الّذين تظلّ حروف أسمائهم ؛
ترنُّ في عمُر الأجيالِ
كلِّها !
تأمّل
فقط ,
كيفَ
تعيشُ كلماتُ عالم مئاتُ السِّنين و تظلّ مَئذِنة باقية
؛
لأنَّ صاحِبها كان
يغرِسها لله , لله
وحده !
وماكانَ لله
؛ دامَ واتّصل
وماكان لغيرِ
الله ؛ انقَطع واضمَحلّ
وكانَ عُمره
سنوات قَليلة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق