صيد الكتب
إعداد
فؤاد بن
عبد العزيز الشلهوب
تدافع
الفتوى :
التصدر للفتوى في سن مبكرة وقبل التأهل لذلك مزلق
خطر، وشرر
مستطر، يوقع صاحبه في مهاوي الردى - نسأل الله
السلامة والعافية.
وكثير من مجالس الشببة فيها من أمثال هذا النوع، بل
إن منهم من يفتي
بالنوازل! وقد يفتي بأمر لو نزل على عمر بن الخطاب
رضي الله عنه،
لجمع له أهل بدر!! ولكن هو حب الرياسة، وحب الظهور،
وحب الشهرة،
ولن يغني ذلك عنه من الله شيئا. وتدافع الفتوى مسلك
غلب على أئمة
الدين، فكل واحد منهم يود لو أن أخاه كفاه، وفي
عصورنا المتأخرة ظهر
عكس تدافع الفتوى، وهو التهافت على
الفتوى.
وإليك بعض أخبار سلفنا
الصالح في ذلك:
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
أدركت عشرين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم
-أراه
قال : في المسجد- فما كان منهم محدث إلا ود أن أخاه كفاه
الحديث، ولا مفت إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا.
وعن معاوية بن أبي عياش،
أنه
كان جالسا عند عبد الله بن الزبير، وعاصم ابن عمر. قال:
فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلا من أهل
البادية طلق
امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها. فماذا تريان؟ فقال عبد
الله بن الزبير:
إن هذا الأمر ما لنا فيه قول، فاذهب إلى عبد الله بن
عباس وأبي هريرة
فإني تركتهما عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
فسلهم، ثم ائتنا
فأخبرنا. فذهب فسألهما، فقال ابن عباس لأبي هريرة:
أفته يا أبا هريرة،
فقد جاءتك معضلة. فقال أبو هريرة: الواحد تبينها
والثلاث تحرمها
حتى تنكح زوجا غيره.
وقال سحنون:
إني
لأحفظ مسائل منها ما فيه ثمانية أقوال من ثمانية أئمة من العلماء
فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب حتى أتخير، فلم ألام على
حبسي الجواب؟
وعن سفيان بن عيينة قال:
أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما. وقال ابن وهب:
وأخبرنا
موسى بن علي أنه سأل ابن شهاب عن شيء، فقال ابن شهاب:
ما سمعت فيه بشيء وما نزل بنا.
وعن محمد بن سيرين قال:
قال
حذيفة: إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: رجل يعلم ناسخ القرآن
ومنسوخه، وأمير لا يجد بدا، وأحمق متكلف. قال ابن
سيرين:
فأنا لست بأحد هذين، وأرجو أن لا أكون أحمق متكلفا.
[1]
-----------
[1] -
جامع العلوم والحكم لابن رجب ص 354-
356.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق