عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
قال
الله تبارك وتعالى:
( يا
ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك
ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم
استغفرتني
غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب
الأرض خطايا
ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة )
رواه الترمذي وصححه ابن القيم وحسنه
الألباني.
غريب الحديث
عنان السماء:
وهو السحاب وقيل ما انتهى إليه البصر
منها.
قراب الأرض:
ملؤها
أو ما يقارب ملأها.
إنك ما دعوتني ورجوتني:
أي ما دمت تدعوني وترجوني
ولا أبالي:
أي إنه لا تعظم علي مغفرة ذنوبك وإن كانت كبيرة
وكثيرة.
منزلة
الحديث :
هذا الحديث من أرجى الأحاديث في السنة ففيه بيان سعة
عفو الله تعالى
ومغفرته لذنوب عباده وهو يدل على عظم شأن التوحيد،
والأجر الذي
أعده الله للموحدين كما أن فيه الحث والترغيب على
الاستغفار والتوبة
والإنابة إلى الله سبحانه
وتعالى.
أسباب
المغفرة :
وقد تضمن هذا الحديث أهم ثلاثة أسباب تحصل بها مغفرة
الله وعفوه عن
عبده مهما كثرت ذنوبه وعظمت وهذه الأسباب
هي
- الدعاء مع الرجاء
فقد أمر الله عباده بالدعاء ووعدهم عليه
بالإجابة فقال
سبحانه:
{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ
إِنَّ
الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ
جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }
(غافر: 60)
وقال صلى الله عليه
وسلم:
(
الدعاء هو العبادة ثم قرأ هذه الآية )
رواه
أحمد .
ولكن هذا الدعاء سبب مقتض للإجابة عند استكمال شرائطه
وانتفاء
موانعه فقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض الشروط والآداب
أو لوجود
بعض
الموانع.
ومن أعظم شروط الدعاء حضور القلب ورجاء الإجابة من
الله تعالى قال
صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي
:
(
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة
واعلموا أن الله لا
يستجيب دعاء من قلب غافل لاه )
ولهذا أُمِر العبد أن يعزم في المسألة وألا يقول في
دعائه اللهم اغفر لي إن شئت
ونُهِي
أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة وجُعِل ذلك من موانع
الإجابة حتى لا يقطع العبد حبل الرجاء ولو طالت المدة
فإنه سبحانه يحب
الملحين في الدعاء وما دام العبد يلح في الدعاء ويطمع
في الإجابة مع
عدم قطع الرجاء فإن الله يستجيب له ويبلغه مطلوبة ولو
بعد حين
ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح
له.
الاستغفار مهما عظمت الذنوب
السبب الثاني من أسباب المغفرة المذكورة في الحديث هو
الاستغفار مهما
عظمت ذنوب الإنسان حتى لو بلغت من كثرتها عنان السماء
وهو
السحاب أو ما انتهى إليه البصر منها وقد ورد ذكر
الاستغفار في القرآن
كثيراً فتارة يأمر الله به كقوله
سبحانه:
{ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ }
(المزمل: 20)
وتارة يمدح أهله كقوله
تعالى:
{ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ
}
(آل عمران: 17)
وتارة
يذكر جزاء فاعله كقوله تعالى:
{ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ
نَفْسَهُ
ثُمَّ
يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً }
(النساء:
110)
والاستغفار الذي يوجب المغفرة هو الاستغفار مع عدم
الإصرار على
المعصية والذنب وهو الذي مدح الله تعالى أهله ووعدهم
بالمغفرة
في
قوله:
{ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا
اللَّهَ
فَاسْتَغْفَرُوا
لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ
وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ
يَعْلَمُونَ }
(آل عمران: 135)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق