من يبني مسجدا ولو في حجم عشٍّ صغير يبني الله له بيتًا في الجنة؛
فالباب إلى الجنة مفتوح للجميع، وليس للأثرياء فقط، وهذه هي عظمة
السُّنَّة كان أول أعمال الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة هو بناء
مسجد لله عز وجل، وهذا من أجلِّ الأعمال وأعظمها؛ فالمساجد هي أفضل
الأماكن في الدنيا، وأحبُّها إلى الله؛
وذلك لما رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:
( أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا ).
ومن هنا كان أجر بناء المساجد عظيمًا عند الله عز وجل؛
فقد روى مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:
( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ، بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ )
. فما أعظمه من أجر! وما أكرمه من ثواب! ولكني أعرف أن معظم
المسلمين سيقولون: وكيف لنا ببناء المساجد، وهذا يحتاج إلى مبالغ
طائلة، وهذا لا يتأتَّى إلا لبعض الأغنياء؟ وهنا يأتي الرسول الرحيم
صلى الله عليه وسلم لك بالحلِّ،
فيروي ابن ماجه عَنْ جابِر بن عبد اللهِ رضي الله عنهما
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، أَوْ أَصْغَرَ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ )
. والقطاة هو طائر صغير كالعصفور، والمفحص هو العشُّ الذي يسكن
فيه الطائر؛ فهذا يعني أن مَنْ يبني مسجدًا في حجم هذا العشِّ الصغير
يبني الله له بيتًا في الجنة؛ وحيث إنه لا يُوجد مسجد يمكن أن يُصَلِّيَ فيه
الناس بهذا الحجم تبيَّن لنا أن المقصود بذلك هو المشاركة في بناء مسجد
كبير، ولو بقدر حجم العشِّ في هذا المسجد؛ ومن ثَمَّ يمكن لأيٍّ منَّا أن
يأخذ هذا الأجر الهائل بمجرَّد المساهمة في بناء مسجد، ولو بقدر قليل
من المال. إن الباب صار مفتوحًا لنا جميعًا، وليس لأثرياء الأمة فقط،
وهذه هي عظمة السُّنَّة النبوية.
ولا تنسوا شعارنا:
{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}
[النور: 54].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق