يا لله العجب! أيحتاج مَن يَدرس شريعة الإسلام لبُرهان من خارجها؟
أَفِقْ؛ فقد كان يَكفيك أن تتأمَّل أوامر الله لعباده، وما فيها مِن غاية
صلاحهم وسعادتهم في معاشهم ومعادهم، ونهيه لهم عما فيه هلاكُهم
وشقاؤُهم في مَعاشهم ومعادهم، فأيُّ حسن لم يَأمُر الله به ويستحبَّه
لعباده ويَندبهم إليه؟ وأيُّ حسن فوق حسن ما أمَرَ به وشرَعَه؟!
وأيُّ قبيح لم ينْهَ عنه ولم يَزجر عباده مِن ارتكابه؟ وأيُّ قبْح فوق
قبْحِ ما نهى عنه؟
وهل في العقل دليلٌ أوضَح مِن علمه بحسْنِ ما أمر الله به من الإيمان والإحسان،
وتفاصيلها من العدل وإيتاء ذي القربى، وأنواع البرِّ
والتقوى، وكل معروف تشهد الفِطَر والعقول به؛ من عبادته وحده لا
شريك له على أكمل الوجوه وأتمِّها، والإحسان إلى خلقِه بحسب
الإمكان، فليس في العقل مقدِّمات هي أوضح مِن هذا المستَدَلِّ
عليه فيُجعَل دليلًا له.
وكذلك ليس في العقل دليل أوضَح مِن قُبْح ما نَهى الله عنه من
الفواحِشِ ما ظهَرَ منها وما بطن، والإثم والبغْي بغير الحقِّ، والشرك
بالله بأن يجعل له عديلًا مِن خَلقه، فيُعبد كما يعبد الله، ويُحب كما
يحب الله، ويعظَّم كما يُعظَّم الله، ومن الكذب على الله وعلى أنبيائه
وعباده المؤمنين الذي فيه خراب العالم وفساد الوجود، فأيُّ عقل
لم يُدرك حسن أوامره، وقبح نواهيه، فأحرى ألا يُدرك الدليل على ذلك!
وتأمَّل في نفسك التي بين جنبيك، كيف أودع الله سبحانه فيكَ الفطرة
والعقل والإقرار به وبشريعتِه، فأقام عليك الحجة من الوجهَين أعني
الفطرة والعقل، غير أنه قد اقتضَت رحمته وحكمته ألا يُعذِّب أحدًا إلا
بعد الحُجَّة الرساليَّة، فأرسل إلينا أعظم رسول بأعظم رساله وأتمِّها،
فإن ظنَّ بعد كل هذا أنه يَختلط في الذهن عبادة الله وعبادة الصنَم،
فذلك مِن البُهْت والسخْفِ والتناقُض الذي يَرفضه العقلُ البشريُّ.
أنتَ في حاجة إلى أن تتعرَّف إلى الله سبحانه بالنظر في كتاب الكون المفتوح،
وكتاب الله المسطور وهو القرآن الكريم، وتشهَد إحاطته
سبحانه بالعوالَم، وقُرب العبيد منه، وظُهور البواطِن وبدوِّ السَّرائر،
وتعامَلْ مع ربِّك بمُقتضى هذا الشُّهود، فطهِّر له سريرتك؛ لأنها عنده
علانيَة، وأصلِح له غيبتك؛ فهي عنده شهادة، وزكِّ له باطنك فإنه عنده ظاهر،
حينها يَصلُ إلى قلبِك نورُ الحقِّ، وتشهد معنى اسمه المنَّان،
مع اسمه الأول، فتُحقِّق منزلةَ الفقر إلى مولاك، وتُطالع سبق فضله
الأول، فتَنقطِع عن شهود أيِّ عمل أو دعاء أو حال تَنسبُه إلى نفسك،
وحينها ستعرف شأن العبد وشأن الربِّ، فلن تَقترحَ صورة معيَّنة
للإجابة أو تخصيص وقت أو ظرف، فهذا الاقتراحُ ليس مِن أدب
السؤال، وهذا أعجب وأنكر ما يقَع مِن مخلوق!
فالتوجُّه للدعاء توفيق من الله، والاستجابة فضل آخر، والقلب العارف
بالله يُدرك أنَّ الله فعال لما يُريد، فيُعطي الداعي ما سأله، أو يَصرف
عنه من السوء أحسنَ مِن نَيلِ المطلوب، أو يدَّخر له في الآخرة
، فالدعاء ليس صفقة بين بائع وشارٍ،
إنما هو إسلام المخلوق للخالق، ومَن يَنقلب على وجهه عند عدم
الاستجابة يَخسر الخسارة التي لا شُبهة فيها؛
كما قال سبحانه:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ
أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ
الْمُبِينُ }
[الحج: 11]،
يَخسر الطمأنينة والثِّقة والهدوء والرِّضا، ثم إلى أين يتجه هذا الذي
يَختبِر ربه في إجابة الدعاء؟ إلى أين يتجه بعيدًا عن الله؟ يدعو صنَمًا
أو وثَنًا أو عبدًا مثله؟! إنه الضَّلال عن المتَّجه الوحيد الذي يجدي
فيه الدعاء!
أَفِقْ؛ فقد كان يَكفيك أن تتأمَّل أوامر الله لعباده، وما فيها مِن غاية
صلاحهم وسعادتهم في معاشهم ومعادهم، ونهيه لهم عما فيه هلاكُهم
وشقاؤُهم في مَعاشهم ومعادهم، فأيُّ حسن لم يَأمُر الله به ويستحبَّه
لعباده ويَندبهم إليه؟ وأيُّ حسن فوق حسن ما أمَرَ به وشرَعَه؟!
وأيُّ قبيح لم ينْهَ عنه ولم يَزجر عباده مِن ارتكابه؟ وأيُّ قبْح فوق
قبْحِ ما نهى عنه؟
وهل في العقل دليلٌ أوضَح مِن علمه بحسْنِ ما أمر الله به من الإيمان والإحسان،
وتفاصيلها من العدل وإيتاء ذي القربى، وأنواع البرِّ
والتقوى، وكل معروف تشهد الفِطَر والعقول به؛ من عبادته وحده لا
شريك له على أكمل الوجوه وأتمِّها، والإحسان إلى خلقِه بحسب
الإمكان، فليس في العقل مقدِّمات هي أوضح مِن هذا المستَدَلِّ
عليه فيُجعَل دليلًا له.
وكذلك ليس في العقل دليل أوضَح مِن قُبْح ما نَهى الله عنه من
الفواحِشِ ما ظهَرَ منها وما بطن، والإثم والبغْي بغير الحقِّ، والشرك
بالله بأن يجعل له عديلًا مِن خَلقه، فيُعبد كما يعبد الله، ويُحب كما
يحب الله، ويعظَّم كما يُعظَّم الله، ومن الكذب على الله وعلى أنبيائه
وعباده المؤمنين الذي فيه خراب العالم وفساد الوجود، فأيُّ عقل
لم يُدرك حسن أوامره، وقبح نواهيه، فأحرى ألا يُدرك الدليل على ذلك!
وتأمَّل في نفسك التي بين جنبيك، كيف أودع الله سبحانه فيكَ الفطرة
والعقل والإقرار به وبشريعتِه، فأقام عليك الحجة من الوجهَين أعني
الفطرة والعقل، غير أنه قد اقتضَت رحمته وحكمته ألا يُعذِّب أحدًا إلا
بعد الحُجَّة الرساليَّة، فأرسل إلينا أعظم رسول بأعظم رساله وأتمِّها،
فإن ظنَّ بعد كل هذا أنه يَختلط في الذهن عبادة الله وعبادة الصنَم،
فذلك مِن البُهْت والسخْفِ والتناقُض الذي يَرفضه العقلُ البشريُّ.
أنتَ في حاجة إلى أن تتعرَّف إلى الله سبحانه بالنظر في كتاب الكون المفتوح،
وكتاب الله المسطور وهو القرآن الكريم، وتشهَد إحاطته
سبحانه بالعوالَم، وقُرب العبيد منه، وظُهور البواطِن وبدوِّ السَّرائر،
وتعامَلْ مع ربِّك بمُقتضى هذا الشُّهود، فطهِّر له سريرتك؛ لأنها عنده
علانيَة، وأصلِح له غيبتك؛ فهي عنده شهادة، وزكِّ له باطنك فإنه عنده ظاهر،
حينها يَصلُ إلى قلبِك نورُ الحقِّ، وتشهد معنى اسمه المنَّان،
مع اسمه الأول، فتُحقِّق منزلةَ الفقر إلى مولاك، وتُطالع سبق فضله
الأول، فتَنقطِع عن شهود أيِّ عمل أو دعاء أو حال تَنسبُه إلى نفسك،
وحينها ستعرف شأن العبد وشأن الربِّ، فلن تَقترحَ صورة معيَّنة
للإجابة أو تخصيص وقت أو ظرف، فهذا الاقتراحُ ليس مِن أدب
السؤال، وهذا أعجب وأنكر ما يقَع مِن مخلوق!
فالتوجُّه للدعاء توفيق من الله، والاستجابة فضل آخر، والقلب العارف
بالله يُدرك أنَّ الله فعال لما يُريد، فيُعطي الداعي ما سأله، أو يَصرف
عنه من السوء أحسنَ مِن نَيلِ المطلوب، أو يدَّخر له في الآخرة
، فالدعاء ليس صفقة بين بائع وشارٍ،
إنما هو إسلام المخلوق للخالق، ومَن يَنقلب على وجهه عند عدم
الاستجابة يَخسر الخسارة التي لا شُبهة فيها؛
كما قال سبحانه:
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ
أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ
الْمُبِينُ }
[الحج: 11]،
يَخسر الطمأنينة والثِّقة والهدوء والرِّضا، ثم إلى أين يتجه هذا الذي
يَختبِر ربه في إجابة الدعاء؟ إلى أين يتجه بعيدًا عن الله؟ يدعو صنَمًا
أو وثَنًا أو عبدًا مثله؟! إنه الضَّلال عن المتَّجه الوحيد الذي يجدي
فيه الدعاء!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق