فطوِّري هذه المهارة، وبادري الفرصة واغتنميها:
بَادِرِ الفُرْصَةَ وَاحْذَرْ فَوْتَهَا
فَبُلُوغُ الْعِزِّ فِي نَيْلِ الفُرَصْ
وَاغْتَنِمْ عُمْرَكَ إِبَّانَ الصِّبَا
فَهْوَ إِنْ زَادَ مَعَ الشَّيْبِ نَقَصْ
إِنَّمَا الدُّنْيَا خَيَالٌ عَارِضٌ
قَلَّمَا يَبْقَى وَأَخْبَارٌ تُقَصْ
تَارَةً تَدْجُو وَطَوْرًا تَنْجَلِي
عَادَةُ الظِّلِّ سَجَا ثُمَّ قَلَصْ
فَابْتَدِرْ مَسْعَاكَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ
بَادَرَ الصَّيْدَ مَعَ الْفَجْرِ قَنَصْ
لَنْ يَنَالَ الْمَرْءُ بِالعَجْزِ الْمُنَى
إِنَّمَا الْفَوْزُ لِمَنْ هَمَّ فَنَصْ
حاولي الاستفادة من جلوسكِ أمام الحاسوب لتصفُّح الإنترنت؛
فالإنترنت نعمة كبيرة، فمن خلاله يُمكنك مواصلة تعليمكِ،
وقضاء وقت فراغكِ، والدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى - والعمل التطوعي والعمل الرِّبحي،
وكذلك طلب المشورة، فكيف تكونين يائسة وكل هذه الآمال العريضة
تَطرح نفسها أمام عينيكِ؟! كيف تُحْبَطين وكل هذا الفضاء الشبكي
الرحب مشرع الأبواب دونكِ؟!
ثم أنتِ باحثة نفسية وبإمكانكِ ترجمة الأبحاث والدراسات النفسية
المنشورة على الشبكة من اللغة الثانية التي تجيدينها؛ سواء أكانت
الإنجليزية أم الإيطالية إلى اللغة العربية، وستُرحِّب الألوكة بنشْرها؛
إن أنتِ أجدتِ كتابتها بعِلميَّة واحترافيَّة.
كما يمكنكِ إيصال صوت المعاقين ومُعَاناتهم، ولو من خلال قصة أو
مقالة تكتبينها؛ فلشبكة الألوكة قُرَّاء ورُوَّاد من ذَوِي الاحتياجات الخاصة،
ولهم استشاراتهم الخاصة، وكم سيسعدهم لو أنَّ شخصًا مختصًّا في
المجال النفسي يُجيد إيصال صوتهم إلى الناس، فافعلي ذلك ولا تعجزي.
إن الجنين حين يخرج إلى الدنيا من رحمِ أُمِّه، يخرج وحيدًا باكيًا،
ضعيفًا مضرجًا بالدم، لكن الله الرحمن الرحيم لا يتركه ولا يُهمله، بل يسخِّر له
مَن يُعينه على الخروج، وسرعان ما تتلقَّفه الأيدي الرحيمة قبل أن
تحتضنه أُمُّه المشتاقة إلى رؤيته، وحالكِ أنتِ أشبه بحال الجنين،
ومتى ما أخرجتِ نفسكِ من هذه العُزلة، وواجهتِ الدنيا والناس بشجاعة،
فسيسخِّر الله لكِ - بإذنه تعالى - قلوبًا رحيمة تشعر بمعاناتكِ،
وتهتمُّ لأمركِ، وتعتني بكِ، لكن يجب أن تكوني قبيل ذلك واثقة بربكِ، مؤمنة بأنه
- سبحانه وتعالى - سيتكفَّل برزقكِ، فإن أنتِ وثقتِ بذلك من أعماق قلبكِ،
سخَّر الله لكِ ملائكته وعباده الصالحين؛ كي يهبُّوا لنجدتكِ
مع كل عثرة تتعثرين بها خلال محاولتكِ التقدُّم.
ولعلَّ من جميل ما قاله ابن تيمية - قدَّس الله رُوحه - في هذا المقام قوله:
مَن كان إيمانُه أقوى من غيره، كان جُندُه من الملائكة أقوى
، فقوِّي إيمانكِ؛ كي تَقْوى ملائكتكِ.
ويبقى الرزق بيد الرزَّاق - سبحانه وتعالى - هو الموجد والمقدِّر
والمعطي، فعليكِ بالدعاء والأخذ بالأسباب، ولا تستبطئي الرزق؛
فكل ما يأتيكِ من الله هو خير، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
( لا تستبطئوا الرزق؛ فإنه لَم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزقٍ
هو له، فأجْملوا في الطلب )؛
صحَّحه ابن حِبَّان والحاكم.
كلنا يا عزيزتي نحمل من الهمِّ ما الله به عليم، وليس مهمًّا أنْ نحدِّث
الناس عن معاناتنا؛ كي يكون بيننا وبينهم كلام، لكن إن
كان لنا أصدقاء مقرَّبون مخلصون، فلا حرج إذًا من الشكوى والفضفضة، أما إن لَم يكن
لنا من أهل الثقة مَن يُمكننا ائتمانه على أسرار قلوبنا، فأرى أن كتمان
الهم خيرٌ من بَثِّه لهم، وقد قال يعقوب - عليه السلام – لبَنيه - وهم بنوه -:
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }
[يوسف: 86].
أما إن كان الخجل من الإعاقة هو ما يمنعكِ من الحديث إلى الناس
عن همومكِ وطموحاتكِ، فتكونين بذلك قد أخطأتِ كثيرًا في حقِّ نفسك
والآخرين؛ لأن الألَم ليس مخجلاً، لكنَّه محزن، وللناس قلوب خفاقة وعقول مفكرة،
ولهم ما لكِ وعليهم ما عليكِ، فتنبَّهي أُخَيَّتي لمثل هذه الأمور،
ولمثل تلك الأحاسيس الخاطئة والأفكار السوداوية، فتأثيرها السلبي عليكِ أكبر
بكثير من تأثير الإعاقة البدنية نفسها.
انفتحي على الناس بقلب مُحب، مُحسن الظنَّ، وبإذن الله - تعالى -
تتغيَّر خارطة حياتكِ المستقبلية، وتتسع حدودها، وتحقِّقين كل ما تصبو إليه
نفسكِ، وتعودين كما كنتِ من قبل وأفضل من ذي قبل - بمشيئة الله –
ومتى ما احتجتِ إليّ فلن أتأخَّر في مساعدتكِ - إن شاء الله - المهم
عندي ألا تتأخَّري أنتِ في الْمُضي نحو مستقبلكِ بإرادة قوية،
وصبْر جميل، وأمل كبير، وعسى الله أن يرزقكِ حبَّه وحبَّ مَن ينفعكِ حبه عنده،
وأن يجعلَ ما رزقكِ مما تحبين قوة لكِ فيما يحب، وأنْ يجعل ما
زَوى عنكِ مما تحبين فراغًا لكِ فيما يحب، اللهم آمين.
دُمتِ بألف خير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق