كيف يعيش المعاق؟ (2)
القصة الأولى:
كانتْ في إحدى دُور الأيتام لدَيْنا، لقيتُ فتاة لقيطة كانتْ قد تزوَّجت
بشابٍّ لقيط، وأنجبتْ منه طفلةً جميلة كالقمر، لكن الحياة الزوجية
بينهما لم تَستقِمْ برغم ذلك، فكان إذا تشاجَرَا وتنازعَا فيما
بينهما اتَّهم كلُّ واحد منهما الآخَرَ بأنَّه ابنُ زِنا!
طُلِّقت صاحبتُنا، ولم تَجِدْ لها مأوًى سوى الميتم الذي نشأتْ فيه لتعودَ
إليه مرَّة أخرى، لكنَّها عادت إليه هذه المرَّةَ وهي تحمِل آلامًا مضاعَفة،
آلام اللقيطات، وآلام المطلَّقات، وآلام الأمَّهات!
تقول صاحبتنا:
إنَّ ابنتي ليستْ لقيطةً، فهي تعرِف والديْها، لكنني أخشَى أن يُعيِّرها
الناسُ حين تَكْبَر، فيقولون لها: يا ابنةَ اللقيطينِ .
بظنِّكِ: أيّ ألَم هذا الذي تحمله هذه الفتاةُ وابنتُها التي قدَّر الله
لها أن تعيشَ هي الأخرى كوالدتِها بيْن اللقطاء؟!
وبربِّكِ: ما الذي تحتاجه مثلُ هذه الفتاة وابنتُها بعدَ
الصبر والثقة بالله سوى الإرادةِ وتحدِّي الآلام؟!
القصة الثانية:
قبلَ بِضْع سِنين، كنتُ على اتِّصال بسيدة مصريَّة مصابة بسرطان الثدي،
لم تكن هذه المرأةُ الفاضلة بحاجةٍ إلى نصائحي أو دَعْمي، فلقد كانتِ
امرأةً مؤمنة بربِّها، تعرِف أنَّ الله قد قدَّر عليها المرضَ لِمَا فيه خيرها،
وكانتْ لا تفتأ تذكُر مَكَّةَ والعمرة وماء زمزم،
كلَّما سمعتْ صوتي القادم مِن بلاد الحرمَيْن.
وسرعان ما تفشَّى السرطان في جسدِها، حتى كدتُ أفقِد صوتها
مع مرورِ الأشهر، لقد بات ضعيفًا ومتحشرجًا، لكنَّ فَيْضَ الألَم
لم يكن ليمنعها من التحدُّثِ إليَّ كلَّما اتصلتُ للسؤال عنها.
لقدْ أخبَرها الأطباءُ بأنَّها تعيش أيامَ عمرها الأخيرة، وأنَّ بقاءها على
قيْد الحياة لأطول مِن ذلك هو إعجازٌ إلهي، لكنَّها برغم ذلك كانتْ
تُؤكِّد لي بأنَّ الأعمار بيد الله، وليس بيدِ الأطبَّاء.
فقولي بربِّكِ: ما الذي تحتاجه امرأةٌ مثلها تُصارِع المرضَ والموت،
إلا الإيمان وإرادة صُلبة تتحدَّى بها هذا الداءَ الخبيث، الذي لم يتركْ فيها
بوصةً حيَّة إلا اغتالها؟!
اتصلتُ عليها في أحدِ الأعياد، لكنني لم أتلقَّ ردًّا، لقد انقبض قلْبي
، ولم أجِدْ بُدًّا مِن الاتصال بابنها الكبير كي أسأله عنها:
وَمَنْ يَسْأَلِ الرُّكْبَانِ عَنْ كُلِّ غَائِبٍ
فَلاَ بُدَّ أَنْ يَلْقَى بَشِيرًا وَنَاعِيًا
لقد تُوفِّيت هذه المرأةُ الفاضِلة، عسى الله أن يرحَمَها رحمةً واسعة،
وأنْ يُبدِلها دارًا خيرًا مِن دارها، وأهلاً خيرًا من أهلها، وأن يجمعنا
بها مع الأنبياء والصِّدِّيقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، اللهم آمين.
القصة الأولى:
كانتْ في إحدى دُور الأيتام لدَيْنا، لقيتُ فتاة لقيطة كانتْ قد تزوَّجت
بشابٍّ لقيط، وأنجبتْ منه طفلةً جميلة كالقمر، لكن الحياة الزوجية
بينهما لم تَستقِمْ برغم ذلك، فكان إذا تشاجَرَا وتنازعَا فيما
بينهما اتَّهم كلُّ واحد منهما الآخَرَ بأنَّه ابنُ زِنا!
طُلِّقت صاحبتُنا، ولم تَجِدْ لها مأوًى سوى الميتم الذي نشأتْ فيه لتعودَ
إليه مرَّة أخرى، لكنَّها عادت إليه هذه المرَّةَ وهي تحمِل آلامًا مضاعَفة،
آلام اللقيطات، وآلام المطلَّقات، وآلام الأمَّهات!
تقول صاحبتنا:
إنَّ ابنتي ليستْ لقيطةً، فهي تعرِف والديْها، لكنني أخشَى أن يُعيِّرها
الناسُ حين تَكْبَر، فيقولون لها: يا ابنةَ اللقيطينِ .
بظنِّكِ: أيّ ألَم هذا الذي تحمله هذه الفتاةُ وابنتُها التي قدَّر الله
لها أن تعيشَ هي الأخرى كوالدتِها بيْن اللقطاء؟!
وبربِّكِ: ما الذي تحتاجه مثلُ هذه الفتاة وابنتُها بعدَ
الصبر والثقة بالله سوى الإرادةِ وتحدِّي الآلام؟!
القصة الثانية:
قبلَ بِضْع سِنين، كنتُ على اتِّصال بسيدة مصريَّة مصابة بسرطان الثدي،
لم تكن هذه المرأةُ الفاضلة بحاجةٍ إلى نصائحي أو دَعْمي، فلقد كانتِ
امرأةً مؤمنة بربِّها، تعرِف أنَّ الله قد قدَّر عليها المرضَ لِمَا فيه خيرها،
وكانتْ لا تفتأ تذكُر مَكَّةَ والعمرة وماء زمزم،
كلَّما سمعتْ صوتي القادم مِن بلاد الحرمَيْن.
وسرعان ما تفشَّى السرطان في جسدِها، حتى كدتُ أفقِد صوتها
مع مرورِ الأشهر، لقد بات ضعيفًا ومتحشرجًا، لكنَّ فَيْضَ الألَم
لم يكن ليمنعها من التحدُّثِ إليَّ كلَّما اتصلتُ للسؤال عنها.
لقدْ أخبَرها الأطباءُ بأنَّها تعيش أيامَ عمرها الأخيرة، وأنَّ بقاءها على
قيْد الحياة لأطول مِن ذلك هو إعجازٌ إلهي، لكنَّها برغم ذلك كانتْ
تُؤكِّد لي بأنَّ الأعمار بيد الله، وليس بيدِ الأطبَّاء.
فقولي بربِّكِ: ما الذي تحتاجه امرأةٌ مثلها تُصارِع المرضَ والموت،
إلا الإيمان وإرادة صُلبة تتحدَّى بها هذا الداءَ الخبيث، الذي لم يتركْ فيها
بوصةً حيَّة إلا اغتالها؟!
اتصلتُ عليها في أحدِ الأعياد، لكنني لم أتلقَّ ردًّا، لقد انقبض قلْبي
، ولم أجِدْ بُدًّا مِن الاتصال بابنها الكبير كي أسأله عنها:
وَمَنْ يَسْأَلِ الرُّكْبَانِ عَنْ كُلِّ غَائِبٍ
فَلاَ بُدَّ أَنْ يَلْقَى بَشِيرًا وَنَاعِيًا
لقد تُوفِّيت هذه المرأةُ الفاضِلة، عسى الله أن يرحَمَها رحمةً واسعة،
وأنْ يُبدِلها دارًا خيرًا مِن دارها، وأهلاً خيرًا من أهلها، وأن يجمعنا
بها مع الأنبياء والصِّدِّيقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، اللهم آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق