أختي ومتلازمة داون
أ. شروق الجبوري
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُختي مِن أفراد متلازمة داون ، ولكن درَجتها خفيفة جدًّا؛
ونتعامل معها على أنها طبيعية، ولا نشعرها بأنها مريضة،
ولكن في المدة الأخيرة بدَأَت تتصرَّف تصرُّفات غريبة؛
مثل: الضَّحك مع نفسها، وأحيانًا أراها تَرتجف، وهي لا تريد
أن تُخبرنا بأسباب ذلك، ولا نَعرف كيف نتعامَل معها؟
نُعاني من عنادها الشديد الذي يؤدِّي إلى تعامُلي معها بعُنفٍ أحيانًا؛
لذا أرجو أن تُرشدوني إلى كيفيَّة التصرُّف معها.
وأتمنَّى أن أكونَ على اتِّصال بالأستاذة شروق الجبوري، ومعرفة ما
إذا كانت موجودة في عيادة خاصَّة بالعراق؛ لقَصْدها في الاستشارات النفسيَّة.
وجُزيتُم خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أُختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا أن نُرحِّب بكِ في شبكة الألوكة، ونَشكركِ على انضمامكِ إليها،
داعين المولَى القدير أن يُسَدِّدنا في تقديم ما يَنفعك ويَنفع جميع المُستشيرين.
كما أَوَدُّ أن أُقَدِّم لحَضرتك شكري الجزيل على اختيارك وثِقَتك في شخصي،
سائِلةً اللهَ تعالى أن يَجعلني عند حُسن ظنِّك، وخيرًا مما تَظنِّين.
أمَّا بخصوص وجودي في عيادة خاصَّة بالعراق، فللأسف أنا حاليًّا
مُقيمة خارج العراق، ولكنَّ هذا لَم ولن يَمنعني - بإذن الله تعالى - من التواصُل
مع أهلي في العراق بكلِّ ما يُمكنني تقديمه، وعن طريق المواقع المباركة
التي أعملُ معها، وكذلك عن طريق البرامج التي تُقَدَّم في بعض القنوات العراقيَّة.
وعَودة إلى رسالتك، فإني يا أُختي الكريمة أجدُ بعض اللَّبس في تشخيص
حالة أُختك بإصابتها بمتلازمة أو عَرَض داون؛ حيث إنَّ لهذه الحالة
خصوصيَّات وأعراضًا تبدو على المُصاب بها منذ المراحل الأولى للطفولة،
ولا أقصد الأعراض السلوكيَّة فقط، بل الشكليَّة أيضًا؛
مثل: تَفلطح الأنف، وعرض اللسان، وكثرة أخاديده،
ووجود قطعة جلديَّة على الجَفْن،
وشَكْل الأصابع والكف، وغير ذلك.
كما أنَّ نسبة الذكاء لدى المُصابين، تكون في مستوًى مُتدنٍّ بشكلٍ عام،
ويَزيد انخفاضها كلَّما زادَت شدَّة الحالة، وهذا الأمر يَظهر أيضًا بشكلٍ مُبكر؛
لأنَّ هذا العَرَض يَتزامَن مع تكوين الجَنِين، فكيف سارَت حالة أُختك طيلة
اثنين وعشرين عامًا بشكلٍ طبيعي، دون انتباهٍ لأيٍّ من تلك الأعراض؟!
من ناحية أخرى، فإنَّ الأعراض التي أشَرْتِ إليها في رسالتك عن حالة أُختك،
والتي أثارَت انتباهك لاضطرابها، ليستْ معنيَّة بعرَض داون،
رغم إشارة تلك الأعراض إلى وجود اضطرابٍ نفسيٍّ ما،
قد لا يكون مستواه صعبًا، خاصة أنَّكِ أشَرْتِ إلى امْتعاضك
من عدم تحدُّثها إليكم فيما تُعانيه؛
مما يُشير إلى أنها تتصرَّف بطريقةٍ سويَّة بشكلٍ عام،
دَفَعتكم لتوقُّع تَحدُّثها معكم عمَّا تَشعر به؛ ولذلك فإنِّي أنصحكِ يا أُختي الكريمة،
أن تَعمَدي أولاً إلى التحقُّق من التشخيص السليم لحالة أُختك،
فليس من الدَّارج اكتشافُ هذا العَرَض بعد هذه المدَّة الطويلة من السنين،
خاصة أني أجدُ أحيانًا - للأسف - أخطاءً في تحديد أسباب
الأعراض النفسيَّة التي تَظهر على الحالة،
ومن ثَمَّ الخطأ في تشخيص المرض أو العرَض لدى المُصاب.
ومن ناحية أخرى، فإنَّ الأحداث المُؤلِمة التي عصَفت ولا تَزال تَعْصِف
بالعراق وأهله، لا بدَّ أن تتركَ آثارَها النفسيَّة والانفعاليَّة على نفوسهم،
خاصة إذا كانتْ هناك تجربةٌ أو مواقفُ شخصيَّة سيِّئة مع تلك الأحداث،
وهذه الأمور كلها لا بدَّ أن يتمَّ مُراعاتها في التشخيص، وفي تَحرِّي خُطوات العلاج.
وفيما يَخصُّ عنادَ أُختك، فإن كان تشخيص حالتها صائبًا
- بإصابتها بعرَض داون - أو غير صائبًا، فأنصحكِ بالتعامل مع
عنادها في السلوكيَّات اليسيرة برفق وغضِّ النظر عنها،
وعدم إشعارها بانزعاجكِ مما تقوم به؛ كيلا تتَّخذ هذا الأمر
وسيلةً للضغط أو للإفصاح عن مشاعرها السلبيَّة.
كما أطلبُ منكِ التعرُّفَ على مُسبِّبات ما يُفرحها ويُدخل السرور على قلبها؛
سواء كانت تلك المُسبِّبات عبارات ثناءٍ عليها، أو أساليبَ سلوكيَّة في
التعامُل معها، أو حاجات ماديَّة تَسعد بامْتلاكها.
لتَستخدمي تلك المُسبِّبات في تعزيز السلوكيَّات التي تُريدين لأُختك
أن تتبنَّاها، وفي تقديمها كمُكافأة عن تَرْكها السلوكَ غير المرغوب، فيتم تعزيزُ ذلك
أيضًا في نفسها.
واعْلَمي يا عزيزتي أنَّ اقتناص لحظات السعادة والترفيه المشروع،
يَعملان بشكلٍ كبيرٍ على رَفْع مستوى الصحة النفسيَّة، ومقاومة الضغوط
التي قد يُواجهها الإنسان فيما بعدُ؛ ولذلك أطلبُ منكِ الاهتمام بشكلٍ كبيرٍ بهذا
الجانب لنفسك ولأُختك، وجميع أفراد أُسرتك؛ فإن ذلك سيَترك في نفسك
قوَّة وتوازُنًا في مُواجهة مُعاناتك مع حال أُختك، ولا سيَّما أنَّك ما زِلْتِ
حديثةَ عهدٍ بأمرها، كما أنه يَدعمها نفسيًّا بشكلٍ إيجابي، بالإضافة
إلى أنَّ مشاركتكِ لها في تلك الأوقات واللحظات ستَبني في نفسها
ميولاً أقوى تجاهك، تُعيقها عن إغضابكِ منها؛ مما يَدفعها عن الكفِّ
أو التقليل من القيام بأفعالٍ تتسبَّب في خصامك منها.
وأخيرًا:
أختمُ بالدعاء إلى الله تعالى أن يَؤْجُرَكِ وأُسرتك على همِّكم،
ويُخْلِفَ لكم خيرًا، ويَجزيكِ عمَّا تقومين به لأُختك خيرَ الجزاء، ويَنفع بكِ.
أ. شروق الجبوري
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أُختي مِن أفراد متلازمة داون ، ولكن درَجتها خفيفة جدًّا؛
ونتعامل معها على أنها طبيعية، ولا نشعرها بأنها مريضة،
ولكن في المدة الأخيرة بدَأَت تتصرَّف تصرُّفات غريبة؛
مثل: الضَّحك مع نفسها، وأحيانًا أراها تَرتجف، وهي لا تريد
أن تُخبرنا بأسباب ذلك، ولا نَعرف كيف نتعامَل معها؟
نُعاني من عنادها الشديد الذي يؤدِّي إلى تعامُلي معها بعُنفٍ أحيانًا؛
لذا أرجو أن تُرشدوني إلى كيفيَّة التصرُّف معها.
وأتمنَّى أن أكونَ على اتِّصال بالأستاذة شروق الجبوري، ومعرفة ما
إذا كانت موجودة في عيادة خاصَّة بالعراق؛ لقَصْدها في الاستشارات النفسيَّة.
وجُزيتُم خيرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
أُختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يُسعدنا أن نُرحِّب بكِ في شبكة الألوكة، ونَشكركِ على انضمامكِ إليها،
داعين المولَى القدير أن يُسَدِّدنا في تقديم ما يَنفعك ويَنفع جميع المُستشيرين.
كما أَوَدُّ أن أُقَدِّم لحَضرتك شكري الجزيل على اختيارك وثِقَتك في شخصي،
سائِلةً اللهَ تعالى أن يَجعلني عند حُسن ظنِّك، وخيرًا مما تَظنِّين.
أمَّا بخصوص وجودي في عيادة خاصَّة بالعراق، فللأسف أنا حاليًّا
مُقيمة خارج العراق، ولكنَّ هذا لَم ولن يَمنعني - بإذن الله تعالى - من التواصُل
مع أهلي في العراق بكلِّ ما يُمكنني تقديمه، وعن طريق المواقع المباركة
التي أعملُ معها، وكذلك عن طريق البرامج التي تُقَدَّم في بعض القنوات العراقيَّة.
وعَودة إلى رسالتك، فإني يا أُختي الكريمة أجدُ بعض اللَّبس في تشخيص
حالة أُختك بإصابتها بمتلازمة أو عَرَض داون؛ حيث إنَّ لهذه الحالة
خصوصيَّات وأعراضًا تبدو على المُصاب بها منذ المراحل الأولى للطفولة،
ولا أقصد الأعراض السلوكيَّة فقط، بل الشكليَّة أيضًا؛
مثل: تَفلطح الأنف، وعرض اللسان، وكثرة أخاديده،
ووجود قطعة جلديَّة على الجَفْن،
وشَكْل الأصابع والكف، وغير ذلك.
كما أنَّ نسبة الذكاء لدى المُصابين، تكون في مستوًى مُتدنٍّ بشكلٍ عام،
ويَزيد انخفاضها كلَّما زادَت شدَّة الحالة، وهذا الأمر يَظهر أيضًا بشكلٍ مُبكر؛
لأنَّ هذا العَرَض يَتزامَن مع تكوين الجَنِين، فكيف سارَت حالة أُختك طيلة
اثنين وعشرين عامًا بشكلٍ طبيعي، دون انتباهٍ لأيٍّ من تلك الأعراض؟!
من ناحية أخرى، فإنَّ الأعراض التي أشَرْتِ إليها في رسالتك عن حالة أُختك،
والتي أثارَت انتباهك لاضطرابها، ليستْ معنيَّة بعرَض داون،
رغم إشارة تلك الأعراض إلى وجود اضطرابٍ نفسيٍّ ما،
قد لا يكون مستواه صعبًا، خاصة أنَّكِ أشَرْتِ إلى امْتعاضك
من عدم تحدُّثها إليكم فيما تُعانيه؛
مما يُشير إلى أنها تتصرَّف بطريقةٍ سويَّة بشكلٍ عام،
دَفَعتكم لتوقُّع تَحدُّثها معكم عمَّا تَشعر به؛ ولذلك فإنِّي أنصحكِ يا أُختي الكريمة،
أن تَعمَدي أولاً إلى التحقُّق من التشخيص السليم لحالة أُختك،
فليس من الدَّارج اكتشافُ هذا العَرَض بعد هذه المدَّة الطويلة من السنين،
خاصة أني أجدُ أحيانًا - للأسف - أخطاءً في تحديد أسباب
الأعراض النفسيَّة التي تَظهر على الحالة،
ومن ثَمَّ الخطأ في تشخيص المرض أو العرَض لدى المُصاب.
ومن ناحية أخرى، فإنَّ الأحداث المُؤلِمة التي عصَفت ولا تَزال تَعْصِف
بالعراق وأهله، لا بدَّ أن تتركَ آثارَها النفسيَّة والانفعاليَّة على نفوسهم،
خاصة إذا كانتْ هناك تجربةٌ أو مواقفُ شخصيَّة سيِّئة مع تلك الأحداث،
وهذه الأمور كلها لا بدَّ أن يتمَّ مُراعاتها في التشخيص، وفي تَحرِّي خُطوات العلاج.
وفيما يَخصُّ عنادَ أُختك، فإن كان تشخيص حالتها صائبًا
- بإصابتها بعرَض داون - أو غير صائبًا، فأنصحكِ بالتعامل مع
عنادها في السلوكيَّات اليسيرة برفق وغضِّ النظر عنها،
وعدم إشعارها بانزعاجكِ مما تقوم به؛ كيلا تتَّخذ هذا الأمر
وسيلةً للضغط أو للإفصاح عن مشاعرها السلبيَّة.
كما أطلبُ منكِ التعرُّفَ على مُسبِّبات ما يُفرحها ويُدخل السرور على قلبها؛
سواء كانت تلك المُسبِّبات عبارات ثناءٍ عليها، أو أساليبَ سلوكيَّة في
التعامُل معها، أو حاجات ماديَّة تَسعد بامْتلاكها.
لتَستخدمي تلك المُسبِّبات في تعزيز السلوكيَّات التي تُريدين لأُختك
أن تتبنَّاها، وفي تقديمها كمُكافأة عن تَرْكها السلوكَ غير المرغوب، فيتم تعزيزُ ذلك
أيضًا في نفسها.
واعْلَمي يا عزيزتي أنَّ اقتناص لحظات السعادة والترفيه المشروع،
يَعملان بشكلٍ كبيرٍ على رَفْع مستوى الصحة النفسيَّة، ومقاومة الضغوط
التي قد يُواجهها الإنسان فيما بعدُ؛ ولذلك أطلبُ منكِ الاهتمام بشكلٍ كبيرٍ بهذا
الجانب لنفسك ولأُختك، وجميع أفراد أُسرتك؛ فإن ذلك سيَترك في نفسك
قوَّة وتوازُنًا في مُواجهة مُعاناتك مع حال أُختك، ولا سيَّما أنَّك ما زِلْتِ
حديثةَ عهدٍ بأمرها، كما أنه يَدعمها نفسيًّا بشكلٍ إيجابي، بالإضافة
إلى أنَّ مشاركتكِ لها في تلك الأوقات واللحظات ستَبني في نفسها
ميولاً أقوى تجاهك، تُعيقها عن إغضابكِ منها؛ مما يَدفعها عن الكفِّ
أو التقليل من القيام بأفعالٍ تتسبَّب في خصامك منها.
وأخيرًا:
أختمُ بالدعاء إلى الله تعالى أن يَؤْجُرَكِ وأُسرتك على همِّكم،
ويُخْلِفَ لكم خيرًا، ويَجزيكِ عمَّا تقومين به لأُختك خيرَ الجزاء، ويَنفع بكِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق