محتار ومتوتِّر وأجد صعوبةً في اتخاذ القرار
د. ياسر بكار
السؤال
أنا أُواجِه مشكلةً في اتِّخاذ قراري الوحيد الحسَّاس في اعتباري شخصيًّا،
وهو قرار الاستقالة من عملي الحالي، والتوَجُّه لعمل آخر.
صعوبة القرار تكمُن في عدم الراحة من طبيعة العمل والمكان،
مع الرِّضا التام عن المميزات المادية، أنا لم أكمل الدراسة الجامعية؛
بسبب أن العمل الحالي لا يشترطها، ولكن يُشترط اجتياز البرنامج الخاص به،
والذي يَمْتَدُّ إلى ما يقارب سنتين ونصف، مع العلم بأنها لا تُعتبر
شهادة رسمية؛ حيث إنها دورات داخلية خاصة.
أما العمل الآخر فأجِد في نفسي الاطمئنانَ لطبيعته ولراحتي النفسية
فيما بعدُ، ولكن المادَّة - وهي تعتبر منَ الأولويات - تقلُّ في هذه
الوظيفة عن سابقتها، ولكن بشكل يسير.
أمَّا المستقبلُ فأفضل للعمل الحالي، أما الآخر فَبِهِ بعضُ المخاوف المستقبلية.
أرجو النصيحة
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخ الكريم، شكرًا لكَ على هذه التحيَّة الرقيقة، وأسال الله
- سبحانه وتعالى - أن يتقبَّلَ منكَ دعواتك المخلِصة.
قرأتُ رسالتك باهتمامٍ، وشعرْتُ بمدى حيرتك، فقرارُك ليس بالقرارِ السَّهْل؛
خاصة وأن لكلا الخيارَيْن إغراءَاتِه وسلبياته، والتردُّد في مثْل
هذه الحالات أمْرٌ مألوف، ومُتَكَرِّر، ولا يُثير القلق.
وسَأُرَكِّزُ في ردِّي على بعض النِّقاط المهمَّة، التي أرجو
أن تجدَ فيها ما يُخَفِّفَ حيرتك - بإذن الله.
الأمر الأول، هناك بعضُ الشروط المهمة، التي ينبغي أن نراعيها عند اختيار
المهْنة، وهي:
1- أن تمنحنا شعورًا بالتقدير والدَّعْم والرضا.
2-أن تسمحَ لنا بالتفوُّق والتطوُّر المستمر؛ بحيث تُصبح خطوةً إيجابية
في مسيرة بناء السيرة الذاتية والسُّلَّم المهني؛ فالأماكن التي لا تُعطي الفردَ
هذه الفُرَص وتدفعه إلى البقاء في مكانه دون أيِّ تقَدُّم - هي أعمال عقيمة، تقتله ببُطْءٍ.
3- أن تُلامس نقاط قوتنا، وتحفز نقاط الإبداع لدينا؛ فأنا لا أتَّفِقُ معك
في ربط رضاك عن العمل بارتياحك للأشخاص،
أو رضاك عن طبيعته، وأرجو منك أن تُغَيِّرَ هذه النظرة.
بالتأكيد هذه الأمور مهمة، لكن الرضا عن العمل لا بد أن يرتبطَ بالدرجة
الأولى بقُدرته على تفعيل نقاط قوتك، وتحفيز قدراتك، فمِثْل هذه الأعمال
التي تَسْتَثِير إمكانياتك هي وَحْدها التي تستحق أن تصرفَ وقتك وحياتك فيها،
وذلك بغَضِّ النظَر عن المقابل المادي، حيث تسمح لك هذه الأعمال بالتطوُّر
مع الوقت، كما أن الحاجة إليها تزيد مع الخِبْرة والتدريب.
الأمر الثاني الذي أوَدُّ التركيز عليه: هو ما ذكرته في رسالتك،
بشأن عدم استكمالك لدراستك الجامعية، دعْني أُذَكِّرْك بأمر مهم جدًّا،
غاب كثيرًا عن أذهاننا: وهو أنه لم تَعُد الشهادةُ الجامعية - التي ما زال
البعضُ على اعتقاد تامٍّ بأنها تؤمِّن لهم مستقبلاً باهرًا - ضرورةً في
عالَم المِهَن، فقد لا تَتَطَلَّبُ بعضُ المهن شهادة جامعية مرموقة،
بقَدْر ما تحتاج إلى شخصٍ يستطيع أن يقومَ بالعمل، وينتج، وينتهي
بنتيجةٍ إيجابية في أسرع وقت وبأقل تكلفة، ويَتَأَتَّى له ذلك من
خلال التدريب والخبرة، والدراسة الجامعية المناسبة.
وهكذا، لا بد أن يتمَّ الانتقال من مهنة إلى أخرى، من خلال عملية
محسوبة ومدروسة، تعِدُّ من خلالها ذاتك، وتُطَوِّر ما لديك من خبرات ومهارات،
ويمكنك استكمال دراساتك الجامعية عن بُعد أو في فصول مسائية؛
فهذا يجعلك أكثر قدرةً على الانتقال من مهنة لأخرى بشكل سلس ومثمر.
وختامًا: أوصيك بالاستعانة بالله، والتَّوَكُّل عليه؛ فهو وحده – سبحانه -
القادر على هدايتك لاتخاذ القرار الذي فيه الخير لك.
تقبل تحياتي وتمنياتي بالتوفيق الدائم.
د. ياسر بكار
السؤال
أنا أُواجِه مشكلةً في اتِّخاذ قراري الوحيد الحسَّاس في اعتباري شخصيًّا،
وهو قرار الاستقالة من عملي الحالي، والتوَجُّه لعمل آخر.
صعوبة القرار تكمُن في عدم الراحة من طبيعة العمل والمكان،
مع الرِّضا التام عن المميزات المادية، أنا لم أكمل الدراسة الجامعية؛
بسبب أن العمل الحالي لا يشترطها، ولكن يُشترط اجتياز البرنامج الخاص به،
والذي يَمْتَدُّ إلى ما يقارب سنتين ونصف، مع العلم بأنها لا تُعتبر
شهادة رسمية؛ حيث إنها دورات داخلية خاصة.
أما العمل الآخر فأجِد في نفسي الاطمئنانَ لطبيعته ولراحتي النفسية
فيما بعدُ، ولكن المادَّة - وهي تعتبر منَ الأولويات - تقلُّ في هذه
الوظيفة عن سابقتها، ولكن بشكل يسير.
أمَّا المستقبلُ فأفضل للعمل الحالي، أما الآخر فَبِهِ بعضُ المخاوف المستقبلية.
أرجو النصيحة
الجواب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الأخ الكريم، شكرًا لكَ على هذه التحيَّة الرقيقة، وأسال الله
- سبحانه وتعالى - أن يتقبَّلَ منكَ دعواتك المخلِصة.
قرأتُ رسالتك باهتمامٍ، وشعرْتُ بمدى حيرتك، فقرارُك ليس بالقرارِ السَّهْل؛
خاصة وأن لكلا الخيارَيْن إغراءَاتِه وسلبياته، والتردُّد في مثْل
هذه الحالات أمْرٌ مألوف، ومُتَكَرِّر، ولا يُثير القلق.
وسَأُرَكِّزُ في ردِّي على بعض النِّقاط المهمَّة، التي أرجو
أن تجدَ فيها ما يُخَفِّفَ حيرتك - بإذن الله.
الأمر الأول، هناك بعضُ الشروط المهمة، التي ينبغي أن نراعيها عند اختيار
المهْنة، وهي:
1- أن تمنحنا شعورًا بالتقدير والدَّعْم والرضا.
2-أن تسمحَ لنا بالتفوُّق والتطوُّر المستمر؛ بحيث تُصبح خطوةً إيجابية
في مسيرة بناء السيرة الذاتية والسُّلَّم المهني؛ فالأماكن التي لا تُعطي الفردَ
هذه الفُرَص وتدفعه إلى البقاء في مكانه دون أيِّ تقَدُّم - هي أعمال عقيمة، تقتله ببُطْءٍ.
3- أن تُلامس نقاط قوتنا، وتحفز نقاط الإبداع لدينا؛ فأنا لا أتَّفِقُ معك
في ربط رضاك عن العمل بارتياحك للأشخاص،
أو رضاك عن طبيعته، وأرجو منك أن تُغَيِّرَ هذه النظرة.
بالتأكيد هذه الأمور مهمة، لكن الرضا عن العمل لا بد أن يرتبطَ بالدرجة
الأولى بقُدرته على تفعيل نقاط قوتك، وتحفيز قدراتك، فمِثْل هذه الأعمال
التي تَسْتَثِير إمكانياتك هي وَحْدها التي تستحق أن تصرفَ وقتك وحياتك فيها،
وذلك بغَضِّ النظَر عن المقابل المادي، حيث تسمح لك هذه الأعمال بالتطوُّر
مع الوقت، كما أن الحاجة إليها تزيد مع الخِبْرة والتدريب.
الأمر الثاني الذي أوَدُّ التركيز عليه: هو ما ذكرته في رسالتك،
بشأن عدم استكمالك لدراستك الجامعية، دعْني أُذَكِّرْك بأمر مهم جدًّا،
غاب كثيرًا عن أذهاننا: وهو أنه لم تَعُد الشهادةُ الجامعية - التي ما زال
البعضُ على اعتقاد تامٍّ بأنها تؤمِّن لهم مستقبلاً باهرًا - ضرورةً في
عالَم المِهَن، فقد لا تَتَطَلَّبُ بعضُ المهن شهادة جامعية مرموقة،
بقَدْر ما تحتاج إلى شخصٍ يستطيع أن يقومَ بالعمل، وينتج، وينتهي
بنتيجةٍ إيجابية في أسرع وقت وبأقل تكلفة، ويَتَأَتَّى له ذلك من
خلال التدريب والخبرة، والدراسة الجامعية المناسبة.
وهكذا، لا بد أن يتمَّ الانتقال من مهنة إلى أخرى، من خلال عملية
محسوبة ومدروسة، تعِدُّ من خلالها ذاتك، وتُطَوِّر ما لديك من خبرات ومهارات،
ويمكنك استكمال دراساتك الجامعية عن بُعد أو في فصول مسائية؛
فهذا يجعلك أكثر قدرةً على الانتقال من مهنة لأخرى بشكل سلس ومثمر.
وختامًا: أوصيك بالاستعانة بالله، والتَّوَكُّل عليه؛ فهو وحده – سبحانه -
القادر على هدايتك لاتخاذ القرار الذي فيه الخير لك.
تقبل تحياتي وتمنياتي بالتوفيق الدائم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق