دور الأسرة في إنحراف الأولاد
الأسباب والعلاج
( الجزء السادس - 8 )
6 - حالات الطلاق وما يصحبها من مشكلات
لا يستغنى الولد الصغير عن أبويه فلا يستغنى عن أبيه الذي ينفق عليه،
ويحفظه ويحميه ويؤدبه، كما أنه لا يستغنى عن أمه التي ترعاه
وتعتنى به وتحنو عليه.
والطفل السليم المكتمل بناؤه النفسي والعاطفي هو الطفل
الذي ينمو في أسرة متكاملة غير مفككة، يتبادل أفرادها معاني الحب والود،
ويرعى كل واحد عواطف صاحبه ومشاعره.
أهمية دور الأم في التربية
للأم وظيفة مهمة في التربية بالنسبة للطفل الصغير خاصة
إذ إن بنائها الجسمي والنفسي مهيء لتحمل أعباء التربية والحضانة
والاعتناء بالطفل، فلا يستطيع الرجل أن يسد مكان الأم ودورها في المجتمع،
وأقرب مثل لهذا الموضوع ما يشاهد في عالم الحيوان
إذ ينتهي دور الذكر بالتلقيح في معظم الحيوانات،
أما الأم فلا ينتهي عملها ووظيفتها التربوية حتى يكتمل البناء الجسمي
للصغير ويصبح معتمداً على نفسه في جميع شؤونه.
أما في الإنسان فالقضية أعمق؛ إذ ليس دور الأم فقط تأمين الغذاء للولد،
ورعاية بدنه وملابسه فحسب؛ بل إن دورها الأكبر والأعظم
هو ذلك الحب المتدفق من قلبها على الولد، وذلك الحنان الذي شعر الولد فيه
بالأمن والسعادة فينمو بدنه وعقله ونفسه نمواً متكاملاً،
بحيث لو زاد انعزاله عن أمه أكثر من ثلاثة أشهر إلى أن يصل إلى خمسة
أشهر فإن نموه العاطفي يختل عن أقرانه من الأطفال ،
وتعد فترة الطفولة المبكرة خاصة في الفترة من تسعة أشهر
إلى ثمانية عشر شهراً أقصى مراحل الخطر الذي يمكن أن يحدث للطفل
من جراء عزله عن أمه.
ونظراً لأهمية دور الأم بالنسبة للطفل الصغير فإن من محاسن الشريعة
الإسلامية أن قدمت النساء على الرجال في رعاية الأطفال؛
لأنهن أخبر بأمور الحضانة والتربية منهم، يقول :
( المرأة أحق بولدها ما لم تزوج )
أضرار الطلاق على الأولاد
يتأثر الوالدان بانفصالهما عن بعضهما البعض،
حيث يخسر كل واحد منهما المميزات الطيبة التي كان يتمتع بها من رفيقه،
كما أنهما يستريحان من سوء تصرف أحدهما مع الآخر،
ولكن الأطفال في العادة يخسرون أكثر من الآباء؛
إذ إن وجودهم بين الأب والأم لـه أهميته البالغة والعميقة في نفوسهم؛
إذ لا يمكن أن ينشأ الولد نشأة معتدلة سوية بدون الأب والأم معاً،
فلو فقد ابن أباه في سن السادسة أو السابعة مثلاً، أثر ذلك عليه تأثيراً سيئاً
وربما ساقه هذا الحرمان إلى مص أصابعه وكثر المشاغبات
والتبول اللاإرادي.
تدل الإحصاءات على أن تفكك الأسر وخاصة ما كان راجعاً إلى الطلاق
من أهم العوامل التي تؤدي إلى جنوح الأحداث
وهو مظهر متطرف من مظاهر سوء التكيف الاجتماعي،
وقد ترسم في ذهن الطفل الذي قد ينشأ في هذا البيت صورة قبيحة
مشوهة عن حياة الأسرة وعن الدور الذي يلعبه كل من الرجل والمرأة
في المجتمع، كما أن الطلاق نفسه قد يشعر الطفل بشيء من الخزي
والنقص، فهو يحس أنه غريب في مجتمع أغلب أسره متماسكة
حيث يعيش معظم الأولاد والبنات مع آبائهم وأمهاتهم.
وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية في المملكة أن ظاهرة الطلاق
منتشرة واضحة في المجتمع السعودي فبلغت نسبة الطلاق في بعض
المدن السعودية كمدينة جدة ارتفاعاً كبيراً في عام 1404هـ
ووصلت إلى 683 حالة وهي أكثر بكثير من الزواج،
وتبين من بيانات الزواج والطلاق في محاكم المملكة
خلال الفترة 1402 وحتى 1405هـ ازدياد نسبة حالات الطلاق
إلى حالات الزواج، حيث ورد عن شعبة الإحصاء بوزارة العدل عام 1405هـ
أن معدل الطلاق إلى الزواج في عام 1402هـ يساوي 26%
ثم ارتفع المعدل إلى 31% عام 1404هـ وإلى 27% عام 1405هـ.
العـــــلاج
الإسلام بمبادئه الرشيدة أمر كلاً من الزوجين أن يقوما بالحقوق
نحو بعضهما البعض، حتى لا يؤول بهما الأمر إلى نتائج لا تحمد عقباها.
فمن هذه الحقوق: طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف
فقد روى أنس رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها
وأطاعت بعلها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت )
وعن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أيما امرأة ماتت زوجها راض عنها دخلت الجنة )
ومن هذه الحقوق عدم امتناعها عن فراش زوجها إذا طلبها إليه
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت
فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح )
ومن هذه الحقوق أن تحفظ الزوجة للزوج ما لـه ونفسها
لقولـه صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟
المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته،
وإذا غاب عنها حفظته في ماله ونفسها )
أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب النكاح، باب أفضل النساء
ومن هذه الحقوق قيام الزوج بواجب النفقة على الزوجة والأولاد
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع :
( اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله
واستحللتم فروجهن بكلمة الله...
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )
ومن هذه الحقوق أن يغض الزوج طرفه عن بعض نقائص زوجته
ولا سيما إن كان لها محاسن ومكاره تغطي هذا النقص
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )
لا يفرك أي: لا يبغض.
ومن هذه الحقوق معاشرة الزوج زوجته بالمعروف والمزاح معها
وعن عائشة رضي الله عنها قال:
قال رسول الله صلى الله عليه :
( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت:
( فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته
فسبقني فقال هذه بتلك السبقة )
ومن هذه الحقوق استشارة الزوج زوجته
في أمور البيت لقولـه صلى الله عليه وسلم :
( أمروا النساء في بناتهن )
أي: استئذنوهن في البنات قبل أن يخطبن.
تكلم أهم الحقوق التي أوجبها الله على كل من الزوجين،
وهي حقوق واقعية وعادلة، عندما ينفذها كل من الزوج والزوجة
يحصل الوفاق محل الفرقة، وتتحقق المحبة محل الكراهية،
ولا يمكن أن يحدث ما يعكر صفو الأسرة.
وفي حال تعذر الوفاق لسوء خلق الزوج أو سوء خلق الزوجة،
ولا يمكن بحال أن تتحقق المعيشة بينهم،
فعلى الزوج أن يأخذ بالاحتياطات الكاملة قبل إيقاع الطلاق.
وهذه الاحتياطات مرتبة كما يلي:
(1) الوعظ والإرشاد من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
(2) الهجر في المضجع وهي عقوبة نفسية، لعل المرأة تعود إلى صوابها.
(3) الضرب غير المبرح: إذا كان باعتقاده أنه ينفع ويشترط فيه
ألا يكون شديداً، ثم بالتالي ألا يترك أثراً في جسم المرأة،
ويشترط كذلك ألا يكون الضرب في مواضع مؤذية كالوجه والصدر،
والبطن، والدليل على ما سبق قولـه صلى الله عليه وسلم :
( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله
واستحللتم فروجهن بكلمة الله،
ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحد تكرهونه
فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح... )
وهو بهذه الشروط إلى التهديد أقرب منه إلى الإيلام والإيذاء
فإذا ضربها فإنه يضربها بيده ضرباً خفيفاً أو بمسواك،
فإن كانت من النوع الذي لا يضرب ألحقها بأهلها لتتأدب
ولا شك أن الرجل الكريم لا يمكن أن يضرب المرأة
وعن عبدالله بن زمعة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا يجلد أحدكم امرأته جل العبد ثم يجامعها في آخر اليوم )
(4) وأخيراً اللجوء إلى التحكيم: وذلك بتدخل وسطاء عقلاء من أهله وأهلها
يدرسون المشكلات القائمة بين الزوجين، ويقترحون الحلول العملية
لإعادة الوفاق والتفاهم بينهما، لعلها تجدي قبل وقوع الطلاق.
وفي حال تعذر الوفاق بعد الأخذ بهذه المراحل يطلقها تطليقة واحدة
في طهر لم يجامعها فيه لإتاحة الفرصة في إعادة الحياة الزوجية
بعد التطليقة الأولى وفي حال وقوع الطلاق أوجب الإسلام على الزوج
المتعة ونفقة العدة، ونفقة الأولاد حتى لا تشقى المطلقة
ولا يشقى معها أولادها
وعلى الأب أن يخفف وطئة الطلاق على نفوس الأولاد
ويكون ذلك بمصارحة الكبار منهم، وإقناعهم بأنه أفضل حل للأسرة،
إذ لا يمكن أن تستمر الحياة مع طول الخصام.
ويبين لهم أنهم سوف يجتمعون به في أوقات معلومة
وبالأم في أوقات معلومة أخرى.
ويحذر الأب كل الحذر من أن يجره حنقه وحقده على المرأة
أن ينتقم منها بإيذاء الأولاد، كأن يحرمها من رؤيتهم،
فإن هذا من الحرام إلى جانب ما فيه من المضرة بالأولاد
يقول عليه الصلاة والسلام في حق من فرق بين الولد وأمه من السبي:
( من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة )
فإذا كان هذا في حق السبي من الأطفال والنساء الكفار،
فكيف بالحرائر المؤمنات؟
وإذا كان الولد صغيراً غير مميز فإن أمه أحق به إذا تنازع الوالدان فيه
وذلك لأن الأم أصلح لـه من الأب؛ لأن النساء أرفق بالصغير،
وأخبر بتغذيته وحمله وأصبر على ذلك، وأرحم به فهي أقدر
وأخبر وأرحم وأصبر في هذا الموضع،
فعنيت الأم في حق الطفل غير المميز بالشرع
أما إن كان الولد مميزاً فإنه يخير بين أبويه،
فإن اختار الأم كان عندها في الليل، أما النهار فيكون عند الأب
ليعلمه ويؤدبه، وأما إن اختار الأب فإنه يبقى عنده ليلاً ونهاراً
ويزور أمه ولا يمنع من ذلك،
فإن عاد الولد واختار الآخر من الأبوين نقل إليه .
أما إذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها إما لمرضها
أو لكبر سنها أو لدمامة وجهها، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما
ولو كان في الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضيه لزوجها
روى البخاري عن عائشة قالت في هذه الرواية:
[ هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها،
فيريد طلاقها ويتزوج عليها تقول: امسكني ولا تطلقني وتزوج غيري
فأنت في حل من النفقة عليّ والقسمة لي ]
أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب النكاح،
باب وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضاً
قال في المغني:
[ ومن صالحته على ترك شيء من قسمتها أو نفقتها أو على ذلك كله جاز...
وإن رجعت فلها ذلك وقال أحمد في الرجل يغيب عن امرأته فيقول لها:
إن رضيت على هذا، وإلا فأتت أعلم فتقول قد رضيت،
فهو جائز فإن شاءت رجعت ]
إحصائيات الطلاق
في المملكة والرياض من عام 1409هـ حتى 1422هـ
ومازال في ازدياد حتى يومنا هذا
عام 1409هـ في المملكة 13234 وفي الرياض 2702.
عام 1412هـ في الرياض 3098.
عام 1413هـ في الرياض 2825.
عام 1414هـ في الرياض 3518.
عام 1415هـ في المملكة 12192 وفي الرياض 3449.
عام 1416هـ في المملكة 14054 وفي الرياض 3721.
عام 1419هـ في المملكة 17528 وفي الرياض 4017.
عام 1421هـ في الرياض 4221.
عام 1422هـ في الرياض 4917.
( تم الحصول عليها من محكمة الضمان والأنكحة بالرياض ).
وللحديث بقية إن شاء الله
الأسباب والعلاج
( الجزء السادس - 8 )
6 - حالات الطلاق وما يصحبها من مشكلات
لا يستغنى الولد الصغير عن أبويه فلا يستغنى عن أبيه الذي ينفق عليه،
ويحفظه ويحميه ويؤدبه، كما أنه لا يستغنى عن أمه التي ترعاه
وتعتنى به وتحنو عليه.
والطفل السليم المكتمل بناؤه النفسي والعاطفي هو الطفل
الذي ينمو في أسرة متكاملة غير مفككة، يتبادل أفرادها معاني الحب والود،
ويرعى كل واحد عواطف صاحبه ومشاعره.
أهمية دور الأم في التربية
للأم وظيفة مهمة في التربية بالنسبة للطفل الصغير خاصة
إذ إن بنائها الجسمي والنفسي مهيء لتحمل أعباء التربية والحضانة
والاعتناء بالطفل، فلا يستطيع الرجل أن يسد مكان الأم ودورها في المجتمع،
وأقرب مثل لهذا الموضوع ما يشاهد في عالم الحيوان
إذ ينتهي دور الذكر بالتلقيح في معظم الحيوانات،
أما الأم فلا ينتهي عملها ووظيفتها التربوية حتى يكتمل البناء الجسمي
للصغير ويصبح معتمداً على نفسه في جميع شؤونه.
أما في الإنسان فالقضية أعمق؛ إذ ليس دور الأم فقط تأمين الغذاء للولد،
ورعاية بدنه وملابسه فحسب؛ بل إن دورها الأكبر والأعظم
هو ذلك الحب المتدفق من قلبها على الولد، وذلك الحنان الذي شعر الولد فيه
بالأمن والسعادة فينمو بدنه وعقله ونفسه نمواً متكاملاً،
بحيث لو زاد انعزاله عن أمه أكثر من ثلاثة أشهر إلى أن يصل إلى خمسة
أشهر فإن نموه العاطفي يختل عن أقرانه من الأطفال ،
وتعد فترة الطفولة المبكرة خاصة في الفترة من تسعة أشهر
إلى ثمانية عشر شهراً أقصى مراحل الخطر الذي يمكن أن يحدث للطفل
من جراء عزله عن أمه.
ونظراً لأهمية دور الأم بالنسبة للطفل الصغير فإن من محاسن الشريعة
الإسلامية أن قدمت النساء على الرجال في رعاية الأطفال؛
لأنهن أخبر بأمور الحضانة والتربية منهم، يقول :
( المرأة أحق بولدها ما لم تزوج )
أضرار الطلاق على الأولاد
يتأثر الوالدان بانفصالهما عن بعضهما البعض،
حيث يخسر كل واحد منهما المميزات الطيبة التي كان يتمتع بها من رفيقه،
كما أنهما يستريحان من سوء تصرف أحدهما مع الآخر،
ولكن الأطفال في العادة يخسرون أكثر من الآباء؛
إذ إن وجودهم بين الأب والأم لـه أهميته البالغة والعميقة في نفوسهم؛
إذ لا يمكن أن ينشأ الولد نشأة معتدلة سوية بدون الأب والأم معاً،
فلو فقد ابن أباه في سن السادسة أو السابعة مثلاً، أثر ذلك عليه تأثيراً سيئاً
وربما ساقه هذا الحرمان إلى مص أصابعه وكثر المشاغبات
والتبول اللاإرادي.
تدل الإحصاءات على أن تفكك الأسر وخاصة ما كان راجعاً إلى الطلاق
من أهم العوامل التي تؤدي إلى جنوح الأحداث
وهو مظهر متطرف من مظاهر سوء التكيف الاجتماعي،
وقد ترسم في ذهن الطفل الذي قد ينشأ في هذا البيت صورة قبيحة
مشوهة عن حياة الأسرة وعن الدور الذي يلعبه كل من الرجل والمرأة
في المجتمع، كما أن الطلاق نفسه قد يشعر الطفل بشيء من الخزي
والنقص، فهو يحس أنه غريب في مجتمع أغلب أسره متماسكة
حيث يعيش معظم الأولاد والبنات مع آبائهم وأمهاتهم.
وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية في المملكة أن ظاهرة الطلاق
منتشرة واضحة في المجتمع السعودي فبلغت نسبة الطلاق في بعض
المدن السعودية كمدينة جدة ارتفاعاً كبيراً في عام 1404هـ
ووصلت إلى 683 حالة وهي أكثر بكثير من الزواج،
وتبين من بيانات الزواج والطلاق في محاكم المملكة
خلال الفترة 1402 وحتى 1405هـ ازدياد نسبة حالات الطلاق
إلى حالات الزواج، حيث ورد عن شعبة الإحصاء بوزارة العدل عام 1405هـ
أن معدل الطلاق إلى الزواج في عام 1402هـ يساوي 26%
ثم ارتفع المعدل إلى 31% عام 1404هـ وإلى 27% عام 1405هـ.
العـــــلاج
الإسلام بمبادئه الرشيدة أمر كلاً من الزوجين أن يقوما بالحقوق
نحو بعضهما البعض، حتى لا يؤول بهما الأمر إلى نتائج لا تحمد عقباها.
فمن هذه الحقوق: طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف
فقد روى أنس رضي الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها
وأطاعت بعلها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت )
وعن أم سلمة - رضي الله عنها- قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أيما امرأة ماتت زوجها راض عنها دخلت الجنة )
ومن هذه الحقوق عدم امتناعها عن فراش زوجها إذا طلبها إليه
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت
فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح )
ومن هذه الحقوق أن تحفظ الزوجة للزوج ما لـه ونفسها
لقولـه صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟
المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته،
وإذا غاب عنها حفظته في ماله ونفسها )
أخرجه ابن ماجه في السنن، كتاب النكاح، باب أفضل النساء
ومن هذه الحقوق قيام الزوج بواجب النفقة على الزوجة والأولاد
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع :
( اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله
واستحللتم فروجهن بكلمة الله...
ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )
ومن هذه الحقوق أن يغض الزوج طرفه عن بعض نقائص زوجته
ولا سيما إن كان لها محاسن ومكاره تغطي هذا النقص
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )
لا يفرك أي: لا يبغض.
ومن هذه الحقوق معاشرة الزوج زوجته بالمعروف والمزاح معها
وعن عائشة رضي الله عنها قال:
قال رسول الله صلى الله عليه :
( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قالت:
( فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته
فسبقني فقال هذه بتلك السبقة )
ومن هذه الحقوق استشارة الزوج زوجته
في أمور البيت لقولـه صلى الله عليه وسلم :
( أمروا النساء في بناتهن )
أي: استئذنوهن في البنات قبل أن يخطبن.
تكلم أهم الحقوق التي أوجبها الله على كل من الزوجين،
وهي حقوق واقعية وعادلة، عندما ينفذها كل من الزوج والزوجة
يحصل الوفاق محل الفرقة، وتتحقق المحبة محل الكراهية،
ولا يمكن أن يحدث ما يعكر صفو الأسرة.
وفي حال تعذر الوفاق لسوء خلق الزوج أو سوء خلق الزوجة،
ولا يمكن بحال أن تتحقق المعيشة بينهم،
فعلى الزوج أن يأخذ بالاحتياطات الكاملة قبل إيقاع الطلاق.
وهذه الاحتياطات مرتبة كما يلي:
(1) الوعظ والإرشاد من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
(2) الهجر في المضجع وهي عقوبة نفسية، لعل المرأة تعود إلى صوابها.
(3) الضرب غير المبرح: إذا كان باعتقاده أنه ينفع ويشترط فيه
ألا يكون شديداً، ثم بالتالي ألا يترك أثراً في جسم المرأة،
ويشترط كذلك ألا يكون الضرب في مواضع مؤذية كالوجه والصدر،
والبطن، والدليل على ما سبق قولـه صلى الله عليه وسلم :
( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله
واستحللتم فروجهن بكلمة الله،
ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحد تكرهونه
فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح... )
وهو بهذه الشروط إلى التهديد أقرب منه إلى الإيلام والإيذاء
فإذا ضربها فإنه يضربها بيده ضرباً خفيفاً أو بمسواك،
فإن كانت من النوع الذي لا يضرب ألحقها بأهلها لتتأدب
ولا شك أن الرجل الكريم لا يمكن أن يضرب المرأة
وعن عبدالله بن زمعة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا يجلد أحدكم امرأته جل العبد ثم يجامعها في آخر اليوم )
(4) وأخيراً اللجوء إلى التحكيم: وذلك بتدخل وسطاء عقلاء من أهله وأهلها
يدرسون المشكلات القائمة بين الزوجين، ويقترحون الحلول العملية
لإعادة الوفاق والتفاهم بينهما، لعلها تجدي قبل وقوع الطلاق.
وفي حال تعذر الوفاق بعد الأخذ بهذه المراحل يطلقها تطليقة واحدة
في طهر لم يجامعها فيه لإتاحة الفرصة في إعادة الحياة الزوجية
بعد التطليقة الأولى وفي حال وقوع الطلاق أوجب الإسلام على الزوج
المتعة ونفقة العدة، ونفقة الأولاد حتى لا تشقى المطلقة
ولا يشقى معها أولادها
وعلى الأب أن يخفف وطئة الطلاق على نفوس الأولاد
ويكون ذلك بمصارحة الكبار منهم، وإقناعهم بأنه أفضل حل للأسرة،
إذ لا يمكن أن تستمر الحياة مع طول الخصام.
ويبين لهم أنهم سوف يجتمعون به في أوقات معلومة
وبالأم في أوقات معلومة أخرى.
ويحذر الأب كل الحذر من أن يجره حنقه وحقده على المرأة
أن ينتقم منها بإيذاء الأولاد، كأن يحرمها من رؤيتهم،
فإن هذا من الحرام إلى جانب ما فيه من المضرة بالأولاد
يقول عليه الصلاة والسلام في حق من فرق بين الولد وأمه من السبي:
( من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة )
فإذا كان هذا في حق السبي من الأطفال والنساء الكفار،
فكيف بالحرائر المؤمنات؟
وإذا كان الولد صغيراً غير مميز فإن أمه أحق به إذا تنازع الوالدان فيه
وذلك لأن الأم أصلح لـه من الأب؛ لأن النساء أرفق بالصغير،
وأخبر بتغذيته وحمله وأصبر على ذلك، وأرحم به فهي أقدر
وأخبر وأرحم وأصبر في هذا الموضع،
فعنيت الأم في حق الطفل غير المميز بالشرع
أما إن كان الولد مميزاً فإنه يخير بين أبويه،
فإن اختار الأم كان عندها في الليل، أما النهار فيكون عند الأب
ليعلمه ويؤدبه، وأما إن اختار الأب فإنه يبقى عنده ليلاً ونهاراً
ويزور أمه ولا يمنع من ذلك،
فإن عاد الولد واختار الآخر من الأبوين نقل إليه .
أما إذا خافت المرأة نشوز زوجها وإعراضه عنها إما لمرضها
أو لكبر سنها أو لدمامة وجهها، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما
ولو كان في الصلح تنازل الزوجة عن بعض حقوقها ترضيه لزوجها
روى البخاري عن عائشة قالت في هذه الرواية:
[ هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها،
فيريد طلاقها ويتزوج عليها تقول: امسكني ولا تطلقني وتزوج غيري
فأنت في حل من النفقة عليّ والقسمة لي ]
أخرجه البخاري في الصحيح، كتاب النكاح،
باب وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضاً
قال في المغني:
[ ومن صالحته على ترك شيء من قسمتها أو نفقتها أو على ذلك كله جاز...
وإن رجعت فلها ذلك وقال أحمد في الرجل يغيب عن امرأته فيقول لها:
إن رضيت على هذا، وإلا فأتت أعلم فتقول قد رضيت،
فهو جائز فإن شاءت رجعت ]
إحصائيات الطلاق
في المملكة والرياض من عام 1409هـ حتى 1422هـ
ومازال في ازدياد حتى يومنا هذا
عام 1409هـ في المملكة 13234 وفي الرياض 2702.
عام 1412هـ في الرياض 3098.
عام 1413هـ في الرياض 2825.
عام 1414هـ في الرياض 3518.
عام 1415هـ في المملكة 12192 وفي الرياض 3449.
عام 1416هـ في المملكة 14054 وفي الرياض 3721.
عام 1419هـ في المملكة 17528 وفي الرياض 4017.
عام 1421هـ في الرياض 4221.
عام 1422هـ في الرياض 4917.
( تم الحصول عليها من محكمة الضمان والأنكحة بالرياض ).
وللحديث بقية إن شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق