شرح الدعاء من الكتاب والسنة (25)
ثم أكّدوا في تضرّعهم بإجابة دعائهم:
{ رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم ٌ } :
توسّلوا إليه تعالى باسمين كريمين دالَّين على كمال رحمة اللَّه تعالى،
أي: يا ربنا ما دعوناك بهذا السؤال والدعاء إلا لأنك رؤوف رحيم.
والرؤوف: اسم للَّه تعالى يدلّ على شدّة الرحمة وأعلاها ، فهو أخصُّ
من الرحمة .
ومن كانت هذه خصالهم في الحبّ والمودّة في القلب واللسان بالدعاء
والثناء لإخوانهم المؤمنين، جازاهم اللَّه تعالى خير الجزاء، قال تعالى:
{ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ}
، وقد تقدّمت بشارة الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن دعا لإخوانه المؤمنين
((من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب اللَّه له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) .
و لا يخفى يا عبد اللَّه أن في الإكثار من هذه الدعوة العظيمة خيرات كثيرة في الدنيا و الآخرة ؛ لما في ذلك من الاستجابة لأمر اللَّه تعالى ، و كثرة الحسنات التي لا تُعدُّ ولا تُحصى للداعي بها كما تقدم ، وأن الدعاء بهذه الدعوات الطيبة يثمر في قلب العبد حب المؤمنين، والبُعد عن الكراهية ،
و الحسد ، و الغلّ فتطهر بذلك القلوب ، و هذا من أعظم مقاصد الدين .
الفوائد :
1- أهمية هذه الدعوة المباركة التي ينبغي لكل مسلم الإكثار منها في
ليله ونهاره، فإن ثمارها ومنافعها لا تُحصى في الدنيا والآخرة.
2- أن من أعظم حقوق المؤمن على المؤمن الدعاء .
3- أهمية سؤال اللَّه تبارك وتعالى المغفرة؛ لأن من عظيم ثمارها زوال السيئات والمكروهات، وحصول النعم والخيرات، والفوز بالجنات .
4- ينبغي للمؤمن ألا ينسى فضل من سبقه بالإيمان، فيذكره بالثناء و الدعاء .
5- جمع هذا الدعاء توسلين جليلين من التوسلات المهمة، و هما :
أ- التوسل إليه بربوبيته ، كما في قوله : { رَبَّنَا } ،
وباسمين من أسمائه الحسنى: { رَءُوفٌ رَحِيمٌ } .
ب- وتوسل إليه تعالى بنعمته عليهم بالإيمان، وعلى من قبلهم،
وهو توسّل بسابق الإحسان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق