بطولات هزت الجبال(11)
لمحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللطيف
يتوسد التراب لحديث واحد :
البطل : عبد الله بن العباس رضى الله عنهما .
البطولة : طلب العلم .
تفاصيل البطولة :
عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : لما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير , فقال الرجل :
واعجبًا لك يا ابن العباس ! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم ؟ قال : فتركت قوله، وأقبلت أسأل
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحديث،
فإن كان الحديث ليبلغني عن الرجل فآتي بابه وهو نائم وقت القيلولة
فأتوسد التراب. فيخرج فيراني فيقول : يا ابن عم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ؟ ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول :
لا، أنا أحق أن آتيك، فأسأل عن الحديث .
فعاش ذلك الفتى الأنصاري حتى رآني، وقد اجتمع الناس حولي
يسألونني، فيقول : (هذا الفتى كان أعقل مني ).
وعن أبي صالح قال : لقد رأيت الناس قد اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق،
فما كان أحدهم يقدر أن يجيء ولا أن يذهب من ازدحام الناس.
قال: فدخلت على ابن عباس فأخبرته بمكانهم على بابه، قال :
فتوضأ وجلس، ثم قال : اخرج فقل لهم : من أراد أن يسأل عن القرآن وحروفه
وما أراد منه فليدخل , قال : فخرجت فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت
والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم وزادهم أكثر مما سألوا عنه ,
ثم قال : إخوانكم , فخرجوا ليفسحوا الطريق لغيرهم , ثم قال :
اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن
وتأويله فليدخل , قال : فخرجت
فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء
إلا أخبرهم عنه وزادهم أكثر مما سألوا عنه.. ثم قال : إخوانكم. فخرجوا
ليفسحوا الطريق لغيرهم , ثم قال : اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن
الحلال والحرام والفقه فليدخل , قال : فخرجت فقلت لهم، فدخلوا حتى
ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله.
ثم قال : إخوانكم , قال : فخرجوا , ثم قال : اخرج فقل : من أراد أن
يسأل عن الفرائض والمواريث وما أشبهها فليدخل , قال : فخرجت
فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوا عن شيء إلا
أخبرهم به وزادهم مثله.. ثم قال : إخوانكم , قال : فخرجوا , ثم قال :
اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن العربية والشعر فليدخل , قال :
فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم
به وزادهم مثله , قال أبو صالح : فلو أن قريشًا فخرت بذلك لكان
ذلك لها فخرًا .
العبرة المنتقاة :
اطلب العلم ولا تلتف لأقوال المثبطين بل سِر في ذلك الطريق
متخطيًا العوائق، فإن ذلك هو سبيل الرفعة في الدنيا والآخرة .
حيث إن : عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لم يلتفت إلى قول ذلك
الفتى الأنصاري؛ بل مضى في طلبه للعلم إلى أن أصبح في علمه
بحرًا يصعب إدراكه .
وصدق الله عز وجل حيث يقول :
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
[المجادلة: 11] يتمنى أن يُلقى في الزيت
البطل : عبد الله بن حذافة السهمي رضى الله عنه .
البطولة : في الثبات على دين الله .
تفاصيل البطولة :
قال أبو رافع : وجَّه عمر بن الخطاب رضى الله عنه جيشًا إلى الروم،
فأسروا عبد الله بن حذافة رضى الله عنه فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا :
إن هذا من أصحاب محمد , فأمر به ملكهم فحبسه في بيت ليس فيه
إلا خمر ولحم خنزير ليأكله ويشرب منه وتركه ثلاثة أيام، فلم يفعل
رضى الله عنه فأخرجوه من ذلك البيت حين خشوا موته، فقال :
والله لقد أحله الله لي، ولكني كرهت أن أشمتكم بدين الإسلام .
فقال له ملكهم : هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي ؟ قال :
لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب على أن أرجع عن دين محمد
صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما رجعت , قال : إذًا أقتلك , قال :
أنت وذاك , فأُمر به فصُلب وقال للرماة : ارموا قريبًا من بدنه ,
وهو يعرض عليه النصرانية فيأبى، فأنزلوه .
فدعا ملكهم بقِدْر فصب فيها زيتًا حتى احترق غليانًا، ودعا بأسيرين
من المسلمين فأمر بأحدهما فألقي فيها حتى طفت عظامه على الزيت،
وهو يعرض على عبد الله بن حذافة النصرانية ويأبى،
ثم أمر بآخر فألقي فيها فطفت عظامه على الزيت أيضًا..
وعبد الله بن حذافة رضى الله عنه يأبى، فلما هموا بإلقائه
بكى رضى الله عنه.. فقيل للملك : إنه بكى , ففرح
وظن أنه قد جزع، فقال : ردوه، فلما جاءه قال : ما أبكاك ؟
قال : هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب فكنت أشتهي بأن يكون
بعدد شعري أنفس تلقى كلها في النار في سبيل الله عز وجل ,
فقال له ملكهم : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟ فقال له عبد الله :
وعن جميع أسرى المسلمين ؟ قال : نعم , فقبل رأسه وقدم بالأسرى
على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فأخبره بخبره، فقال عمر رضى الله عنه :
حَقٌّ على كل مسلم أن يقبل رأس ابن حذافة، وأنا أبدأ به , فقبل رأسه .
العبرة المنتقاة :
إن المؤمن بالله عز وجل إذا أتته المحن و الفتن والابتلاءات فلا تزيده
إلا ثباتًا على الحق فلا يتزلزل و لا يتقلب بل يكون كالجبل الأشم في
ثباته على دينه و تمسكه به .
حيث إن : عبد الله بن حذافة رضى الله عنه يُؤسر ثم يحبس ثم تأتيه الفتن
والمحن ليرتد ويرجع عن دينه فلا يرضخ لها بل يثبت في مكانه ثبات الأبطال .
وصدق الله عز وجل حيث يقول :
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ
وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }
[إبراهيم : 27]
لمحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللطيف
يتوسد التراب لحديث واحد :
البطل : عبد الله بن العباس رضى الله عنهما .
البطولة : طلب العلم .
تفاصيل البطولة :
عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : لما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير , فقال الرجل :
واعجبًا لك يا ابن العباس ! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم ؟ قال : فتركت قوله، وأقبلت أسأل
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحديث،
فإن كان الحديث ليبلغني عن الرجل فآتي بابه وهو نائم وقت القيلولة
فأتوسد التراب. فيخرج فيراني فيقول : يا ابن عم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ؟ ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول :
لا، أنا أحق أن آتيك، فأسأل عن الحديث .
فعاش ذلك الفتى الأنصاري حتى رآني، وقد اجتمع الناس حولي
يسألونني، فيقول : (هذا الفتى كان أعقل مني ).
وعن أبي صالح قال : لقد رأيت الناس قد اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق،
فما كان أحدهم يقدر أن يجيء ولا أن يذهب من ازدحام الناس.
قال: فدخلت على ابن عباس فأخبرته بمكانهم على بابه، قال :
فتوضأ وجلس، ثم قال : اخرج فقل لهم : من أراد أن يسأل عن القرآن وحروفه
وما أراد منه فليدخل , قال : فخرجت فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت
والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم وزادهم أكثر مما سألوا عنه ,
ثم قال : إخوانكم , فخرجوا ليفسحوا الطريق لغيرهم , ثم قال :
اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن
وتأويله فليدخل , قال : فخرجت
فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء
إلا أخبرهم عنه وزادهم أكثر مما سألوا عنه.. ثم قال : إخوانكم. فخرجوا
ليفسحوا الطريق لغيرهم , ثم قال : اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن
الحلال والحرام والفقه فليدخل , قال : فخرجت فقلت لهم، فدخلوا حتى
ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله.
ثم قال : إخوانكم , قال : فخرجوا , ثم قال : اخرج فقل : من أراد أن
يسأل عن الفرائض والمواريث وما أشبهها فليدخل , قال : فخرجت
فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوا عن شيء إلا
أخبرهم به وزادهم مثله.. ثم قال : إخوانكم , قال : فخرجوا , ثم قال :
اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن العربية والشعر فليدخل , قال :
فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم
به وزادهم مثله , قال أبو صالح : فلو أن قريشًا فخرت بذلك لكان
ذلك لها فخرًا .
العبرة المنتقاة :
اطلب العلم ولا تلتف لأقوال المثبطين بل سِر في ذلك الطريق
متخطيًا العوائق، فإن ذلك هو سبيل الرفعة في الدنيا والآخرة .
حيث إن : عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لم يلتفت إلى قول ذلك
الفتى الأنصاري؛ بل مضى في طلبه للعلم إلى أن أصبح في علمه
بحرًا يصعب إدراكه .
وصدق الله عز وجل حيث يقول :
{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }
[المجادلة: 11] يتمنى أن يُلقى في الزيت
البطل : عبد الله بن حذافة السهمي رضى الله عنه .
البطولة : في الثبات على دين الله .
تفاصيل البطولة :
قال أبو رافع : وجَّه عمر بن الخطاب رضى الله عنه جيشًا إلى الروم،
فأسروا عبد الله بن حذافة رضى الله عنه فذهبوا به إلى ملكهم فقالوا :
إن هذا من أصحاب محمد , فأمر به ملكهم فحبسه في بيت ليس فيه
إلا خمر ولحم خنزير ليأكله ويشرب منه وتركه ثلاثة أيام، فلم يفعل
رضى الله عنه فأخرجوه من ذلك البيت حين خشوا موته، فقال :
والله لقد أحله الله لي، ولكني كرهت أن أشمتكم بدين الإسلام .
فقال له ملكهم : هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي ؟ قال :
لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما تملكه العرب على أن أرجع عن دين محمد
صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما رجعت , قال : إذًا أقتلك , قال :
أنت وذاك , فأُمر به فصُلب وقال للرماة : ارموا قريبًا من بدنه ,
وهو يعرض عليه النصرانية فيأبى، فأنزلوه .
فدعا ملكهم بقِدْر فصب فيها زيتًا حتى احترق غليانًا، ودعا بأسيرين
من المسلمين فأمر بأحدهما فألقي فيها حتى طفت عظامه على الزيت،
وهو يعرض على عبد الله بن حذافة النصرانية ويأبى،
ثم أمر بآخر فألقي فيها فطفت عظامه على الزيت أيضًا..
وعبد الله بن حذافة رضى الله عنه يأبى، فلما هموا بإلقائه
بكى رضى الله عنه.. فقيل للملك : إنه بكى , ففرح
وظن أنه قد جزع، فقال : ردوه، فلما جاءه قال : ما أبكاك ؟
قال : هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب فكنت أشتهي بأن يكون
بعدد شعري أنفس تلقى كلها في النار في سبيل الله عز وجل ,
فقال له ملكهم : هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟ فقال له عبد الله :
وعن جميع أسرى المسلمين ؟ قال : نعم , فقبل رأسه وقدم بالأسرى
على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فأخبره بخبره، فقال عمر رضى الله عنه :
حَقٌّ على كل مسلم أن يقبل رأس ابن حذافة، وأنا أبدأ به , فقبل رأسه .
العبرة المنتقاة :
إن المؤمن بالله عز وجل إذا أتته المحن و الفتن والابتلاءات فلا تزيده
إلا ثباتًا على الحق فلا يتزلزل و لا يتقلب بل يكون كالجبل الأشم في
ثباته على دينه و تمسكه به .
حيث إن : عبد الله بن حذافة رضى الله عنه يُؤسر ثم يحبس ثم تأتيه الفتن
والمحن ليرتد ويرجع عن دينه فلا يرضخ لها بل يثبت في مكانه ثبات الأبطال .
وصدق الله عز وجل حيث يقول :
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ
وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }
[إبراهيم : 27]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق