سلسلة أعمال القلوب (97)
الخشوع في الكتاب والسنة:
تكرر الخشوع في كتاب الله عز وجل، وجاء في معان متعددة: منها الذل،
وسكون الجوارح، والخوف، والتواضع، وهذه أربعة معان، ويمكن أن يضاف
إليها معنى خامس: وهو الجمود واليبس:
فأما المعنى الأول: وهو مجيء الخشوع بمعنى الذل: فكما قال الله عز وجل:
{ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا[108]}
[سورة طه]
أي: ذلت، ويقول الله تعالى:
{ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا[21]}
[سورة الحشر] أي: ذليل، وقال:
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ[2]}
[سورة الغاشية] .
وأما الخشوع بمعنى سكون الجوارح: فكما قال الله عز وجل:
{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون] .
قال الحسن:' كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم،
وخفضوا لذلك الجناح' .
وقال مجاهد رضي الله عنه:' هو السكون' .
وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه:' إذا قاموا في الصلاة أقبلوا على
صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يقبل
عليهم فلا يلتفتون يمينًا وشمالًا' .
وقال ابن عباس في تفسيرها: ' أي خائفون ساكنون ' وبه قال طائفة من
السلف كمجاهد، والحسن، وقتادة، والزهري، وإبراهيم النخعي .
وجاء عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: ' يعني متواضعين، لا يعرف من
عن يمينه، ولا من عن شماله، ولا يلتفت من الخشوع لله عز وجل '.
هذا معنى من قام لله خاشعًا:
{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون]
فهو ساكن الجوارح، منكسر القلب لا يرفع بصره، ولا ينظر عن يمينه
ولاعن شماله . وقد ذكر شيخ الإسلام في عدد من كتبه هذه المعاني
[السابق 7/28-30، 22/ 553-557] وذكر غيرها
كقول الضحاك:'الخشوع هو الرهبة لله عز وجل' أي:
هذا الخشوع الذي ذكره الله جل جلاله.
ونقل عن أبي سنان أنه قال في هذه الآية:' الخشوع في القلب، وأن يلين
كنفه للمرء المسلم، وألا تلتفت في صلاتك'. ونقل عن قتادة قال:
'الخشوع في القلب، والخوف، وغض البصر في الصلاة ]
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في معنى :
{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون].
يقول:' ومنه خشوع البصر وخفضه وسكونه، يعني أنه مضاد لتقليبه
في الجهات، كقوله تعالى:
{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ[6]
خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ[7]
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ[8]}
[سورة القمر] .
{ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ }
أي: أنها ساكنة ذليلة، ثم ذكر الآية الأخرى وهي قوله تعالى:
{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ[43]
خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ[44]}
[سورة المعارج]
وفي القراءة الأخرى:
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ}
يقول:'وفي هاتين الآيتين وصف أجسادهم بالحركة السريعة، حيث لم يصف
بالخشوع إلا أبصارهم، بخلاف آية الصلاة وهي:
{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون].
فإنه وصف بالخشوع جملة المصلين –يعنى البصر والبدن – وصفهم بكليتهم
أنهم حققوا الخشوع فقال:
{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
وقال:
{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[45]}
[سورة البقرة] .
لم يقل إلا على الخاشعين في أبصارهم بينما في المحشر قال:
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ...[7]}
[سورة القمر] .
مع أنهم يسرعون في مشيتهم، ويقول شيخ الإسلام:'ومن ذلك خشوع
الأصوات كقولة:
{ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ...[108]} [سورة طه]
وهو انخفاضها وسكونها' أ. هـ بتصرف .
ومما يدخل في هذا المعنى- وهو الثاني: السكون- قوله تعالى:
{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[238]}
[سورة البقرة]
حيث قال مجاهد:'من القنوت: الركون والخشوع وغض البصر،
وخفض الصوت، والرهبة لله ' .
والمعنى الثالث من معاني الخشوع في القرآن: الخوف: كما قال
قتادة:'الخشوع في القلب: هو الخوف، وغض البصر في الصلاة'
كما قال الله عز وجل:
{ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[90] }
[سورة الأنبياء]
قال الحسن:'هو الخوف الدائم في القلب' . وقال تعالى:
{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ...[45]}
[سورة الشورى]
وقال الله تعالى:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ[16]}
[سورة الحديد].
والمعنى الرابع في القرآن: هو التواضع: ومن ذلك قولة تعالى:
{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[45]{
[سورة البقرة] . وقال:
{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ ...[199]}
[سورة آل عمران] .
وقال:
{ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا[109]}
[سورة الإسراء] . وقال:
{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ
وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ...[35]}
[سورة الأحزاب] .
وكذا قوله:
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...[92]} [سورة الفتح] .
قال مجاهد:'هو الخشوع والتواضع'.
والمعنى الخامس: هو اليبس والجمود: كما في قوله تبارك وتعالى:
{ وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً...[39]}
[سورة فصلت] يعني: هامدة يابسة لا نبات فيها
الخشوع في الكتاب والسنة:
تكرر الخشوع في كتاب الله عز وجل، وجاء في معان متعددة: منها الذل،
وسكون الجوارح، والخوف، والتواضع، وهذه أربعة معان، ويمكن أن يضاف
إليها معنى خامس: وهو الجمود واليبس:
فأما المعنى الأول: وهو مجيء الخشوع بمعنى الذل: فكما قال الله عز وجل:
{ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا[108]}
[سورة طه]
أي: ذلت، ويقول الله تعالى:
{ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا[21]}
[سورة الحشر] أي: ذليل، وقال:
{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ[2]}
[سورة الغاشية] .
وأما الخشوع بمعنى سكون الجوارح: فكما قال الله عز وجل:
{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون] .
قال الحسن:' كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم،
وخفضوا لذلك الجناح' .
وقال مجاهد رضي الله عنه:' هو السكون' .
وجاء عن ابن عمر رضي الله عنه:' إذا قاموا في الصلاة أقبلوا على
صلاتهم، وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم، وعلموا أن الله يقبل
عليهم فلا يلتفتون يمينًا وشمالًا' .
وقال ابن عباس في تفسيرها: ' أي خائفون ساكنون ' وبه قال طائفة من
السلف كمجاهد، والحسن، وقتادة، والزهري، وإبراهيم النخعي .
وجاء عن سعيد بن جبير رحمه الله قال: ' يعني متواضعين، لا يعرف من
عن يمينه، ولا من عن شماله، ولا يلتفت من الخشوع لله عز وجل '.
هذا معنى من قام لله خاشعًا:
{ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون]
فهو ساكن الجوارح، منكسر القلب لا يرفع بصره، ولا ينظر عن يمينه
ولاعن شماله . وقد ذكر شيخ الإسلام في عدد من كتبه هذه المعاني
[السابق 7/28-30، 22/ 553-557] وذكر غيرها
كقول الضحاك:'الخشوع هو الرهبة لله عز وجل' أي:
هذا الخشوع الذي ذكره الله جل جلاله.
ونقل عن أبي سنان أنه قال في هذه الآية:' الخشوع في القلب، وأن يلين
كنفه للمرء المسلم، وألا تلتفت في صلاتك'. ونقل عن قتادة قال:
'الخشوع في القلب، والخوف، وغض البصر في الصلاة ]
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله في معنى :
{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون].
يقول:' ومنه خشوع البصر وخفضه وسكونه، يعني أنه مضاد لتقليبه
في الجهات، كقوله تعالى:
{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ[6]
خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ[7]
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ[8]}
[سورة القمر] .
{ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ }
أي: أنها ساكنة ذليلة، ثم ذكر الآية الأخرى وهي قوله تعالى:
{ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ[43]
خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ[44]}
[سورة المعارج]
وفي القراءة الأخرى:
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ}
يقول:'وفي هاتين الآيتين وصف أجسادهم بالحركة السريعة، حيث لم يصف
بالخشوع إلا أبصارهم، بخلاف آية الصلاة وهي:
{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[2]}
[سورة المؤمنون].
فإنه وصف بالخشوع جملة المصلين –يعنى البصر والبدن – وصفهم بكليتهم
أنهم حققوا الخشوع فقال:
{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
وقال:
{وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[45]}
[سورة البقرة] .
لم يقل إلا على الخاشعين في أبصارهم بينما في المحشر قال:
{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ...[7]}
[سورة القمر] .
مع أنهم يسرعون في مشيتهم، ويقول شيخ الإسلام:'ومن ذلك خشوع
الأصوات كقولة:
{ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ...[108]} [سورة طه]
وهو انخفاضها وسكونها' أ. هـ بتصرف .
ومما يدخل في هذا المعنى- وهو الثاني: السكون- قوله تعالى:
{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[238]}
[سورة البقرة]
حيث قال مجاهد:'من القنوت: الركون والخشوع وغض البصر،
وخفض الصوت، والرهبة لله ' .
والمعنى الثالث من معاني الخشوع في القرآن: الخوف: كما قال
قتادة:'الخشوع في القلب: هو الخوف، وغض البصر في الصلاة'
كما قال الله عز وجل:
{ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[90] }
[سورة الأنبياء]
قال الحسن:'هو الخوف الدائم في القلب' . وقال تعالى:
{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ ...[45]}
[سورة الشورى]
وقال الله تعالى:
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ[16]}
[سورة الحديد].
والمعنى الرابع في القرآن: هو التواضع: ومن ذلك قولة تعالى:
{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ[45]{
[سورة البقرة] . وقال:
{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ
وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ ...[199]}
[سورة آل عمران] .
وقال:
{ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا[109]}
[سورة الإسراء] . وقال:
{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ
وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ
وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ...[35]}
[سورة الأحزاب] .
وكذا قوله:
{ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...[92]} [سورة الفتح] .
قال مجاهد:'هو الخشوع والتواضع'.
والمعنى الخامس: هو اليبس والجمود: كما في قوله تبارك وتعالى:
{ وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً...[39]}
[سورة فصلت] يعني: هامدة يابسة لا نبات فيها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق