الاكتفاء بإيمان القلب دون العمل
السؤال:
هل الإيمان بالقلب كفاية أن يكون الإنسان مسلماً بعيداً
عن الصلاة والصوم والزكاة؟
الجواب:
لا يكفي الإيمان بالقلب لا يكفي عن الصلاة وغيرها، يجب أن يؤمن بقلبه
وأن الله واحد لا شريك له وأنه ربه وخالقه، يجب أن يخصه بالعبادة سبحانه
وتعالى، ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله حقاً
إلى جميع الناس كل هذا لا بد منه، هذا أصل الدين وأساسه.
لكن لابد مع ذلك من الصلاة وبقية أمور الدين، فإذا صلى فقد أدى ما عليه،
وإن لم يصل كفر؛ لأن ترك الصلاة كفر، أما الزكاة والصيام والحج وبقية
الأمور إذا اعتقدها وأنها واجبة ولكن تساهل ما يكفر بذلك يكون عاصي،
يكون إيمانه ضعيفاً ناقصاً؛ لأن الإيمان يزيد وينقص، يزيد الإيمان بالطاعات
والأعمال الصالحات وينقص بالمعاصي، أما الصلاة وحدها خاصة فإن
تركها كفر عند جمع من أهل العلم وهو أصح قولي العلماء بخلاف بقية
أمور العبادات من الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك فإن تركها ليس بكفر
على الصحيح -يعني: كفر أكبر- ولكن نقص في الإيمان وضعف في الإيمان،
وكبيرة عظيمة ترك الزكاة كبيرة عظيمة، ترك الصيام كبيرة عظيمة،
ترك الحج مع الاستطاعة كبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كفراً أكبر إذا كان
مؤمناً بأن الزكاة حق، وأن الصيام حق، وأن الحج مع الاستطاعة حق،
ما كذب بذلك ولا أنكر وجوب ذلك، ولكنه تساهل بالفعل فلا يكون كافراً
بذلك على الصحيح.
أما الصلاة فإنه إذا تركها يكفر في أصح قولي العلماء كفراً أكبر نعوذ بالله
إن تركها بالكلية، وأما الشهادتان بأن الله رب الجميع وإله الجميع وأنه
لا إله سواه، يعني: لا معبود بحق سواه، والشهادة بأن محمداً رسول الله
هاتان الشهادتان هما أصل الدين هما أساس الملة، فذهب جمع من أهل العلم
وهو قول الأكثر من الفقهاء أنه يكون مسلماً بذلك، ولو لم يصل إذا كان يعتقد
وجوب الصلاة، والصوم، والحج إلى غير ذلك، لكن لا يفعل يتساهل فإن
الأكثر من الفقهاء لا يكون كافراً كفراً أكبر إذا ترك ذلك، يبقى مسلماً عاصياً
على خطر من دخول النار، ولا يكفر بذلك.
وذهب جمع من أهل العلم إلى أن ترك الصلاة كفر أكبر وهو الأرجح كما تقدم
وهو الأصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم
( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )؛
ولقوله عليه الصلاة والسلام:
( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة )
كما تقدم في جواب سؤال سابق.
فينبغي الانتباه لهذا، أما بقية أمور الدين الواجبة من الزكاة والصوم والحج
ونحو ذلك، إذا كان المؤمن بالله ورسوله يعتقد وجوبها ولا ينكر وجوبها،
ولكنه قد يتساهل في فعلها فهذا لا يكون كفراً أكبر ولكن يكون نقصاً
في الإيمان ويكون ضعفاً في الإيمان، ويكون عاصياً مستحقاً لدخول النار
وغضب الله إلا أن يعفو الله عنه سبحانه وتعالى؛ لقوله عز وجل:
{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ }
[النساء:48]
فجعل ما دون الشرك تحت مشيئة الله، فعلم بذلك أن المعاصي تحت مشيئة
الله ولا يكون بها كافراً كفراً أكبر، بل يكون عاصياً، ويكون ضعيف الإيمان.
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق