كيف يواصل الأرامل حياتهم بنجاح؟1
يمثل الترمل \"أزمة\" نفسية وإجتماعية لمن يمر بها.
فكيف تمر بسلام، كي يواصل الأرامل، نساءً ورجالاً، حياتهم بنجاح؟.
مات الزوج/ أو الزوجة، فالتف الجميع حولها/ حوله معزياً ومواسياً. لكن ما إن انتهت أيام العزاء والمواساة حتى لفتهما الوحدة، وباتا يجتران ذكرياتهما، ويعانيان ـ وحدهماـ مأساة الفقد، والقلق علي المستقبل. وحدوث الترمل في مرحلة الشيخوخة مأساة قاسية، فوفاة أحد الزوجين يعد بالنسبة لمسن كارثة مؤلمة، وحدثًا حزينًا، ومشكلة عويصة، فهو يحدث في الوقت الذي يكون فيه الإنسان في أمس الحاجة إلى الرفيق والأليف والمعين. وبشكل عام فإن الرجال أكثر تأثرًا وحزنًا، ولهذا فهم يلحقون بزوجاتهم المتوفيات بشكل أسرع من النساء.
بيد أن \"أزمة\" الترمل هي أشد وطئاً وعبئاً علي الأرملة، مقارنة بنظيرها الأرمل. ولأن الزوج عادة ما يموت أولا، فتضطلع الزوجة/ الأرملة بدوره، مما يجعل/ يضفي علي الترمل صفة \"الأنثوية\" علي وجه العموم. فهي بعد فقد عائلها تواجه ـ منفردة في غالب الأحيان ـ مسئولياتها والكفاح من اجل إعالة أولادها، فضلا عن معاناتها من نظرة بعض المجتمعات لها كونها بلا زوج. فنراهم فيحسبون عليها حركاتها وسكناتها، بل وأنفاسها.
يري البعض أن حياة المرأة سلسلة من \"الإنتظارات\". إذ هي تنتظر الحب، فالزواج، فالحمل، فالولادة فالأولاد، فنموهم، فزواجهم.. وهلم جرا. لذا فهي ـ وبخاصة في مجتماعاتنا العربية ـ تعلق كثيراً من الآمال علي الزواج، وتشعر بأنه ـ إجتماعياًـ هو كل حياتها. بل و\"تنتظر\" من الزوج/ العائل والسند \"أسباب\" تلك الحياة ومبرر من \"مبررات وجودها\". وبالمقابل فإن المجتمع العربي مازال ينظر للأرملة نظرة تعاطف وتراحم باعتبارها ذات ظروف خاصة، تحتاج لمن يساندها، ويدعم رعايتها وكفالتها هي وأبنائها.
ومن ثم فإنفضاض مؤسسة الزواج ـ ترملاًـ قد يولد لديها معاناة تنطوي علي معاني نفسية وعاطفية وإجتماعية وإقتصادية أعمق مما قد يتولد عند الزوج الأرمل. فالأرمل وبخاصة المسن قد يواجه مشاكل أخرى تختلف عما تواجهه الأرملة، إذ يجد صعوبة فيما لم يعتد عليه مثل إدارة الشؤون المنزلية وغيرها، وهذا ما قد يدفع به إلى الزواج مرة أخرى. أما هي فقد يحدث لها مرحلة من \"عدم الاتزان\"، والانعزالية.. فإما أن تتماسك، لتقوم بتحمل مسئولياتها، والنهوض بإعباء إعالة أولادها لإمتلاكها قوة الإرادة والعزم والمثابرة، والمقدرة علي تحمل وتجاوز الصدمات، فتقوم بدور الأم والأب معاً. وإما أن تنهار.. استسلاماً للعديد من الآلام. وإما أن تنهار استسلاما للعديد من الآلام.
آلام متعددة
تتألم الأرملة من إفتقاد أجوبة علي أسئلة صغارها: \"لماذ تأخر أبي؟، طيب دعيني أكلمه في التليفون؟، هل هو حزين منا ياأمي؟، لماذا قتل؟، أخبريه أن يعود فلقد أوحشنا كثيرا غيابه؟، هل سيكون معنا في العيد؟، أين ذهبت سيارته؟، لقد نسي أبي \"جواله\"، وساعته في الدولاب، لكن لماذا ذهبتم بملابسه؟، لماذا يأتي أبو أصحابي ليأخذهم من الحضانة/ المدرسة، وأنا لا؟ الخ\".
ونراها تتألم حينما ترى نظرات الشفقة في أعين بعض من حضروا لعزائها، وهي تتمنى ان يعامل أطفالها معاملة عادية، حتي لا يتولد لديهم \"شعور بالنقص\"، وتتألم عندما تتسلم شهادة وفاة زوجها الأثير، وتتألم في إنهاء إجراءات الميراث والمعاش والوصاية و\"المشكلات المالية\", وتتألم من طمع بعض الأقارب في الميراث, وتتألم من تصرفات بعض أهل زوجها, وتتألم لتعرضها للمجتمع بلا غطاء من زوج، وتتألم لابتعاد جاراتها وصديقاتها عنها وخوفهن على أزواجهن منها، وتتألم من خشية أن يتكلم عنها الناس بسوء, وتتألم كل يوم مع أي شيء يذكرها بزوجها, في حين أن كل شيء حولها، وداخلها يذكرها به.
وهي تتعرض لصراع شديد، وبخاصة إذا كانت في مقتبل العمر، فتعاني صراعا بين شعورها بعدم الاستقرار النفسي والأسري والعاطفي، و\"الحاجة\" إلى الزواج لسد ذلك الفراغ المتعدد الجوانب، وبين الخوف على الأبناء ومستقبلهم. وهي تواجه مشكلات ضاغطة إجتماعياً (لعل ما قد يخفف منها إذا كان الأبوان أحدهما، أو كلاهما حيين) تعتبر معاودة الزواج نكرانًا أو أو جحودًا منها للزوج الراحل. ولو أرادت أن تتزوج ولديها أبناء تبدأ مشاكل الحضانة، وأحيانًا يطلب أهل زوجها الراحل منها الزواج من أحد أفراد العائلة، وذلك من أجل الأولاد، و\"كرامة العائلة\".
وقد يتغلب حب الأبناء والخوف عليهم فتكرس بقية حياتها لهم. بيد ان أن صعوبات الحياة ومتطلباتها الحاضرة، وتمثل أعباء الاب والام في نفس الوقت دور ـ لا شك ـ صعب. لذا قد تتطور تلك الصراعات إلى قلق وإحباط، وإنعزال واكتئاب، مما ينعكس على أبنائها، والمحيطين بها باعتبارهم سبب يحول دون سعادتها.
وهي تخشى ـ بعد سنوات سعت فيها للم شمل اسرتها ورعاية مصالحها ـ ذلك الوقت الذي يمضي فيه أبناؤها مع زوجاتهم ويتركونها وحيدة, أو يدعونها للعيش معهم ولكنها تكره أن تكون ضيفا ثقيلا على أسرة حتى ولو كانت أسرة أحد أبنائها.
وبسبب كل ذلك وغيره نجد أن كثيرا من الأرامل (بعض الدراسات تشير إلي نسبة 35%) يتعرض للعديد من الأمرض والحوادث. أو نراها قد تعايشت بصورة أو بأخري، مع واقعها وحياتها الجديدة، وبخاصة عندما تري أنها ليست وحيدة فحولها من العراقيات فقط نحو مليون ونصف أرملة، فضلا عن أرامل الشهداء من الفلسطينين الذين يتساقطون يومياً جراء عمليات القتل والإغتيال الصهيوني، إضافة إلي الأرامل من الصومال ودارفور الخ.
يمثل الترمل \"أزمة\" نفسية وإجتماعية لمن يمر بها.
فكيف تمر بسلام، كي يواصل الأرامل، نساءً ورجالاً، حياتهم بنجاح؟.
مات الزوج/ أو الزوجة، فالتف الجميع حولها/ حوله معزياً ومواسياً. لكن ما إن انتهت أيام العزاء والمواساة حتى لفتهما الوحدة، وباتا يجتران ذكرياتهما، ويعانيان ـ وحدهماـ مأساة الفقد، والقلق علي المستقبل. وحدوث الترمل في مرحلة الشيخوخة مأساة قاسية، فوفاة أحد الزوجين يعد بالنسبة لمسن كارثة مؤلمة، وحدثًا حزينًا، ومشكلة عويصة، فهو يحدث في الوقت الذي يكون فيه الإنسان في أمس الحاجة إلى الرفيق والأليف والمعين. وبشكل عام فإن الرجال أكثر تأثرًا وحزنًا، ولهذا فهم يلحقون بزوجاتهم المتوفيات بشكل أسرع من النساء.
بيد أن \"أزمة\" الترمل هي أشد وطئاً وعبئاً علي الأرملة، مقارنة بنظيرها الأرمل. ولأن الزوج عادة ما يموت أولا، فتضطلع الزوجة/ الأرملة بدوره، مما يجعل/ يضفي علي الترمل صفة \"الأنثوية\" علي وجه العموم. فهي بعد فقد عائلها تواجه ـ منفردة في غالب الأحيان ـ مسئولياتها والكفاح من اجل إعالة أولادها، فضلا عن معاناتها من نظرة بعض المجتمعات لها كونها بلا زوج. فنراهم فيحسبون عليها حركاتها وسكناتها، بل وأنفاسها.
يري البعض أن حياة المرأة سلسلة من \"الإنتظارات\". إذ هي تنتظر الحب، فالزواج، فالحمل، فالولادة فالأولاد، فنموهم، فزواجهم.. وهلم جرا. لذا فهي ـ وبخاصة في مجتماعاتنا العربية ـ تعلق كثيراً من الآمال علي الزواج، وتشعر بأنه ـ إجتماعياًـ هو كل حياتها. بل و\"تنتظر\" من الزوج/ العائل والسند \"أسباب\" تلك الحياة ومبرر من \"مبررات وجودها\". وبالمقابل فإن المجتمع العربي مازال ينظر للأرملة نظرة تعاطف وتراحم باعتبارها ذات ظروف خاصة، تحتاج لمن يساندها، ويدعم رعايتها وكفالتها هي وأبنائها.
ومن ثم فإنفضاض مؤسسة الزواج ـ ترملاًـ قد يولد لديها معاناة تنطوي علي معاني نفسية وعاطفية وإجتماعية وإقتصادية أعمق مما قد يتولد عند الزوج الأرمل. فالأرمل وبخاصة المسن قد يواجه مشاكل أخرى تختلف عما تواجهه الأرملة، إذ يجد صعوبة فيما لم يعتد عليه مثل إدارة الشؤون المنزلية وغيرها، وهذا ما قد يدفع به إلى الزواج مرة أخرى. أما هي فقد يحدث لها مرحلة من \"عدم الاتزان\"، والانعزالية.. فإما أن تتماسك، لتقوم بتحمل مسئولياتها، والنهوض بإعباء إعالة أولادها لإمتلاكها قوة الإرادة والعزم والمثابرة، والمقدرة علي تحمل وتجاوز الصدمات، فتقوم بدور الأم والأب معاً. وإما أن تنهار.. استسلاماً للعديد من الآلام. وإما أن تنهار استسلاما للعديد من الآلام.
آلام متعددة
تتألم الأرملة من إفتقاد أجوبة علي أسئلة صغارها: \"لماذ تأخر أبي؟، طيب دعيني أكلمه في التليفون؟، هل هو حزين منا ياأمي؟، لماذا قتل؟، أخبريه أن يعود فلقد أوحشنا كثيرا غيابه؟، هل سيكون معنا في العيد؟، أين ذهبت سيارته؟، لقد نسي أبي \"جواله\"، وساعته في الدولاب، لكن لماذا ذهبتم بملابسه؟، لماذا يأتي أبو أصحابي ليأخذهم من الحضانة/ المدرسة، وأنا لا؟ الخ\".
ونراها تتألم حينما ترى نظرات الشفقة في أعين بعض من حضروا لعزائها، وهي تتمنى ان يعامل أطفالها معاملة عادية، حتي لا يتولد لديهم \"شعور بالنقص\"، وتتألم عندما تتسلم شهادة وفاة زوجها الأثير، وتتألم في إنهاء إجراءات الميراث والمعاش والوصاية و\"المشكلات المالية\", وتتألم من طمع بعض الأقارب في الميراث, وتتألم من تصرفات بعض أهل زوجها, وتتألم لتعرضها للمجتمع بلا غطاء من زوج، وتتألم لابتعاد جاراتها وصديقاتها عنها وخوفهن على أزواجهن منها، وتتألم من خشية أن يتكلم عنها الناس بسوء, وتتألم كل يوم مع أي شيء يذكرها بزوجها, في حين أن كل شيء حولها، وداخلها يذكرها به.
وهي تتعرض لصراع شديد، وبخاصة إذا كانت في مقتبل العمر، فتعاني صراعا بين شعورها بعدم الاستقرار النفسي والأسري والعاطفي، و\"الحاجة\" إلى الزواج لسد ذلك الفراغ المتعدد الجوانب، وبين الخوف على الأبناء ومستقبلهم. وهي تواجه مشكلات ضاغطة إجتماعياً (لعل ما قد يخفف منها إذا كان الأبوان أحدهما، أو كلاهما حيين) تعتبر معاودة الزواج نكرانًا أو أو جحودًا منها للزوج الراحل. ولو أرادت أن تتزوج ولديها أبناء تبدأ مشاكل الحضانة، وأحيانًا يطلب أهل زوجها الراحل منها الزواج من أحد أفراد العائلة، وذلك من أجل الأولاد، و\"كرامة العائلة\".
وقد يتغلب حب الأبناء والخوف عليهم فتكرس بقية حياتها لهم. بيد ان أن صعوبات الحياة ومتطلباتها الحاضرة، وتمثل أعباء الاب والام في نفس الوقت دور ـ لا شك ـ صعب. لذا قد تتطور تلك الصراعات إلى قلق وإحباط، وإنعزال واكتئاب، مما ينعكس على أبنائها، والمحيطين بها باعتبارهم سبب يحول دون سعادتها.
وهي تخشى ـ بعد سنوات سعت فيها للم شمل اسرتها ورعاية مصالحها ـ ذلك الوقت الذي يمضي فيه أبناؤها مع زوجاتهم ويتركونها وحيدة, أو يدعونها للعيش معهم ولكنها تكره أن تكون ضيفا ثقيلا على أسرة حتى ولو كانت أسرة أحد أبنائها.
وبسبب كل ذلك وغيره نجد أن كثيرا من الأرامل (بعض الدراسات تشير إلي نسبة 35%) يتعرض للعديد من الأمرض والحوادث. أو نراها قد تعايشت بصورة أو بأخري، مع واقعها وحياتها الجديدة، وبخاصة عندما تري أنها ليست وحيدة فحولها من العراقيات فقط نحو مليون ونصف أرملة، فضلا عن أرامل الشهداء من الفلسطينين الذين يتساقطون يومياً جراء عمليات القتل والإغتيال الصهيوني، إضافة إلي الأرامل من الصومال ودارفور الخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق