ربنا الرحيم الودود
من أقوال أ. وجدان العلي
ربنا الرحيم الودود! ولقد يكون تأخّرُ الإجابة سدًّا عظيمًا بين يدي بلاءٍ شديدٍ
كان سيهدم بنيانَك لو لم يكرمك الله بدعائه، فإن الدعاء قد يصرف الله به من
السوء عن العبد؛ ما لا يعلمه إلا الله. ويجلس العبد المسكين ليس يدري لطف
ربه وإحسانه إليه، ويقول: لم يُستجب لي! ولقد يكون في تأخير الإجابة تذليلُ
القلب، وإلانتُه؛ فينعم الله على عبده نعمتين: نعمة القلب الذي أذلّته الحاجة
لربّه فصار ربّانيًّا، ونعمة قضاء تلك الحاجة. وقد يكون تأخير الإجابة تأديبًا
للنفس وكسرًا لرعونتها، واختبارًا من الرّبّ لصدق المقبل عليه، والذي إنما
أتى ليقضي حاجته ثم يعرض عنه! وقد يكون تأخير الإجابة هو عينُ الخير
الذي لو تعجّل للعبد؛ لحاقَ به من الضنك والضرّ ما يجعل حياته ألمًا عاجلًا
وسعيرًا مختنقًا! فيقول بعد ذلك: ليت ربّي ما أجابني! وقد يكون تأخير
الإجابة ليبعث الله في قلبك بصرَ التفتيش في أعمالك ومالِك وشأنِك كلِّه؛
فتصلح الخلل، وتستشفي من العلل الخفية التي كان التأخير بسببها.
وقد يكون تأخير الإجابة ليُطعم قلبَك حلاوةَ مناجاته وجمالَ الإقبال عليه، فلو
تعجّل قضاء حاجتك؛ لبقي قلبُك حيث هو في غفلته وجفائه! ولقد يؤخّر
الإجابةَ لتعظم النعمة بها؛ فينطق القلب بالشكر والثناء على الله، فلو كانت
معجّلةً؛ لما أحسّ العبدُ شرفَ النعمة! وقد وقد وقد ..! والأصل :
أن ربّك كريمٌ جميل، قريبٌ مجيب، وأنّك عبدُه! فأحسِن به الظنَّ ولا تغادرْ بابَ
الذِلّةِ بين يديه ضارعًا مُخبِتًا مستغفرًا.
الجمعة، 11 ديسمبر 2020
ربنا الرحيم الودود
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق