ألا إني أوتيت القرآن ومثله ومعه
معنى قوله عليه الصلاة والسلام:
(ألا إني أوتيت القرآن ومثله ومعه)
السؤال
يسأل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه)
نرجو أن تتفضلوا ببيان المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم:
وأوتيت مثله معه؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله
، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذا الحديث من الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله
عليه الصلاة والسلام، ومعنى (ومثله معه) يعني:
أن الله أعطاه وحياً آخر وهو السنة التي تفسر القرآن وتبين معناه،
كما قال الله:
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }
[النحل:44]
فهو صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه القرآن وأوحى إليه أيضاً السنة،
وهي الأحاديث التي ثبتت عنه عليه الصلاة والسلام فيما يتعلق بالصلاة
والزكاة والصيام والحج والمعاملات وغير ذلك، فالسنة وحي ثاني أوحاه
الله إليه عليه الصلاة والسلام، وهو يعبر عن ذلك بأحاديثه التي بينها للأمة،
وتلاها على الأمة عليه الصلاة والسلام.
مثل قوله عليه الصلاة والسلام:
( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:
( لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ لا تقبل صلاة بغير طهور،
ولا صدقة من غلول )
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:
( الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة،
كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر )
إلى غير هذا.
فأحاديثه صلى الله عليه وسلم وحي ثاني غير وحي القرآن، ومعناها وحي
وألفاظها من النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يكون بعضها أحاديث قدسية
من كلام الرب عز وجل أوحاها الله إلى نبيه عليه الصلاة والسلام فتسمى
أحاديث قدسية، وهي من كلام الله عز وجل وهي وحي ثاني غير
وحي القرآن.
فالقرآن أنزل للإعجاز، وأما الأحاديث القدسية فهي أنزلت لما فيها من العظة
والتذكير والأحكام التي تنفع الأمة، فهي وحي ثاني من الله للرسول
عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:
{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }
[النجم:1-4]
فالوحي على هذا أنواع ثلاثة:
القرآن الكريم:
وهو الذي جعله الله معجزة عظيمة مستمرة لرسول الله عليه الصلاة والسلام
لفظه ومعناه، وبين فيه أحكامه ، وهو كلامه عز وجل
{ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }
[فصلت:42].
والوحي الثاني: أحاديث قدسية من كلام الله عز وجل، أوحاها الله لنبيه
صلى الله عليه وسلم وليس من القرآن، مثل قوله صلى الله عليه وسلم عن
الله أنه قال سبحانه:
( يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا،
يا عبادي! كلكم ضال إلا من هديتهه فاستهدوني أهدكم، يا عبادي! كلكم جائع
إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته
فاستكسوني أكسكم،، يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا
نفعي فتنفعوني إلى آخره )،
في أحاديث أخرى عن الله.
والوحي الثالث: وحي أوحاه الله إليه وخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم
وبينه للأمة، فهو من الله وحي وهو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم
لا من كلام الله مثلما تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم:
( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:
( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما،
وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما )
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم:
( لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول )
ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح
يقول عليه الصلاة والسلام:
( لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا بيع ماا ليس عندك )
وما أشبه ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة عنه عليه الصلاة والسلام.
فهي كلها وحي لكنها وحي بالمعنى وألفاظها ألفاظ النبي
عليه الصلاة والسلام.
وهي من جهة الله أوحاها الله إلى نبيه، وأخبره بها ونزل بها الوحي إليه
عليه الصلاة والسلام ليبلغها الناس في أحكام دينهم من العبادات وغيرها.
نعم.
المقدم: بارك الله فيكم، إذاً المثلية من حيث الوحي سماحة الشيخ
من حيث كون..
الشيخ: من حيث الوحي نعم.
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز
الأحد، 10 يناير 2021
ألا إني أوتيت القرآن ومثله ومعه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق