موسوعة المؤرخين (116)
الإمام الذهبي شيخ المحدثين ومؤرخ الإسلام (03)
طلبه العلم ورحلاته العلمية
وطلب الذهبي العلم صغيرًا، وتوجهت عنايته إلى ناحيتين رئيستين
هما: القراءات، والحديث الشريف، وفشرع في طلب الحديث سنة 690هـ
وعمره 18 سنة، ووقف حياته على العلم حتى توفى رحمه الله، وعني
بالقراءات، والتاريخ والحديث واهتم به اهتمامًا خاصًا، وأخذ
عن شيوخ بلده، وعن غيرهم.
ورحل الإمام الذهبي في طلب العلم داخل البلاد الشامية إلى حلب، وبيت
المقدس والرملة ونابلس، وبعلبك، وطرابلس، وحمص وحماه
ونابلس والرملة.
كما كان للذهبي رحلاته العلمية داخل البلاد المصرية، وكانت من أبرز
رحلاته المبكرة، ويبدو أنه وصل إلى مصر في السادس عشر من رجب
سنة 695هـ، فرحل إلى القاهرة، والإسكندرية، ودمياط، وسمع بمصر
من جماعة كبيرة، من أشهرهم: ابن دقيق العيد والعلامة شرف الدين
الدمياطي، وقرأ على صدر الدين سحنون ختمة لورش وحفص، وكان
الذهبي يجهد نفسه في قراءة أكبر كمية ممكنة على شيوخ تلك البلاد.
وفي سنة 698هـ رحل الذهبي للحج، وكان يرافقه في حجه جماعة
من أصحابه وشيوخه، منهم شيخ دار الحديث بالمدرسة المستنصرية ابن الخراط ا
لحنبلي (ت 728هـ)، وقد سمع بمكة، وعرفة، ومنى ، والمدينة
من مجموعة من الشيوخ.
هذا وقد سمع الذهبي ما يتعذر عده من الكتب وأخذ عنه الصغار
والكبار، حتى صدق عليه قول تاج الدين السبكي (ت 771هـ):
"وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذه الفن إلى أن رسخت فيه
قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه
الأمثال، وسار اسمه مسير الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر،
ولا يدبر إذا أقبلت الليال. وأقام بدمشق يُرحل إليه من سائر البلاد، وتناديه
السؤالات من كل ناد وهو بين أكنافها كنف لأهليها وشرف تفتخر وتزهى
به الدنيا وما فيها، طوراً تراها ضاحكة عن تبسم أزهارها، وقهقهة
غدرانها، وتارة تلبس ثوب الوقار والفخار بما اشتملت عليه من إمامها
المعدود في سكانها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق