اهدنا الصراط المستقيم
*بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*
{يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللِه وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ
وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (1) .*
اشْتِمَالُ الْفَاتِحَةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمَطَالِبِ
وَتَضَمَّنَتْ إِثْبَاتَ النُّبُوَّاتِ مِنْ جِهَاتٍ عَدِيدَةٍ:
قَوْلهُ تَعالى:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (2)
فَالْهِدَايَةُ: هِيَ الْبَيَانُ وَالدَّلَالَةُ، ثُمَّ التَّوْفِيقُ
وَالْإِلْهَامُ .
وَالصِّرَاطُ تَارَةً يُضَافُ إِلَى اللهِ،
إِذْ هُوَ الَّذِي
شَرَعَهُ وَنَصَبَهُ،
كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}
وَقَولِهِ:
{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللّٰهِ} (4).*
وَت
َارَةً يُضَافُ إِلَى الْعِبَادِ كَمَا فِي الْفَاتِحَةِ،*
لِكَوْنِهِمْ أَهْلَ سُلُوكِهِ، وَهُوَ الْمَنْسُوبُ لَهُمْ، وَهُمُ*
الْمَارُّونَ عَلَيْهِ.*
الْمَوْضِعُ الثَّامِنُ: مِنْ ذِكْرِ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ،*
وَتَمْيِيزِهِمْ عَنْ طَائِفَتَيِ الْغَضَبِ وَالضَّلَالِ.
فَانْقَسَمَ النَّاسُ بِحَسَبِ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَالْعَمَلِ
بِهِ إِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ:
لِأَنَّ الْعَبْدَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْحَقِّ، وَإِمَّا
جَاهِلًا بِهِ،
وَالْعَالِمُ بِالْحَقِّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَامِلًا بِمُوجَبِهِ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ.
فَهَذِهِ أَقْسَامُ الْمُكَلَّفِينَ لَا يَخْرُجُونَ عَنْهَا الْبَتَّةَ
فَالْعَالِمُ بِالْحَقِّ الْعَامِلُ بِهِ هُوَ الْمُنْعَمُ عَلَيْهِ،*
وَهُوَالَّذِي زَكَّى نَفْسَهُ بِالْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ*
الصَّالِحِ، وَهُوَ الْمُفْلِحُ.*
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} (5) .*
وَالْعَالِمُ بِهِ الْمُتَّبِعُ هَوَاهُ هُوَ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِ،
وَالْجَاهِلُ بِالْحَقِّ هُوَ الضَّالُّ،
وَالْمَغْضُوبُ عَلَيْهِ ضَالٌّ عَنْ هِدَايَةِ الْعَمَلِ،*
وَالضَّالُّ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِ لِضَلَالِهِ عَنِ الْعِلْمِ
الْمُوجِبِ لِلْعَمَلِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَالٌّ مَغْضُوبٌ
(1) سورة الأحقاف: الآية 31.
(2) سورة الفاتحة: الآية 6.
(3) سورة الأنعام: الاية 153.
(4) سورة الشورى: الآيتان 52 و 53.
(5) سورة الشمس: الآية
الجمعة، 31 ديسمبر 2021
اهدنا الصراط المستقيم
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق