وتفقد
سليمان حال الطير المسخرة له وحال ما غاب
منها,
وكان
عنده هدهد متميز معروف فلم يجده, فقال:
ما لي لا أرى الهدهد الذي أعهده؟ أسَتَره ساتر عني,
أم أنه كان من
الغائبين عني, فلم أره لغيبته؟ فلما ظهر أنه غائب
قال: لأعذبنَّ هذا الهدهد
عذابًا شديدًا لغيابه تأديبًا له, أو لأذبحنَّه عقوبة
على ما فعل حيث أخلَّ بما
سُخِّر له, أو ليأتينِّي بحجة ظاهرة, فيها عذر
لغيبته. فمكث الهدهد زمنًا
غير بعيد ثم حضر فعاتبه سليمان على مغيبه وتخلُّفه,
فقال له الهدهد:
علمت ما لم تعلمه من الأمر على وجه الإحاطة, وجئتك من
مدينة "سبأ"
بـ "اليمن" بخبر خطير الشأن, وأنا على يقين منه. إني
وجدت امرأةً تحكم
أهل "سبأ", وأوتيت من كل شيء من أسباب الدنيا, ولها
سرير عظيم
القدر, تجلس عليه لإدارة ملكها. وجدتُها هي وقومها
يعبدون الشمس
معرضين عن عبادة الله, وحسَّن لهم الشيطان أعمالهم
السيئة التي كانوا
يعملونها, فصرفهم عن الإيمان بالله وتوحيده, فهم لا
يهتدون إلى الله
وتوحيده وعبادته وحده.
حسَّن
لهم الشيطان ذلك; لئلا يسجدوا لله الذي يُخرج المخبوء المستور
في السموات والأرض من المطر والنبات وغير ذلك, ويعلم
ما تُسرُّون
وما
تظهرون. الله الذي لا معبود يستحق العبادة سواه, رب العرش
العظيم. قال سليمان للهدهد: سنتأمل فيما جئتنا به من
الخبر أصدقت
في ذلك
أم كنت من الكاذبين فيه؟ اذهب بكتابي هذا إلى أهل (سبأ)
فأعطهم إياه, ثم تنحَّ عنهم قريبًا منهم بحيث تسمع
كلامهم, فتأمل
ما
يتردد بينهم من الكلام.
التفسير الميسر
قال تعالى :
{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا
أَرَى الْهُدْهُدَ
أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ
{20}
لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ
لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ {21}
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ
تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ {22}
إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ
مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ
{23}
وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا
يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ
وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ
السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ
{24}
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ
الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ
{25}
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ
الْعَرْشِ الْعَظِيمِ {26}
قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ
كُنتَ مِنَ
الْكَاذِبِينَ {27}
اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ
إِلَيْهِمْ ثُمَّ
تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ
{28}
النمل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق