عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
(إنّ
الحَلالَ بيِّنٌ وإنّ الحرامَ بيِّنٌ ، وبينَهُما أمورٌ
مُشتَبِهاتٌ
لا يعلَمُهُنِّ كَثيرٌ مِنَ النّاس ، فَمَن اتَّقى
الشُبُهاتِ استَبرأ لِدينِهِ
وَعِرضِهِ ومَن وقَعَ في الشُبُهاتِ وَقَعَ في
الحَرامِ ، كالراعي حولَ
الحِمى يوشِكُ أن يَرتَعَ فيهِ ، ألا وإنّ لِكُلِّ
مَلِكٍ حِمى ألا وإنّ حِمى
اللّهِ محارِمُه ، ألا وإنّ في الجَسَدِ مُضغَة إذا
صلُحَت صَلُحَ الجَسَدُ
كُلُّهُ ، وإذا فسُدَت فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ ألا
وهي القَلبُ )
(متفق عليه) .
وما أحل الله
بيِّن ، وما حرمه كذلك .
لكن
بين الحلال والحرام أمور لا يعلمها معظم الناس. ولا يمكن أن
يعلمها
كل الناس ، ومن الصعب عليهم أن يجدوا اتفاقا في
الإجابة عليها ، فما
العمل؟ لقد أجاب رسول الله على ذلك بأن ترك ما مشكوك
فيه هو من
صفات الأتقياء الذين يريدون أن لا يقعوا فيما حرم
الله تعالى حتى
عن غير قصد. ولا يبلغ العبد درجة المتقين حتى يدع ما
لا بأس به مخافة
مما به البأس.
وكان
عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
كُنا
على زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ندَعُ
تسعة
أعشار
الحلال مخافة الوقوع في الحرام .
وكان أنس بن مالك رضي الله عنه
يقول:
إنّكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر
،
كنا
نعدها على عهد رسول الله من الموبقات
لقد بلغ من ورع سلف هذه الأمة مخافة الوقوع في الحرام
الكثير. فقد
رجع عبد الله بن المبارك من مرو إلى الشام لكي يعيد
قلما استعاره من
صاحبه. ورهن الإمام أحمد بن حنبل سطلا عند بقال بمكة
فلما أراد فكاكه
أخرج البقال سطلين وقال خذ أيهما لك فقال ، أحمد أشكل
عليّ سطلي فهو
لك والدراهم لك ، فقال البقال سطلك هذا وإنما أردت أن
أجربك ، فقال
لا
آخذه ومضى وترك السطل عنده.
واشترى إبن سيرين أربعين حبا من السمن فأخرج غلامه
فأرة من حب
فسأله من أي حب أخرجتها فقال لا أدري فصبها كلها . إن
ترك الشبهات
يحتاج إلى صبر وجلد وهو من صفات
المتقين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق