طلعت
الشمس و تبسم النوار و تفتحت البراعم
و سالت حمرة الورد على
خدود البستان
و زقزقت العصافير و رقصت
النسائم الحريرية
مع
أعواد الأغصان و جاء صباح جديد وليد
و على الرغم من هذه
الإحتفالية الجميلة المبهجة
فالأرض تسيل دماً
لماذا
يعتدي الواحد منا على أرض الآخر
لماذا
يغتصب ما في يده
لماذا
يقتل الناس بعضهم بعضا ؟
إن
الأرض أرض الله و الخيرات خيراته
و الخلق كلهم في ضيافة
الكريم الذي خلقهم ،
لا
يملك أحد منهم شيئاً
و
لا يستطيع أحد أن يدعي أنه مالك لأي شيء
و
الذين وضعوا أيديهم على قيراط أرض
سوف
يتخلون عنه و يرحلون رغم أنوفهم
فلا
مالك هنا سوى الله
و
كل الخلق ضيوف الرحمن لبرهة تطول أو تقصر
أتى بهم خالقهم عرايا و
يعودون إليه عرايا
لا
يملكون شيئاً إلا عملهم
إنها
ضيافة و ليست إقامة , و دار عبور و ليست دار خلود
مجرد
كوبري و الكل مسافر مرتحل في حالة مرور و عبور
مجرد
عبور
و
المسافر لا يحتاج إلا متاعاً قليلاً بسيطاً هو متاع المسافر
و
هو يزرع خيمة أو يبني كوخا مؤقتاً
و يستعمل كراسي و موائد
من القش
و
لكن الكل الآن يبني عمارات و أبراجاً و ناطحات
سحاب
و
يمد في الأرض جذور الخرسانة و الحديد
،
و يلطخ الحدائق بالأسمنت
و يسكن فيها تياهاً فرحاً
بوهم
البقاء الأزلي و الخلود في الأرض
و
هو ينفق الملايين على الزخرفة و التوشية
بالذهب
و يصنع معارج الرخام و
يرفع أعمدة المرمر
ثم
يقتل جاره ليتوسع و يسرق كل ما تمتد إليه
يده
و يختلس و يبتز و يزور و
يزيف ليضاعف أملاكه
و
ينسى أنها ضيافة و ليست إقامة و إنه مسافر و مرتحل
و
ينسى أنه
حمل جثة أبيه و جده إلى القبر من قبل
و
أنه لاحق بهما لا محالة
و أنه لا يوجد بشر واحد
خلد في الأرض
إنها
حالة من السفاهة العامة و الغفلة العامة
و
صدق الله العظيم إذ يقول :
{
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ
نَجِدْ لَهُ عَزْمًا }
[
طه : 170 ]
فالنسيان
و الغفلة و ضعف العزم
هي الصفات العامة في كل
البشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق