قصة أبو لبابة بن عبد المنذر :
** نزل رسول الله على بئر من آبار بني قريظة من ناحية
أموالهم يقال
لها بئر أنى فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم
الحصار وقذف
في قلوبهم الرعب وقد كان حيي بن أخطب دخل معهم حصنهم
حين رجعت
عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده
عليه فلما أيقنوا
أن رسول الله غير منصرف عنهم حتى يناجزهم قال كعب بن
أسد يا معشر
يهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون وإني عارض عليكم
خلالاً ثلاثاً فخذوا
بما شئتم منها قالوا وما هن قال نتابع هذا الرجل
ونصدقه فوالله لقد تبين
لكم أنه لنبي مرسل وأنه للذي تجدونه في كتابكم
فتأمنون به على دمائكم
وأموالكم وأبنائكم ونسائكم قالوا لا نفارق حكم
التوراة أبدا ولا نستبدل به
غيره قال فإذا أبيتم علي هذه فهلم فلنقتل أبناءنا
ونساءنا ثم نخرج إلى
محمد و أصحابه رجالاً مصلتين بالسيوف لم نترك وراءنا
ثقلاً حتى يحكم
الله بيننا و بين محمد فإن نهلك نهلك و لم نترك نسلاً
نخشى عليه و إن
نظهر فلعمري لنجدن النساء و الأبناء قالوا أنقتل
هؤلاء المساكين فما
خير العيش بعدهم قال فان أبيتم علي هذه فالليلة ليلة
السبت وإنه عسى
أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فانزلوا لعلنا
نصيب من محمد
وأصحابه غرة قالوا أنفسد سبتنا ونحدث فيه ما لم يحدث
فيه من كان
قبلنا
إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عنك من المسخ فقال ما بات
رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة من الدهر حازماً ثم أنهم
بعثوا إلى
رسول
الله أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف
و كانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا فأرسله رسول
الله فلما رأوه قام
إليه الرجال و جهش إليه النساء والصبيان يبكون في
وجهه فرق لهم
و قالوا يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال
نعم و أشار بيده إلى
حلقه أنه الذبح قال أبو لبابة فوالله ما زالت قدماي
من مكانهما حتى عرفت
أني قد خنت الله ورسوله ثم انطلق أبو لبابة على وجهه
ولم يأت رسول الله
حتى
ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال لا أبرح مكاني حتى
يتوب الله على ما صنعت وعاهد الله أن لا أطأ بني
قريظة أبدا ولا أرى
في بلد
خنت الله ورسوله فيه أبداً . وأنزل
الله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا
اللَّهَ وَالرَّسُولَ
وَتَخُونُوا
أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
}
. فأقام مرتبطا ست ليال تأتيه امرأته في وقت كل صلاة
فتحله حتى يتوضأ
ويصلي ثم يرتبط حتى نزلت توبته في قوله تعالى
:
{
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا
وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ
عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
و قد أنزل الله تعالى توبته على رسوله من آخر الليل
وهو في بيت
أم
سلمة فجعل يبتسم فسألته أم سلمة فأخبرها بتوبة الله على أبي
لبابة
فاستأذنته أن تبشره فأذن لها فخرجت فبشرته فثار الناس
إليه يبشرونه
وأرادوا أن يحلوه من رباطه فقال والله لا يحلني إلا
رسول الله فلما خرج
رسول الله إلى صلاة الفجر وحله من رباطه رضي الله عنه
وأرضاه .
البداية والنهاية
قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ
اللّهَ وَالرَّسُولَ
وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ
}
الأنفال27
وقال تعالى :
{ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ
عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً
عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
التوبة102
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق