علماء الأمة الإسلامية والدور المنتظر منهم (1)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:فإنه من المسلمات
شرعاً وعقلاً أن علماء الأمة الإسلامية هم خيارها عند الله تعالى،
لما عرفوا من الحق كما قال تعالى:
{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ
بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
[المجادلة: من الآية 11]،
ولما لهم من السمع والطاعة على الأمة باعتبارهم على الراجح هم ولاة
أمرها كما قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا}
[النساء: 59]،
قال البغوي رحمه الله في تفسيره:
اختلفوا في: {أُولِي الأمْرِ} قال ابن عباس وجابر رضي الله عنهم:
هم الفقهاء والعلماء الذين يعلِّمون الناس معالِمَ دينهم ،
وهو قول الحسن والضحاك ومجاهد، ودليله قوله تعالى:
{ولو رَدُّوُه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لَعَلِمَهُ الذين
يَسْتَنْبِطٌونَهُ منهم}
[النساء: من الآية 83] (ج 2 / ص 239).
وما دام الشأن كذلك فإنه يجب على العلماء ما لا يجب على غيرهم
لما أخذ الله عليهم من البيان وعدم الكتمان،كما قال تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ
فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}
[آل عمران: 187]
من أجل ذلك كله كان العلماء قديماً وحديثاً محط أنظار الأمة الإسلامية،
الذين يؤمل فيهم ما لا يؤمل في غيرهم من النصح للأمة ورعايتها
وحمايتها وتفوقها.فمن هؤلاء العلماء؟ وما درجاتهم؟ وما صفاتهم؟
وما هو الدور المنتظر منهم؟ وكيف يمكنهم القيام به؟
هذه أسئلة مهمة للغاية الإجابة عليها بصدق وبجلاء تسهم بقوة
في النهوض بالأمة الإسلامية من جديد، وإعادة دولتها
ووحدتها ودورها في الحياة بعامة، كما كانت من ذي قبل.
أولاً: من العلماء؟
العلماء هم الذين تعلموا العلم وأتقنوه وعقلوه، وعملوا به وعلموه،
العدول الذين استقاموا لله تعالى بالدين والمروءة الذين يخشونه
ولا يخشون أحداً سواه.
والمقصود بالعلم هنا علم الكتاب العزيز والسنة النبوية من حيث
معرفة الأوامر والنواهي والحلال والحرام والكراهة والاستحباب.
فكل من عقل عن الله تعالى ذلك العلم وامتثل أوامره واجتنب مساخطه،
وعلم من سأله، وأفرد الله تعالى بالخوف منه على وجه التعظيم له
فهو العالم حقاً.
وفي تفسير ابن كثير رحمه الله (ج 6 / ص 545)،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق