هل تتوقع عزيزي القارئ أن قلب البعوضة شديد التعقيد ويعمل بكفاءة
عالية جداً.. بل حتى هذه اللحظة لا زال علماء التطور يجهلون كيف تطور
قلب البعوضة......
للبعوضة ثلاثة قلوب تعمل بطريقة معقدة جداً.. تقوم بضخ الدم للدماغ ثم
تعكس الاتجاه لتضخ الدم إلى بقية الجسد.. وأغرب ما يحر العلماء: كيف
يعكس قلب البعوضة اتجاه الضخ خمس مرات؟ وكيف يعمل بنظام فائق
الدقة، حيث تستطيع البعوضة أن تتحكم بسرعة نبضات قلبها بما بتناسب
مع الظروف المحيطة بها!
قام الدكتور Julian Hillyer بالتقاط صورة بالميكروسكوب تشرح
طريقة عمل قلب البعوضة ويوضح كيف تعمل خلايا دم البعوضة
وعضلات القلب من أجل ضخ الدم بنظام شديد التعقيد لا زال يحير
العلماء حتى الآن!!
والآن دعونا نتأمل كيف عبر القرآن عن هذه الحشرة العجيبة؟
لقد استهزأ بعض الملحدين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إن
محمداً يذكر الذباب والنحل والعنكبوت في كتابه... فكيف ردّ الله عليهم؟
تأملوا معي أخلاق الإسلام الرفيعة، لم يشتم ولم يعنّف .. بل أتاهم بمثل
آخر في غاية الجمال والروعة، وضرب لهم مثلاً بالبعوضة التي هي
أصغر من الذباب، بل وذكر حشرة أخرى أصغر منها وتعيش فوقها!!
قال تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا
فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا
يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ }
[البقرة: 26].
لو كان القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم وجاءه انتقاد
من شعراء قريش وفصحائهم وأرباب البلاغة والبيان في ذلك الزمن، لكان
الأجر به أن يتجنب ذكر هذه الحشرات ويذكر ما هو أعظم منها،
مثل الأسد والفهد والنمر... وذلك كما يفعل أي مؤلف عندما يتلقى انتقاداً
من أصحاب الاختصاص فيعمد إلى تغيير وتبديل أسلوبه اللغوي...
لينال إعجاب قومه!
ولكن القرآن هو كلام الله تعالى الذي يعلم السرّ وأخفى، وهو الذي خلق
البعوضة ويعلم أسرارها ويعلم عجائبها، فلا يستحي من ذكرها في كتابه..
وبالفعل إنها حشرة تستحق الذكر! فالعجائب المذهلة التي تخفيها
البعوضة تستحق أن نقف أمامها طويلاً، فهي حشرة شديدة التعقيد ودقة
الصنعة تشهد على قدرة الصانع عز وجل.
والآن دعونا نتأمل بعض الصور التي تزيد المؤمن
إيماناً ويقيناً بقدرة الله تعالى..
تقوم البعوضة بتحليل الدم كما تقوم بكافة الاختبارات لهذا الدم فإذا كان دم
الإنسان مناسباً لها قامت بمص كمية كافية، وإذا كان غير مناسب تركته
وانتقلت لإنسان آخر.. من الذي علم هذه البعوضة هذه التقنية؟
سبحان الله!
صورة لبعوضة من التقاط أحد الهواة.. هذه البعوضة تعيش فوق ظهرها
حشرة أصغر منها تتغذى على دمها.. سبحان الخالق العظيم!
وهذه صورة أخرى لظهر بعوضة تعيش على ظهرها حشرات باللون
الأحمر.. هذه الحشرات الصغيرة (mite) تتغذى من دم البعوضة
ولا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة إلا نادراً بسبب حجمها الصغير.
هذه حشرة صغيرة تصعب ملاحظتها بالعين، تعيش على بعض الحشرات
وبخاصة البعوض، وتتغذى عليه، ولها تركيب معقد جداً، ونرى في هذه
الصورة أنها تمسك بحشرة أصغر منها أيضاً.. سبحان الله!
وهذه بعوضة تظهر عيونها باللون الأخضر نتيجة انعكاس الضوء
على عدساتها المعقدة، ونرى حشرة صغيرة جداً باللون الأحمر فوق
البعوضة.. ربما نستطيع الآن أن ندرك دقة قوله تعالى:
{ بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }
... فسبحان الله خالق كل شيء.. والحمد لله رب العالمين..
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق