د. ياسر بكار
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا فتاة أعاني الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، وقد عاودتني
نوباته لِمرَّات عديدة، مع جهلي وجهل عائلتي بحقيقة هذا المرض،
الحمد لله، الآن أعي تمامًا ما المرض، وإن كان وعيي متأخرًا،
بالرغم من ذهابي للمستشفى النَّفسي بداية إصابتي به، المشكلة أنَّ
الجميع أخذ صورة عني؛ بناءً على ما كنت أتصرف به أثناء النَّوبات المرضية،
لي شقيقة تكبُرني مباشرة بأربع سنوات، تكْرَهُني، كانت تفسر حركاتي
بما تراه هي لأشِقَّائي، هي تحب أن تكون (رقم واحد) في العائلة،
وحتَّى لا أطيل عليكم بأمور قد تكون من قبيل الفضفضة،
لها معي عِدَّة مواقف سلبية، آخرها عند زواج شقيقتي الصُّغرى،
باعتبار أنِّي أَكْبُرُها ولم أتزوج بعد فلابُدَّ أن أكون حاسدة لها،
فكانت تتصرف شقيقتي التي تكْبُرني معي على هذا التصوُّر،
أنا أنسى أحيانًا إساءتها، ولكن أحيانًا تطفو في ذاكرتي إساءاتُها الكثيرة،
التي لم أجد لها مُبرِّرًا سوى الكُره، وهذا ما تلاحظه أختي الصُّغرى،
نعم، أتذكر إساءتها، وأجاهد نفسي؛ حتى لا أدعو عليها،
لا أحتمل إساءةَ مَن يُسيء دون مُبرِّر حقيقي، أنسى أحيانًا،
ولكن يأتيني أحيانًا حبُّ الانتقام؛ لذلك أكره مجالسَ النساء،
فقليل مَن تحترم مشاعر أو خصوصية الأخرى، بلا مبرر حقيقي،
أعلم أنِّي حساسة، لكن لست مُجبرة على مجالسة أناس يستمتعون
بالإساءة والانتصار للنفس والتدخُّل في شؤون الآخرين،
ولكنِّي أريد قلبًا سليمًا ينسى الإساءة كليًّا.
الجواب
الأخت الكريمة،
شعرت بالسَّعادة لوعيك بالمرض وتفهُّمك له، هذا أمر رائع وضروري؛
حتى تتغلبي على الصُّورة التي قد تتكون عنك،
تابعي معي النقاط الثلاث التالية:
أولاً:
أريد أن أذكرك بأمر هام، من علامات الصِّحة النفسية أن يكونَ لدى
المرء المرونة والقُدرة على التواؤم والتلاؤم؛ لكي يستطيعَ التعامُل
بشكل مقبول مع أطياف مُختلفة من البشر، وفي مختلف الظُّروف.
نعم، لا يُمكن أن نرسم الناس وَفْقَ اختياراتنا، قد يكون لدينا القُدرة
على تقريب أشخاص نرتاح لهم، وإبعاد آخرين لا نرتاح لهم،
هذا معروف وشائع، ولكن في نفس الوقت سنكون مُجبرين
طوال الوقت على التَّعامل مع كل أنواع الأشخاص.
ثانيًا:
لابُدَّ أن نتذكر أيضًا أن من القوانين العامة في هذه الدُّنيا:
أن تخريب الصورة الذهنية لك أمام الآخرين - أمْرٌ سهل، ولكن تحسين هذه
الصورة الذهنية يَحتاج إلى وقت أطول، وإلى جهد أكبر، لكن هذا لا يعني أن نتخاذل؛
بل يجعلنا جاهزين لبذل المزيد من الجهد، وتَحمُّل صعوباته ومَشاقَّاته.
ثالثًا:
شعورنا بالسعادة والرِّضا في هذه الدنيا قائم على اختياراتنا نحن،
قائم على طريقة تدعيمنا لأنفسنا، ومواجهتنا للمزعجين من الناس،
ويتباين الناس في هذا الجانب، فمنهم من يجعل سعادته بيد الآخرين،
ورضاه عن نفسه مُرتبط برضاهم عنه، وآخرون يَجعلون ذلك بأيديهم هم،
وتَحت سيطرتهم، والفرق بين الفريقين كبير وواضح.
ختامًا:
إنَّ من أهم الأهداف التي يجب أن نضعها أمام أعيننا دائمًا -
هو أن نكون أفضل يومًا بعد يوم، أنْ نَجعل كل يوم إضافة لنا، لحياتنا،
وقدراتنا ومهاراتنا، لك كلُّ التحيات، وأهلاً وسهلاً.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق