الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرًا، وأحسنَ إليكم:
ما علاقة الجن بالحُلم؟ وعندما نحلم بالجن، فهل فعلاً يَقْرَبُنا شيطان؟
وما معنى قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
( لا يزال عليكَ من الله حافظٌ، ولا يَقْربُك شيطانٌ حتى تُصبح )،
ما الذي قد يفعلونه بنا إذا حضروا؟ هل له علاقة بالسحر أو العين؟
وهل المسحور يستطيع أن يعرفَ بنفسه أنه مسحورٌ، دون شيخٍ يقرأ
عليه ليعرِفَ حالتَه؟ أي: هل يعي ذلك ويُصدق، أو يَصير له كوَهْمٍ؟
أرجو إجابتكم تفصيلاً، جزاكم الله خيرًا، فأنا كثيرًا ما أحلم بالجن،
أحسُّ بهم في فراشي، ولا أراهم، رأيتهم مرة أطفالاً، ثم اختفَوْا،
وأخرى رأيتُهم قططًا سوداء، ثم اختفوا! ومرة دَخَل جنٌّ في جسدي
من رجلي، وخرَج من كتفي، وأخرى سَحَبوا رجلي ودفعتُهم،
وأيضًا أمسكوني؛ كي لا أقتُل دابَّةً وجدتُها تحت سريري، لكني تمكَّنت
من قتْلِها، ودائمًا أقولُ لهم: لا إله إلا الله، وأُرَدِّدها كثيرًا،
أقوم وأحسُّ بضِيقٍ، أجدُني أعرقُ، ولكن في أحلامي بهم لا أخافُ منهم.
أعلمُ أنَّ هذا الموقع ليس لتفسير الأحلام، ولكني أطلبُ تفسيرًا لحالتي
هذه مع الجن من مشايخكم الكرام، والتي شَككتُ أني مسحورة عن طريق
الشرب والأكل، فآخر حُلمي بهم أنهم يلعبون بشعري، لا أراهم،
وكانت طفلة في حضني تراهم تضحكُ لهم، ثم تخاف، وكأنَّ الطفلة
كانت من الجن أيضًا، فأمْسَكتُها وضربتُها؛ لتخبرني مَن الذي يلعب
بشعري من خلفي، إلى أن تحوَّلت الطفلة إلى أوراق، وكنتُ أكلِّم الجنَّ ولا أراهم،
أطلبُ منهم أن يُزَوِّدوني بطريقتهم، وماذا فعلوا بي؟ لا أسمع صوتهم، وكنتُ أقول لهم:
لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا إله إلا الله، هو مَن يَحفظني منكم،
وكلَّما أخْبَروني بشيءٍ تَزداد الأوراق أمامي والتي هي الطفلة،
ثم دخَلتُ غرفة فوجدتُ جِنيَّة جالسة على طرف السرير،
لا يَبين منها إلاَّ يداها، فركضتُ ولَحِقتني، وكَشَفتْ عن وجهها،
وأخْبَرتني أنها تريد أن تأخُذني إليها، فأمْسَكتْ بيدي، فلم أحسَّ بشيءٍ،
واخْتَفَيت معها، قمتُ وقرأتُ سورة البقرة كاملة،
عند قراءتي انتفَضَ جسمي كلُّه من أوَّل آية 102 إلى آخرها:
{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ
هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ
فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ
وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ
وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ
وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }
[البقرة: 102].
وانتفَض جسمي بشدة عند:
{ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ }،
أعدتُ قراءتها مرةً أُخرى لأطمئنَّ، وانتفَضَ جسمي كذلك،
وقرأتُها ثالثة وانتفَض جسمي كُلُّه عند:
{ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ }
فقط، إلى أن وصَلتُ إلى آية الكرسي، فأحسَسْتُ برجلي جامدةً لا تتحرَّك،
وخِفتُ أن أقرأها مرة أخرى، وكنتُ أتثاءَب ولي رغبةٌ في النوم،
فاجْتَهدتُ وقرأتُ السورة كاملة، ثم أحسَسْتُ بصداعٍ، وشيء في بطني يتقطَّع،
وكنت سأتقيَّأُ، لكنَّ بطني خالٍ - صائمة - ثم غَلَبني النُّعاس
ونمتُ ساعتين، وعندما استيْقَظتُ، اشتدَّ الألَم، كنتُ أحسُّ به قِبَلَ المعدة بالتحديد،
وعيناي منتفختان، وأخَذتُ ماء زمزم، فقرأتُ فيه الرُّقْيَة
الشرعية من السحر، حَفِظتها من موقعكم - بارَك الله فيكم -
أفطرتُ به وغَسَلتُ وجهي، وأحسَسْتُ بالماء يدخل في الرئتين، فكأنه أثْلَج صدري.
ثم أحسستُ بكتمةٍ وخرَجتْ مني رائحة، ثم اشتدَّ عليَّ الألَم،
واغْتَسلتُ بماء زمزم وقد قرأتُ فيه كذلك، واشتدَّ الألم إلى أن تَبَرَّزت
- أكرَمكم الله - وظَلَلتُ أشرب ماء زمزم - وقد قرأتُ فيه -
وما زال الألم أحسُّ به وعيناي منتفختان، وفي اليوم التالي استمعتُ إلى سورة البقرة،
وغلَبني النُّعاس، استيقظتُ على الألَم، فإذا بالقارئ قد وصَل إلى الآية:
{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ }،
وكأنَّ شيئًا يتقطَّع في بطني من شدَّة الألم، ثم خَفَّ قليلاً وغلَبني النُّعاس،
هل ما جرى لي يُظهر أنَّ فيَّ سحرًا؟ أو هذا وهْمٌ؟ هل أستمرُّ على
قراءة سورة البقرة يوميًّا، وأغتسل بماءٍ أقرأ فيه
الرقية الشرعية للسحر؟ ماذا الذي عليَّ فِعلُه؟
أنا - ولله الحمد - مُلتزمة، ومُحافظة على أذكار الصباح والمساء
وأذكار النوم أيضًا، وعلى الوضوء، وأقرأ القرآن أيضًا قبل نومي، حتى إنَّ
ليلة حلمي بهم كنتُ قد قرأتُ الأذكار.
أعتذر على الإطالة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه
ومَن والاه.
أمَّا بعدُ:
فالحلم المُفزع والرؤية المُقلقة المحزنة سببها الشيطان؛
ليُحزِن بها المؤمن، وليس بضارَّة شيئًا إلاَّ بإذن الله - عزَّ وجلَّ .
وقد روى مسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي –
صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: رأيت في المنام كأنَّ رأسي قُطِعَ،
قال: فضَحِك النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال:
( إذا لعِب الشيطان بأحدكم في منامه، فلا يُحدِّثْ به الناس ).
وفي صحيح مسلم أيضًا عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
( الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان... )،
وروى أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله –
صلَّى الله عليه وسلَّم -:
( الرؤيا ثلاثٌ: فالبشرى من الله، وحديثُ النفس، وتخويفٌ من الشيطان
، فإذا رأى أحدكم رؤيا تُعجبه، فليَقصَّها إن شاء، وإذا رأى شيئًا يَكرهُه،
فلا يَقصَّه على أحدٍ، ولْيَقُمْ يُصَلي ).
منقول للفائدة / يتبع غداً إن شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق