الجن والحلم! (2)
أمَّا علاج ما ألَمَّ بكِ ودَفْعُه عنك، فبأمور:
منها: المحافظةُ على أذكار النوم، وقراءَتها بتدبُّر وتَمَعُّنٍ، مع الجزم
بنَفْعها، وحِفْظ الله لقارئها.
ومنها: الالتزامُ بالعلاج النبوي الوارد في حديث أبي سلمة بن عبدالرحمن،
قال: إن كنتُ لأَرَى الرؤيا تُمْرِضُني، قال: فلَقِيت أبا قتادة،
فقال: وأنا كنتُ لأَرَى الرؤيا فتُمْرِضُني، حتى سَمِعت رسول الله
- صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول:
( الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب،
فلا يُحدِّثْ بها إلاَّ مَن يُحِبُّ،
وإن رَأَى ما يَكره، فليَتْفُلْ عن يساره ثلاثًا،
وليتَعَوَّذْ بالله من شرِّ الشيطان،
ولا يُحَدِّث بها أحدًا، فإنها لن تَضرَّه )؛
رواه مسلم.
وفي رواية:
( وليَتَحَوَّلْ عن جَنْبِه الذي كان عليه ).
وفي رواية عند مسلم أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه –
عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال:
( فإن رَأَى أحدُكم ما يكرهُ، فَلْيَقُمْ، فَلْيُصَلِّ... ).
فمَن فعَل هذه الأشياء عندما يرى ما يكرهه، وهي:
• الاستعاذة بالله من الشيطان، ومن شرِّ الرؤيا.
• النَّفْث عن يساره ثلاثًا.
• التحوُّل عن الجَنْب الذي كان عليه إلى جَنْبه الآخر.
• يقوم فيُصَلي لله تعالى ركعتين أو أكثر.
• لا يُحَدِّث بها أحدًا.
فلن تَضرَّه الرؤيا كما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - مهما كانت
مُفزعةً ومُقلقةً؛ ولذا رَوى مسلم عن أبي سلمة - رحمه الله - قال:
إن كنت لأَرَى الرؤيا أثقلَ عليَّ من جَبَلٍ، فما هو إلاَّ أن سَمِعت بهذا
الحديث، فما أُبَاليها .
واعلمي - رعاكِ الله - أنَّ تصوُّرَك تأثيرَ الجنِّ في كلِّ ما يُصيبك في الحياة،
وأنهم يتحكَّمون فيك ويؤذونك متى ما أرادوا، وكيفما أرادوا، فإنه تصوُّرٌ خاطئٌ؛
فالجنُّ أضعفُ من أن يتحكَّموا فينا، أو يؤذونا كلما أرادوا؛
لقد أخبَر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن الشيطان يكفُّه عن الإنسان أن يُعَرِّض
عودًا على إنائه، أو أن يُغلِقَ عليه بابه؛ ففي الصحيحين عن جابر - رضي الله عنه -:
( إذا كان جُنح الليل - أو أَمْسَيتم - فكُفُّوا صبيانكم؛ فإن الشيطان
يَنتشر حينئذ، فإذا ذهَب ساعة من الليل، فخَلُّوهم وأغْلِقوا الأبواب، واذْكُروا
اسم الله؛ فإن الشيطان لا يَفتح بابًا مُغلقًا، وأَوْكُوا قِرَبَكم، واذكروا
اسم الله، وخَمِّروا آنيتكم، واذْكُروا اسم الله، ولو أن تَعرُضُوا عليها
شيئًا، وأَطْفِئوا مصابيحكم )،
وتمثَّل الشيطان لأبي هريرة، فأمْسَكه، فجعَل يتضرَّع له، ويشتكي
إليه حاله، حتى أطْلَقه أبو هريرة؛ كما في صحيح البخاري .
والحاصل: أن الجنَّ لا يتسلَّطون إلاَّ على مَن يخافُهم ويخشاهم،
ويُمَكِّنُهم من نفسه؛ كما قال - عزَّ وجلَّ -:
{ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا }
[الجن: 6].
ولْتُوقِني أنَّ ذِكر الله حصنٌ حصينٌ، وأن الجنَّ لا يتسَلَّطون على مَن أدمَنَ
ذِكر الله، وما دمتِ محافظةً على الفرائض، فليس لهم عليك سلطان،
وليس لهم إليك سبيل، وقد صحَّ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم –
أنَّ مَن قرأ آية الكرسي في ليلةٍ، لَم يَقرَبْه شيطانٌ، وأنَّ مَن قرأ آخِرَ
آيتين من سورة البقرة في ليلةٍ، كَفَتَاه، فإذا حافَظتِ على ذلك، فأنتِ
في حِفْظ الله ورعايته، ولا يستطيع أن يَخْلُصَ إليكِ شيطانٌ، أو يُصيبَكِ بسوءٍ.
كما أنه لا يَحْسُنُ بكِ أن تجعلي حياتَكِ مرهونةً مسيَّرةً بالأحلام،
وتَجعلين رُؤًى تَرَيْنَها في منامكِ تَحْكُم تفكيرَكِ؛ فأحلامُكِ ورُؤَاكِ في النوم قد
تكون نتيجةَ تفكيركِ الدائم في هذا الأمر، وحديث نفسكِ بذلك.
فاستعيني بالله ولا تَعجِزي، وعِيشي في عالَم الواقع
ودَعْكِ من عالَم الجنِّ والأحلام
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق