كيفيَّة إقناع شخص مصاب باضطراب الشخصية الهذيانية بالذَّهاب
إلى العيادة النفسية:
إنَّ مسألة إقناع الشخص الهذياني بزيارة الطبيب النفسي أمرٌ غاية في الصعوبة؛
كون الهذياني لا يرى نفسه مريضًا، أو أنه بحاجة إلى رعاية طبيَّة،
كما أنَّ عنصر الثقة - وهو العنصر الأكثر أهميَّة في العلاقة العلاجيَّة
بين الطبيب والمريض - يكاد يكون معدومًا لدى الهذياني؛
لأنه لا يَثِق في الناس عمومًا، بِمَن فيهم الأطباء، ولعلَّ الطريقة المثلى
لإقناع شقيقتك بالذهاب إلى الطبيب النفسي، أن توجَّه إلى طبيب نفسي
حاذق في العلاج النفسي، عارِف ببعض الجوانب الطبية الأخرى
التي قد تحتاج فيها شقيقتك إلى معونة طبيب أو معالجٍ، كالنواحي التجميليَّة،
أو العناية بالمشكلات الجلديَّة، ونحو ذلك، بحيث تدفع إلى الذَّهاب للعيادة للغاية الثانوية
(العلاج الجلدي مثلاً)، وليس لأنها مضطربة نفسيًّا، بالاتفاق مع هذا
الطبيب النفسي، ومِن ثَمَّ سيتصرَّف هو بحسب مهاراته.
وفي العيادة سيتمُّ علاجها بواحدة أو أكثر من طرق العلاج النفسي التالية:
1- العلاج السلوكي.
2- العلاج المعرفي.
3- العلاج الدوائي:
أ- العلاج بمضادات الذهان Antipsychotics.
ب- العلاج بمضادات الاكتئاب Antidepressants.
مهارات التعامل مع الشخصيات الذهانية الهذيانية:
إنَّ من أصعب الشخصيَّات التي يجد المرء نفسه مضطرًّا إلى التعامل معها
أو التعايش بينها: أولئك المصابين باضطراب البارانويا؛ لأن محور
مشكلتهم الأساسيَّة متمركزٌ حول الأحكام الخاطئة على الناس،
وتَحميلهم مسؤوليَّة أخطائهم التي يقعون فيها،
ويحتاج مَن يتعامل معهم إلى الصبر.
والبارانويا اضطراب مُزمن ومُنتكس، ويحتاج مَن يضطر إلى التعامل
مع المصابين به إلى دعم صحَّته النفسيَّة أوَّلاً، وتعزيز مناعته العاطفيَّة؛
كيلا يتأثَّر أو يُصاب هو الآخر بخللٍ نفسي؛ جرَّاء الاتهامات التدميريَّة المتواصلة،
والاعتداءات البدنيَّة المتلاحقة؛ لذا أرى من الضرورة بمكان
أن تُحَصِّني نفسيَّتك بتناول أوميغا3؛ لخَفْض مشاعر التوتر والقَلق،
وتقوية قُدرتك على التعامل مع مسبِّبات التوتر بهدوءٍ، بعد الاستعانة بالله
- سبحانه وتعالى - وصِدق التوكُّل عليه.
من المهم أيضًا توقُّع خَيبات الأمل؛ فالتوقُّعات الكبيرة بحصول تغيير
جَذري في معاملة شقيقتك لك بالحسنى، قد يُوقعك في مشاعر سلبيَّة أنت عنها
في غنًى.
اشْرَحي - بُورِكْتِ - لأفراد أُسرتك أنَّ هذه الاتهامات والظنون التي تُلْقيها
عليكم أُختكم جزافًا، ليست إلاَّ جزءًا من المرض وعوارضه،
فإذا تعامَلتم معها على اعتبارها مريضة، وبأنها بحاجة إلى مراعاة ورعاية، فسيقلُّ
لَدَيكم الشعور الحارق بالغضب، كردَّة فِعل طبيعية لتصرُّفاتها غير الطبيعيَّة
، وسيكون التعامل معها أكثرَ سهولة وسلاسة - بمشيئة الله -
مع ضرورة تعزيز مشاعر الرحمة والتحنُّن تُجاهها، فهي لا تُفَكِّر سلبًا على عمدٍ،
أو تَحرص عليه عن رغبة؛ بل من علَّة عرَضَت لها لأسباب وراثيَّة على الأرجح.
إن كان ولا بدَّ من التجاوب، فليَكن مع الشعور القائم وراء الاتِّهام،
لا مع الاتهام نفسه، وهو - على الأغلب - شعورٌ غير مُبرر بالخوف أو الحزن،
أو القلق أو الألَم، فإذا اتَّهمتْكِ أو اتَّهَمتْ شخصًا، فلا تقولي لها مثلاً:
حرام عليك ، أو اتَّقي الله ، أو أنتِ تكذبين ، ولكن فكِّري في الشعور
الذي يَدفعها لقول ذلك لكِ، ومِن ثَمَّ تعاطَي مع الإشكال بحسب ما تَشعر
به في الباطن، لا بما تقوله لك على الظاهر.
تجنَّبي المواجهة والجَدَل إذا أخذتْها النوبة، وتَمَلَّكت على أفكارها،
ومتى سَكَنت فتحدَّثي إليها، وأشْعِريها بأنها تستحقُّ الشعور بالأمان،
وأنَّ من حقِّها الخوف من مَكْر الناس في بعض الأحيان، لكن ليس على الدوام،
واحْرِصي غاية الحِرص أن يكون كلامُك يسيرًا وواضحًا؛
كيلا يسرع إليها سوءُ الظنِّ بكِ.
دَعيها تَنفُث آلامها وتُلقي ما في صدرها من مخاوف، وإن استطَعْتِ
ألاَّ تَتدخَّلي بالنُّصح والوعظ، فافْعلي، فإن أعْجَزك، فاستعملي التطمينات
غير اللفظيَّة، مع تطميناتكِ اللفظية، كاللمَسات العاطفيَّة الرقيقة على كَتِفيها،
أو بتَمسيد ذراعيها ومُعانقتها عفوًا، وإن لَم تعتادي على ذلك.
أشْرِكيها كذلك في التخطيط لحفل عُرسك، ولا تُشعريها - عوفِيتِ -
بأنَّك الأجمل أو أنَّك تستحقين الأفضل، وأنَّ الله جزاكِ خيرًا ووفَّقك بالارتباط
قبلها؛ بل احْرِصي دومًا على إيصال رسائل الحبِّ والاهتمام والثقة بها وبذَوْقها الخاص.
اسْتَشيريها واستفيدي من خِبرتها، حتى وإن لَم تُقنعك مشورتها،
وخُذي ببعض ذَوْقها، وإن لَم يُعجبك ذوقها؛ فالغاية من كلِّ ذلك مَدُّ جسور
التواصُل وكَسْب ثِقتها، فأنت تحتاجين إليها مثلما تحتاج هي إليك.
من المهم أيضًا النظر إلى الجوانب الإيجابيَّة في الشخصيَّات المَرَضية؛
لفَتْح قلوبهم المُغلقة، من خلال مفاتيحهم الذهبيَّة التي يَمتلكونها في دواخلهم.
ومن أهم مزايا الشخصيَّة الهذيانية التي يُمكن العَزْف على أوتارها:
1- الجِدية.
2- الطموح.
3- اليقظة الشديدة.
4- الاستقلالية.
5- دقة الملاحظة.
6- حب التكتُّم.
7- احترام الإجراءات الروتينيَّة.
والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب.
منقول للفائدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق