الأحد، 3 يناير 2021

روائع الإعجاز النفسي (31)

 روائع الإعجاز النفسي (31)


الإحسان والسعادة

في تجربة أخرى أعطى الباحثون كل فرد من مجموعة تتألف من 46
شخصا مبلغ 5 دولارات أو 20 دولارا وطلبوا منهم إنفاقها بحلول الساعة
الخامسة من مساء ذلك اليوم. وطلب من نصف المشاركين إنفاق ما أعطوا
على أنفسهم فيما طلب من الباقين إنفاقه على غيرهم.

قال الذين أنفقوا الأموال على غيرهم إنهم يشعرون بسعادة أكبر بنهاية
اليوم من أولئك الذين أنفقوا الأموال على أنفسهم، بغض النظر عن قيمة
المبلغ الذي أعطي لهم. وتقول دان: إن هذه الدراسة تعطي دليلا أوليا على
أن كيفية إنفاق الناس لأموالهم قد تكون بنفس قدر أهمية كم يكسبون.

وهنا نتذكر نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام عندما تصدقت عائشة بشاة
وأبقت له الكتف لأنه كان يحبه من الشاة الكتف، قالت له عائشة: ذهبت
الشاة وبقي الكتف يا رسول الله، قال بل قولي: ذهب الكتف وبقيت الشاة!!
فكان ما ينفقه أحب إليه مما يبقيه، وهذا سر من أسرار السعادة
يكتشفه العلماء اليوم فقط!

ويؤكد الباحثون اليوم أن من أهم أسباب كسب المال أن تنفق شيئاً من المال
على من يحتاجه! وهذا يعني أن الإنفاق هو سبب من أسباب الرزق!
وهذا ما أكده القرآن عندما ربط بين الإنفاق وبين الرزق الكريم،
يقول تعالى:

{ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ *
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }
[الأنفال: 3-4].

تقول البروفيسورة إليزابيث "قد يكون إنفاق المال على آخرين طريقا
أشد فعالية لتحقيق السعادة من إنفاق المال على الشخص نفسه".

ويقول الدكتور جورج فيلدمان أخصائي النفس في جامعة باكينغهام الجديدة
"إن التبرع لأغراض الخير يجعلك تشعر أنك أفضل حالاً لأنك في مجموعة.
إنه أيضا يجعل الناس ينظرون إليك باعتبارك مؤثراً للغير على النفس".
ويضيف "فعلى الصعيد الشخصي إذا قدمت لك شيئا فهذا يقلل احتمال
تعديك علي، ويزيد احتمال معاملتك لي بطريقة حسنة".

ويضعون نصيحة مختصرة يقولون: "النصيحة ألا تكنز الأموال"
وهنا نتذكر التحذير الإلهي:

{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ
وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ }
[التوبة: 34-35].

إن الله جل وعلا، فرض علينا الزكاة، لأنه يريد لنا السعادة، بل وحذر من
كنز الأموال وعدم إنفاقها في أبواب الخير والعلم، وربما يا أحبتي يكون
أفضل أنواع الإنفاق في هذا العصر أن ننفق على العلم النافع لتصحيح نظرة
الغرب للإسلام، من خلال الإنفاق على الأبحاث القرآنية التي تهدف لإظهار
عظمة هذا الدين وعظمة نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. وانظروا معي
إلى هذه الآية الرائعة:

{ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ
وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }
[سبأ: 39].
من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق