روائع الإعجاز النفسي (78)
التنجيم والأمراض النفسية
لقد حرّم الإسلام التنجيم والتنبؤات التي لا تقوم على أي أساس علمي،
مثل الأبراج والتنبؤ بالمستقبل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى القائل:
{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ
فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ }
[آل عمران: 179].
وقد ثبُت علمياً أن هنالك أضرار نفسية جسيمة تسببها كثرة اللجوء إلى مثل
هذه التنبؤات، حتى يصبح الإنسان الذي يؤمن بالأبراج وغيرها قلقاً
ومضطرباً وينتظر النتيجة المتوقعة. ولكن عندما تأتي النتائج بعكس ما
أخبره ذلك المشعوذ فإنه سيُصاب بالإحباط والاكتئاب وهذه أمراض
نفسية خطيرة جداً.
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أرسله الله رحمة للعالمين
حرص على كل مؤمن وجعله يرضى بقضاء الله تعالى، وربما نعلم كيف كان
الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه الاستخارة
كما يعلمهم القرآن.
ومن ضمن دعاء الاستخارة:
(اللهم اقدُر لي الخير حيث كان ثم رضني به)
فتأمل هذا الدعاء كم هو مريح للمؤمن، حتى يصبح مطمئن النفس، وخالياً
من أي اضطراب أو خلل. ويخبرنا علماء النفس اليوم بأن السبب الأول
لكثير من الأمراض العصبية والنفسية هو عدم الرضا عن الواقع الذي
يعيشه المريض.
يوجد في الكون بلايين المجرات وبلايين البلايين من النجوم، وبلايين
السحب من الدخان الكوني، وبلايين النيازك وبلايين الكواكب، وبلايين
الثقوب السوداء، وبلايين النجوم النيوترونية الثاقبة، ويوجد أيضاً كميات
كبيرة من المادة المظلمة والطاقة المظلمة تعادل 96 بالمئة من حجم الكون،
وجميع هذه المخلوقات تبث الأشعة ويصل منها إلى الأرض ما شاء الله،
فكيف نهمل كل هذا الكم الهائل ونقول إن نجماً على بعد كذا وكذا يتحكم
برزقك وأجلك وعاطفتك!!! ونقول لكل من يقتنع بهذه التنبؤات والأبراج:
ما لكم كيف تحكمون!!
كما أن علم النفس الحديث يخبرنا بأن هؤلاء الذين يبنون حياتهم على
أساس التوقعات ومحاولة معرفة المستقبل غالباً ما نجدهم يصابون
بالصدمات النفسية نتيجة خيبة أملهم في كذب هذه التوقعات، وهذا يولد
شيئاً من الإحباط مما يؤدي إلى حالات الاكتئاب.
إن الإنسان الذي ينتظر ماذا تقول له الأبراج يكون في الغالب غير مستقر
من الناحية النفسية. وتظهر لديه اضطرابات نفسية عديدة بسبب الترقب
الدائم والانتظار لتحقيق شيء ما، فإذا لم يتحقق ما كان ينتظره فإن الغضب
والانفعالات النفسية المختلفة سوف تسيطر عليه.
وهذا ما أكده رسول الخير صلّى الله عليه وسلم عندما قال:
(من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)
[رواه أحمد].
ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم يريدنا أن نبني
عقيدتنا على أساس علمي بعيداً عن الأكاذيب، وفي هذا ردّ على من يدّعي
أن الإسلام دين الأساطير والخرافات، وأنه لا يقوم على أساس علمي!
وهكذا نجد أن الذي يتبع هذه الأكاذيب غالباً ما ينفق الأموال في سبيل
معرفة الغيب. إذن عندما نهى الرسول صلّى الله عليه وسلم عن هذا التنجيم
إنما حفظ مال المؤمن وحافظ على استقراره النفسي وأبعده عن الجهل
والأكاذيب. وصدق الله عندما وصف رسوله بقوله:
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم
بالمؤمنين رؤوف رحيم) [التوبة: 128] .
إن الحكمة تظهر بشكل مستمر وكلما تطورت العلوم في أحاديث المصطفى
صلّى الله عليه وسلم. ولا يزال عدد كبير من الأحاديث الشريفة تنتظر
من يتدبّرها ليرى روعة الإعجاز العلمي فيها. فقد حرم الرسول الكريم
صلّى الله عليه وسلم وكذلك القرآن أشياء كثيرة مثل النميمة والغيبة
والتجسس وأكل مال اليتيم والربا وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
والنظر إلى ما حرم الله وغير ذلك كثير. وجميع هذه الأشياء التي نهى عنها
الإسلام لا بد أنها تورث صاحبها أمراضاً خطيرة جسدية ونفسية.
من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
الجمعة، 19 فبراير 2021
روائع الإعجاز النفسي (78)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق