السؤال :
سمعت حديثا عن يوم القيامة ولا أعرف نصه بالتحديد ،
ولكنني سوف
أكتب لكم معنى الحديث ، وأرجو أن تصححوه إذا احتاج
لذلك
وأن تشرحوا الحديث لي . يقول الحديث فيما معناه
:
( يكثر القتل يوم القيامة ولا يعرف من قتل فيما قتل
،
ولا يعرف القاتل لماذا قتل ، ويكون القاتل والمقتول
في النار )
الجواب :
الحمد لله
هذا الحديث من فتن آخر الزمان التي حدثنا عنها رسول
الله صلى الله
عليه وسلم مما هو كائن قبل يوم القيامة لا أثناءه ،
وذلك حين يكثر الجهل
ويرفع العلم ، ويقل الصالحون ، ويكثر المفسدون ، وتقع
الأحداث العظام
، فحينها يكثر القتل بين الناس ، وينتشر الهرج بينهم
، ويكون ذلك
في فتن عظيمة يحار فيها الناس ، ولا يميزون – لجهلهم
ولشدة الفتن
يومئذ – الحق من الباطل ، والصواب من الخطأ ، وإنما
يتحزبون لأطماع
الدنيا ، وأهواء النفس وشهواتها ، فيقع القتل ، ولا
يدري القاتل
لماذا قَتَل ، ولا يدري المقتول عن سبب قتله
.
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ :
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ
الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ
عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ
قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ
قُتِلَ
فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ
، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ
)
رواه مسلم (2908)
وعنه رضي الله عنه قَالَ
:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:
( لَا
تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ
الزَّلَازِلُ
وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ،
وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ
وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ
فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ )
رواه البخاري (1036) ومسلم
(157)
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال
:
( كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُحَدِّثُنَا
أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ . قِيلَ :
وَمَا الْهَرْجُ ؟
قَال :الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ . قَالُوا : أَكْثَرَ
مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ ؟
قَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ ،
وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ
بَعْضًا
حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ ، وَيَقْتُلَ
أَخَاهُ ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ
.
قَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا
؟ قالَ : لَا
إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ
الزَّمَانِ ، حَتَّى يَحْسَبَ
أَحَدُكُمْ
أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ
)
رواه أحمد في " المسند " (32/409) وصححه المحققون في
طبعة
مؤسسة الرسالة، وصححه الشيخ الألباني
في "
السلسلة الصحيحة " (رقم/1682)
يقول القرطبي رحمه الله
:
" بيَّنَ هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من
طلب دنيا
أو اتباع هوى ، فهو الذي أريد بقوله : ( القاتل
والمقتول في النار ) "
انتهى." فتح الباري " (13/34)
ويقول الإمام النووي رحمه الله
:
" وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على
من لا تأويل له ،
ويكون قتالهما عصبية ونحوها
"
انتهى." شرح مسلم "
(18/15)
والذي يتحصل من هذه الأحاديث أن القتل يكثر في آخر
الزمان
ولا يكون مبرَّرًا معروف الأسباب
،
وذلك يمكن أن يقع في الحالات الآتية
:
1-في حالات قتال الفتنة التي يشتبه فيها الحق بالباطل
، فلا يظهر للناس
وجه الصواب فيها، ويقع القتال بينهم ، فلا يدري حينئذ
القاتل فيم قَتَل ،
ولا المقتول لماذا قُتِل ، ومعنى : ( لا يدري )
الواردة في الحديث – بناء
على هذا الوجه - أنهم لا يعرفون الحق من الباطل في
الفتنة التي أدت
إلى القتل ، وإلا فهم يعرفون وقوع الفتنة نفسها
.
2-وقد يقع مثل هذا القتل أيام الحروب العصبية ، التي
يقع فيها القتل
بسبب التعصب للقبيلة أو الطائفة ، ويكون المقاتل
جاهلا أهوجَ ،
إنما شارك في القتال لاستغاثة أهل قبيلته أو طائفته
به ،
وهو لا يدري عن سبب وقوع القتال شيئا
.
3-ويمكن أن يكون في حالة وقوع القتل العشوائي العام ،
كالقتل بأسلحة
الدمار الشامل ، فيصاب بهذه الأسلحة كثير من الأبرياء
،
فلا يعرف المقتول لماذا قتل ، ولا يعرف القاتل لماذا
قتل هؤلاء الأبرياء ،
فجملة ( لا يدري ) في الحديث على حقيقتها ، فلا
القاتل ولا المقتول
يعرفان سبب القتل ، لأنه قتل عشوائي
.
4-ومنه أيضا : ما يحصل من السفهاء من التحرش بالناس
بالقتل
لسفاهته وحمقه والتذاذه، فيقتل الآخرين ، فيصدق
عليهما الحديث .
5-ومنه أيضاً : أن المعنى ( لا يدري ) أي : الوجه
الشرعي في القتل ،
كما جاء في " مرقاة
المفاتيح
شرح مشكاة المصابيح " (15/352) ترقيم الشاملة:
"
( لا يدري القاتل فيم قَتل
)
أي : المقتول هل يجوز قتله أم لا
،
( ولا المقتول )
أي : نفسه أو أهله ( فيم قُتل ) هل بسبب شرعي أو
بغيره
كما كثر النوعان في زماننا"
انتهى.
وعلى كلٍّ : نسأل الله تعالى السلامة
والعافية
وأن يحفظنا والمسلمين من هذه الأحوال .
والله أعلم .
الإسلام سؤال
وجواب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق