-
عامَّة :
وهى التى تخصُّ عامَّة الخَلْق، وهى التي يجدها العبد
عند القيام
بوظائف العبوديَّة، وهي التي تورث الخشوع والخضوع،
وجمعيَّة القلب على الله، بحيث يؤدِّي عبوديَّته
بقلبه وبدنه قانتًا لله عزَّ وجلَّ .
2- خاصَّة :
وهى التي تخصُّ أتباع الرُّسل بحسب متابعتهم، وهي
سَكِينة الإيمان،
وهي سَكِينةٌ تُسَكِّن القلوب عن الرَّيب والشَّك،
ولهذا أنزلها الله على المؤمنين في أصعب المواطن،
أحوج ما كانوا إليها،
{ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ
الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ
اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
[
الفتح: 4 ]
فذكر نعمته عليهم بالجنود الخارجة عنهم، والجنود
الدَّاخلة فيهم،
وهي السَّكِينَة عند القلق والاضطراب .
أعلى مراتبها وأخصُّ أقسامها:
أعلى مراتب السَّكِينَة وأخصُّ أقسامها هي: سَكِينة
الأنبياء،
وقد ذكر ذلك ابن القيِّم وأورد لها أمثلة، فقال: ومن
أمثلتها:
- السَّكِينَة التي حصلت لإبراهيم الخليل، وقد أُلْقي
في المنْجَنِيق مسافرًا
إلى ما
أَضْرَم له أعداء الله من النَّار، فللَّه تلك
السَّكِينَة
التي
كانت في قلبه حين ذلك السَّفر.
- السَّكِينَة التي حصلت لموسى، وقد غشيه فرعون وجنوده
من ورائهم،
والبحر
أمامهم، وقد استغاث بنو إسرائيل: يا موسى إلى أين تذهب بنا؟!
هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون خلفنا.
- وكذلك السَّكِينَة التي حصلت له وقت تكليم الله له
نداءً ونجاءً، كلامًا حقيقةً،
سمعه حقيقةً بأذنه.
- وكذلك السَّكِينَة التي حصلت له، وقد رأى العصا
ثعبانًا مبينًا.
- وكذلك السَّكِينَة التي نزلت عليه، وقد رأى حبال
القوم وعِصِيَّهم كأنَّها تسعى،
فأوجس في نفسه خِيفةً.
- وكذلك السَّكِينَة التي حصلت لنبينا صلى الله عليه
وسلم وقد أشرف عليه
وعلى
صاحبه عدوُّهما، وهما في الغار، فلو نظر أحدهم إلى تحت قدميه
لرآهما.
-
وكذلك السَّكِينَة التي نزلت عليه في مواقفه العظيمة،
وأعداء الله قد أحاطوا به،
كيوم بدر، ويوم حُنين، ويوم الخندَّق
وغيره.
فهذه السَّكِينَة أمر فوق عقول البَشَر، وهي من أعظم
معجزاته عند أرباب
البصائر، فإنَّ الكذَّاب -ولا سيَّما على الله-
أَمْلَق ما يكون،
وأخوف
ما يكون، وأشدُّه اضطرابًا في مثل هذه المواطن،
فلو لم يكن للرُّسل –صلوات الله وسلامه عليهم- من
الآيات
إلَّا هذه وحدها لكفتهم .
صور السَّكِينَة ودرجاتها:
قال صاحب المنازل :
[ السَّكِينَة: اسم لثلاثة أشياء:
أوَّلها: سَكِينة بني إسرائيل التي أعطوها في
التَّابوت.
السَّكِينَة الثَّانية: هي التي تَنْطِق على لسان المحدَّثين، ليست هي شيئًا
يُملك،
إنَّما
هي شيء من لطائف صنع الحقِّ، تُلقى على لسان المحدَّث
الحِكْمة،
كما
يُلقي الملَك الوحي على قلوب الأنبياء، وتنطق بنُكَت الحقائق
مع ترويح الأسرار، وكشف الشُّبه.
السَّكِينَة الثَّالثة: هي التي نزلت على قلب النَّبي، وقلوب المؤمنين،
وهي شيء يجمع قوَّةً وروحًا، يَسْكن إليه الخائف،
ويتسلَّى به الحزين والضَّجِر،
ويَسْكن
إليه العَصِيُّ والجريء والأَبِيُّ.
وأمَّا سَكِينة الوَقَار التي نزَّلها نعتًا
لأربابها: فإنَّها ضياء.
تلك السَّكِينَة الثَّالثة التي ذكرناها، وهي على
ثلاث درجات:
الدَّرجة الأولى: سكينة الخشوع عند القيام للخدمة: رعاية وتعظيمًا
وحضورًا.
الدَّرجة الثَّانية: السَّكِينَة عند المعاملة بمحاسبة النفوس، وملاطفة
الخلق، ومراقبة الحق.
الدَّرجة الثَّالثة: السَّكِينَة التي تثبِّت الرِّضَى بالقَسْم، وتمنع من
الشَّطْح الفاحش،
وتوقِّف
صاحبها على حدِّ الرُّتبة، والسَّكِينَة لا تَنْزل إلَّا في قلب
نبيٍّ أو وليٍّ ]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق