أولًا
: أخبر سبحانه أن ملك الموت يقبض أرواح بني آدم ، فقال : ( قُلْ
يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى
رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة/11.
وأما
أرواح البهائم والطير ، فلم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة الصحيحة ـ
فيما نعلم ـ ، وإنما ورد في ذلك حديث لا يصح ، وهو ما رواه العقيلي قي
الضعفاء بلفظ: ( آجال البهائم كلها من القمل والبراغيث والجراد والخيل
والبغال كلها والبقر وغير ذلك ، آجالها في التسبيح ، فإذا انقضى تسبيحها
قبض الله أرواحها ، وليس إلى ملك الموت من ذلك شيء ).
قال
الألباني في “السلسلة الضعيفة” : موضوع . ولهذا قال بعض أهل العلم : إن
ملك الموت هو الذي يقبض أرواح الجميع ، وقال بعضهم : إن الله يتوفاها بنفسه
، فيعدم حياتها . وينظر : “التذكرة” للقرطبي ، “الفواكه الدواني” .
وذهب
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله إلى أن البحث في ذلك من التكلف ، فقد سئل رحمه
الله : ” هل ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات؟ فأجاب : “ما رأيك إذا
قلت : إن ملك الموت موكل بقبض أرواح الحيوانات أو غير موكل ، ما الفائدة من
هذا ؟! هل سأل الصحابة عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ، هم أحرص منا على
العلم ، والرسول أقدر منا على الإجابة ، ومع ذلك ما سألوا ، إنما قال الله
عز وجل: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ)
السجدة/11، موكل بقبض أرواح بني آدم ، أما غير أرواح بني آدم لم يثبت ،
الله أعلم.
ولكننا
أهم شيء في جواب هذا السؤال أن الإنسان لا يتنطع ، قال النبي صلى الله
عليه وسلم: ( هلك المتنطعون ) فلا تسأل عن شيء ليس فيه فائدة ، والله لو
كانت فيه فائدة بعلمنا أن ملك الموت يقبض أرواح الحيوانات الأخرى لبينها
الله سبحانه وتعالى ، إما في القرآن أو السنة ، أو أن الله يقيض من يسأل
الرسول عن هذا ، ولهذا كان الصحابة يفرحون أن يأتي أعرابي من البادية يسأل
عن شيء ربما يستحون أن يسألوا الرسول عنه .
الحاصل
يا أخي أنت ومن يسمع أقول : إن التعمق في هذه الأمور خطأ ؛ لأن الرسول
قال: ( هلك المتنطعون ) ما قالها مرة : ( هلك المتنطعون، هلك المتنطعون،
هلك المتنطعون ) ثلاث مرات ، في مثل هذه الأمور الغيبية خذ ما ثبت ودع ما
لم يذكر … فعلينا يا إخواني! أن نأخذ من مسائل الغيب ما ثبت عندنا ،
والباقي نسكت عنه ، لو كلفنا به أو كان لنا مصلحة في معرفته لبينه الله ،
قال الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل/44 ،
فالرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً نحتاجه إلا بينه ” انتهى من “لقاء
الباب المفتوح” .
ثانيا
: أما مصير أرواح هذه الحيوانات ، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه وابن جرير
والبيهقي في “البعث” عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: ( وما من
دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب
من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) قال : يحشر الخلق كلهم يوم القيامة ، البهائم
والدواب والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء [التي لا
قرون لها] من القرناء. قال: ثم يقول : كوني ترابا. فلذلك يقول الكافر: (
يا ليتني كنت ترابا ) النبأ/ 40 . وينظر : “تفسير ابن كثير” .
قال
الألباني في “السلسلة الصحيحة” : ” أورده السيوطي في “الدر المنثور” و
لم يتكلم على إسناده كما هي عادته ، وهو عند ابن جرير قوي” انتهى. والله
أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق