عن عثمان بن عفان رضي الله عنه
قال
سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
يقول:
( ما من امرئ مُسلِم تَحضُرهُ صلاة مَكتوبَة فيُحسِنَ
وُضُوءها
وخُشوعَها ورُكوعَها إلاّ كانت كَفّارَة لِما قَبلَها
من الذُنوبِ
ما لم
تُؤتَ كَبيرة وذلك الدَهرَ كلَّه )
(رواه
مسلم)
. قال الله تعالى:
{ إن الصّلاةَ كانَت على المُؤمنينَ كِتابا موقوتا
}
وللتوقيت حكمة بالغة في
تطهير المؤمن وتذكرته مرة بعد أخرى خمس
مرات كل يوم وليلة في الصلوات الخمس ومرة كل أسبوع في
صلاة
الجمعة ومرتين في السنة في صلاتي العيدين ومرات في كل
حادث خاص
كالجنازة والكسوف والإستسقاء. وقد تكررت آيات الأمر
بإقام الصلاة
عشرات المرات في القرآن الكريم . وإقام الصلاة هو ليس
أداؤها قياما
وقعودا بل هو تنفيذ أركانها من خشوع وتفكر وتدبر
لآيات الله تعالى
ثم
إنعكاس ذلك بعد أدائها على فعله وتركه خارجها من إتباع
لأوامر
الله
تعالى وإنتهاء عما نهى عنه. فلا عجب إذا كانت الصلاة وسيلة
لتطهير العبد مما يعلق به بين الصلوات من شوائب
الدنيا وغفلة وصغائر
الذنوب . أما إذا ارتكبت الكبائر فتلك ذنوب كبيرة لا
تكفي الصلوات
الخمس لتطهيرها . والمؤمن الصادق أصلا مجتنب للكبائر
فهو يرجو
أن
يمنّ الله عليه بالمغفرة مرة بعد أخرى كل صلاة من الصلوات
المكتوبة
. وذلك الدهر كله ، فهو طاهر من الذنوب مستعد للقاء
ربه أية لحظة قدّر
الله عليه الموت فيها. والمسلم المستقيم يعبد الله
كأنه يراه ، والعبادة هنا
تشمل المعنيين: المعنى الإصطلاحي من صلاة وصيام وزكاة
، وما
سنذكره من عبادات أخرى في هذا الباب ، كما تشمل
العبادة بمعناها العام
وهي إخلاص النية لله في كل عمل من أعمال الدنيا
والآخرة إبتغاء مرضاة
الله تعالى . فإذا استشعر المسلم أن الله يراقبه على
الدوام كأنه يرى
الله
تعالى ، فإنه جعل في داخل نفسه ناصحا مراقبا له يسدده كلما أخطأ
،
وينصحه كلما إحتاج إلى نصيحة ، وهداه إلى الصراط
المستقيم كلما
أشكلت عليه الطرق ، والله تعالى أقرب للمرء من حبل
الوريد وهو الهادي
إلى سواء الصراط. لقد وصف الله الصلاة:
{ وإنَّها لَكَبيرَة إلاّ على الخاشِعينَ }
، فالصلاة عماد الدين ومن تركها فقد هدم دين نفسه ،
وأول ما يُسأل العبد
يوم القيامة عن الصلاة وكان من جملة آخر ما أوصى به
رسول الله
صلى
الله عليه وآله وسلم أمته بالصلاة . فالمؤمن الصادق لا يتهاون
بالصلاة أبدا ، ويحرص على أدائها جماعة أول وقتها إن
إستطاع وإلاّ
منفردا ضمن وقتها المسموح بها ولا يؤخرها إلى نهاية
الوقت إلاّ مضطرا
ولا بعد خروج وقتها ، وهو يصلي مع الفرائض الخمس
السنن الراتبة
ويصلي ما تيسر له من النوافل . وأهم ما يجب أن ينتبه
إليه المرء في
الصلاة هو ما ذكر في هذا الحديث من تحسين للوضوء
والطهارة التامة
والخشوع التام وإتمام الركوع والسجود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق