•
فإذا انتصب العبد قائماً بين يديه ، فإقباله على قيُّومية الله
و
عظمته فلا يتفلت يمنة و لا يسرة .
•
و إذا كبَّر الله تعالى كان إقباله على كبريائه و إجلاله و
عظمته.
و كان إقباله على الله
في استفتاحه على تسبيحه و الثناء عليه
و على سُبحات وجهه ، و
تنزيهه عمَّا لا يليق به ،
و يثني عليه بأوصافه و
كماله .
• فإذا استعاذ بالله من
الشيطان الرجيم ، كان إقباله على ركنه الشديد
،
و سلطانه و انتصاره
لعبده ، و منعه له منه و حفظه من
عدوه.
•
و إذا تلى كلامه كان إقباله على معرفته في
كلامه
كأنه يراه و يشاهده في
كلامه
كما قال بعض السلف
:
[ لقد تجلّي الله لعباده
في كلامه.
و الناس في ذلك على
أقسام و لهم في ذلك مشارب ، و أذواق
فمنهم البصير ، و الأعور
، و الأعمى ، و الأصم ،
و الأعمش ، و غير ذلك
]
•
في حال التلاوة و الصلاة ، فهو في هذه
الحال
ينبغي له أن يكون مقبلاً
على ذاته و صفاته و أفعاله
و
أمره و نهيه و أحكامه و أسمائه.
•
و إذا ركع كان إقباله على عظمة ربه ، و
إجلاله
و عزه و كبريائه ،
و
لهذا شرع له في ركوعه أن يقول :
[ سبحان ربي العظيم ]
•
فإذا رفع رأسه من الركوع كان إقباله على حمد
ربه
و الثناء عليه و تمجيده
و عبوديته له
و
تفرده بالعطاء و المنع.
•
فإذا سجد ، كان إقباله على قربه ، و الدنو منه
،
و الخضوع له و التذلل له
، و الافتقار إليه
و الانكسار بين يديه ، و
التملق له.
•
فإذا رفع رأسه من
السجود جثى على ركبتيه ،
و كان إقباله على غنائه
وجوده ، و كرمه و شدة حاجته إليهنّ ،ن
و تضرعه بين يديه و
الانكسار ؛
أن يغفر له و يرحمه ، و
يعافيه و يهديه و يرزقه .
•
فإذا جلس في التشهد فله حال آخر ،
و
إقبال آخر يشبه حال الحاج في طواف الوداع
،
و استشعر قلبه الانصراف
من بين يدي ربه
إلى
أشغال الدنيا و العلائق و الشواغل التي قطعه عنها
الوقوف
بين يدي ربه و قد ذاق قلبه التألم و العذاب
بها
قبل دخوله في الصلاة ،
•
فباشر قلبه روح القرب ، و نعيم الإقبال على الله تعالى
،
و عافيته منها و
انقطاعها عنه مدة الصلاة ،
ثم استشعر قلبه عوده
إليها بخروجه من حمى الصلاة ،
فهو يحمل همَّ انقضاء
الصلاة و فراغه منها
و
يقول :
ليتها
اتصلت بيوم اللقاء .
و
يعلم أنه ينصرف من مناجاة مَن كلّ السعادة في مناجته
،
إلى
مناجاة من كان الأذى و الهم و الغم و النكد في مناجاته
،
و لا يشعر بهذا و هذا
إلا من قلبه حي معمور بذكر الله و محبته
،
و الأنس به ، و من هو
عالم بما في مناجاة الخلق و رؤيتهم ،
و مخالطتهم من الأذى و
النكد ، و ضيق الصدر و ظلمة القلب ،
و فوات الحسنات ، و
اكتساب السيئات ،
و تشتيت الذهن عن مناجاة
الله تعالى عز و جل .
أسرار
الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم
الجَوزيَّة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق